رأي

من هي المرأة الناجحة؟…كيف تثبت ذاتها؟

لا ينكر عاقل التدني الأخلاقي الشديد الذي تعانيه مجتمعاتنا الاسلامية، وبدايته الانحلال الذي يدبّ في أوصال الأسرة، وإنما تمّ ذلك بعد إصابة المرأة في مقتل من طرف الوافد الغربي وحركة النسوية، فتركت تربية الأجيال وتقوى الله وحسن التبعل للزوج، وأصبحت تسوقها أوهام التحرر والنجاح وإثبات الذات، وهي لا تنتبه إلى أنها غدت أداة لهدم المجتمع.

· المسلمة والنجاح وإثبات الذات: لقد أصيبت المرأة المسلمة بهوس “النجاح وإثبات الذات”، أصيبت بهذا الداء يوم اقتنعت بمزاعم الحضارة الغربية وأسلمت قوادها – بشكل مباشر أو غير مباشر – للحركة الأنثوية (التي تريد نقل النساء من ناقصات عقل ودين إلى عديمات عقل ودين)، الحضارة الغربية المتفوقة والمتبرجة صارت هي القدوة وهي مصدر الثقافة على حساب الثقافة الذاتية والمرجعية الإسلامية، والفيمينيزم يبشر المرأة بالتحرر والانعتاق من القيود وتسنّم أعلى مراكز الرقي…كيف؟ بالتخلص من “التقاليد البالية” أي الضوابط الدينية والقيم الخلاقية، ومن وصاية الذكورية، وذلك بالتمرد على “الرجل” أي الأب والأخ والزوج، حتى لا يبقى عليها رقيب إلا الضمير المعجون بالفكر الغربي…هذا ما وصلت إليه المرأة المسلمة بعد عقود من الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية الذي دارت رحاه على أرضنا بأدوات محلية أساءت في إعادة الاعتبار للمرأة المسلمة حين رأت ألا حل لها إلا بتقمص شخصية المرأة الغربية وثقافتها، بحلوها ومرها، وخيرها وشرها، ما يحمد منها وما يعاب…انطلقت الحملة على يد قاسم أمين ومرت عبر “نضالات” ونماذج متعددة في طول البلاد الإسلامية انتهت إلى نوال السعداوي وشبيهاتها من عصارة العلمانية المتطرفة في مصر وتونس ثم الجزائر وغيرها.

لم تكن المرأة المسلمة قديماً تشعر بالنقص أو الفشل لأن النجاح والفلاح يومها كان يتمثل في استقرار بيتها ورضا زوجها وتربية أبنائها ليكونوا رجالا، وبناتها ليكنّ نساء، لكن خدعوها فقالوا لها البيت سجن! وإرضاع الأطفال تخلف! وطهي الطعام بدائية!
أقنعوها أن مكانها الطبيعي ليس البيت لكن خارجه، إلى جوار الرجل في المصنع وفي قيادة الحافلة و في الشارع، وما زلنا نذكر تلك التظاهرة النسوية التي جابت منطقة الصابليت les sablettes (وفيها بعض التيوس) وهي تردد بكل وقاحة وغوغائية “.بلاسطي ماشي ف الكوزينة”…شعار آثم غبي يضاد الشعار الرباني الذي تربت عليه المرأة المسلمة مدة قرون فكانت عزيزة مكرمة راضية مرضية: “وقرن في بيوتكن”، هكذا غلب الفكر الوافد المناهض للفطرة السليمة الفكرَ الإسلامي الأصيل، فكان الانحراف الفكري والسلوكي المؤذن بخراب المجتمعات الإسلامية كما خربت المجتمعات الغربية وتلك التي تبنت رؤيتها واتبعتها شبرا بشبر وذراعا بذراع.

· المرأة أداة لهدم المجتمع: كنا نقرأ عن نظريات اليهود والماسونية لهدم المجتمعات، وكان هناك من يعدها مجرد تلفيق لكن تطورات الواقع في الحقبة الخيرة يؤكدها وكأنها بالفعل برنامج عملي يتم تنفيذه بدقة، ويتمثل في تقويض أركان المجتمع بدهم الأسرة والتعليم والقدوات المجتمعية العليا.

بدأ تغييب دور الأم بتكليفها باعمال الرجل، وجعلها مشغولة بالعمل خارج البيت أطول وقت ممكن، وكذلك الانخراط في المهرجانات والحفلات، انتهاء بجعلها تخجل من كونها ربة بيت، ثم بجعلها تغير خلق الله فتصبح “رجلة”، لا هي امرأة ولا هي رجل…بهذا ضاع معنى الأسرة وواجبات الأمومة والزوجية حتى أصبحت تقول: لا حاجة لنا نحن النساء بالرجال، فلا رجل ينفع امرأة وإنما تنفعها دراستها ومالها وشهادتها وتطويرها لذاتها.

أن هناك صنفا من البشر يعيشون فى دور الضحية ويحاولون إقناعك طوال الوقت أنك ظالمهم .. فى حين أنهم هم الظالمون ولكن لا يشعرون…ومنهم المرأة المعاصرة، وقد انقلب الوضع الطبيعي للعلاقة بين الجنسين بحيث أصبح الرجل يسعى حثيثا ليلبي الحاجات النفسية للمرأة، ويتطورُ أمره في ذلك، ويقدم التنازلات حتى يمسي أكثر أنوثة، عندها تفقد المرأة الانجذاب نحوه، لأنها أمام أنثى مثلها، ويصطدم كل منهما بجدار لأنه لا يمكن أن يبنى بيت على رجليْن أو امرأتين، فتفطن الفكر الغربي المنحرف إلى “المثلية” المؤذنة بزوال النوع البشري و خراب الحياة.

فمتى تبلغ المرأة المسلمة سن الرشد والتفكير والمسؤولية وتعلم أن خلف كل أسرة ناجحة امرأةً صالحة واعية، وخلف كل أسرة مخربة امرأة مخطوفة ذهنيا ونفسيا؟

· والحل؟ يجب العمل من أجل مشروع حضاري للأمة الإسلامية على أنقاض الهيكل الاجتماعي الغربي الذي تم إنشاؤه على مدى الثلاثين عاما الماضية على أساس الإلحاد وأيديولوجية نظرية التطور، ويجب إبراز مرجعية نسوية جديدة تحتل فيها المرأة الفلسطينية دور النموذج ، مربية الأبطال، التي تتحدى النار والحصار والدمار والإنهيار والإغتيال والسجون وقلة المأكل والمشرب والبطالة والظلم والإستدمار والإحتقار، عفيفة متدينة، طاهرة، هي شبيهة المرأة الجزائرية أيام حرب التحرير، التي حرصت على تنشئة أبنائها تنشئة دينية اخلاقية قوية، أشبعتهم بغض المستعمر وحب النصر والاستشهاد…وشتان بين جيل الأبطال وجيل الأنذال – من غير تعميم مجحف بطبيعة الحال – ، وهو ما نعانيه حين تخلت المرأة عن عرشها ومكانتها وأخلاقها وأنوثتها، واصطفت مع التمرد على الرجل لتثبت ذاتها !!! فكانت النتيجة أن أطلت الشياطين بقرونها في شكل طابور من المخنثين،واللواطيين،والمثليين، والمسترجلات الغير مبالين بدينهم ولا وطنهم ولا رجولتهم ولا أنوثتهن.

فلنعلم كلنا أن النسوية نخَرت دماغ المرأة المسلمة، بل وعششَّت فيه حتى عند بعض المُتأسلمات وبعض الذكور الذين اتخذوا قضية المرأة سلما للصعود أو إشباعا للأهواء والشهوات المحرمة.

عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى