أحوال عربية

منعطف جديد للقضية الفلسطينية

راني ناصر


ادى انهيار الموقف الرسمي العربي تجاه القضية الفلسطينية وخضوعه بالكامل للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية، وتحول منظمة التحرير الفلسطينية الى جهاز أمني تابع لدولة الاحتلال الى إعلان تركيا تقديم مصالحها على حساب المبادئ والأفكار الأيدولوجية بتصريح وزير خارجيتها في 2022/8/17 عن اعادت علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع دولة الاحتلال، وتبادل السفراء بينهما دون ان تقدم إسرائيل أي تنازلات للفلسطينيين.
لقد قدمت تركيا مصالحها على حساب دعمها للقضية الفلسطينية لأنها لم تجني أي دعم سياسي واقتصادي من محيطها العربي؛ فقد شهدت محاولة انقلاب فاشلة على نظامها الديموقراطي بدعم أطراف عربية في 2016، وواجه اردوغان حملة مسعورة من قبل اعلام التطبيع العربي وصلت لحد اتهامه بدعم الإرهاب؛ ونسق المطبوعون العرب مع الولايات المتحدة لضرب الاقتصاد التركي من خلال مقاطعة صادراتها خصوصا من قبل بعض دول الخليج، والحد من استثماراتها في تركيا لضرب قيمة عملتها مقابل الدولار الامريكي، وتقويض دورها الإقليمي لصالح دولة الاحتلال.
واضافة الى ما سبق ذكره، ساهمت السلطة الفلسطينية في تقويض محاولة تركيا الضغط على دولة الاحتلال من خلال تنسيقها أمنيا مع الكيان الغاصب، وتجريمها حق المقاومة الفلسطينية المشروع في الدفاع عن الشعب الفلسطيني الأعزل، وتحالفها مع أنظمة عربية معادية لتركيا.
ولهذا شهدت العلاقات التركية الاسرائيلية تقلبات عدة في السنوات الأخيرة؛ فقد تدهورت العلاقات بين تركيا والكيان المحتل بعد انسحاب اردوغان من المؤتمر الدولي في دافوس احتجاجا على قصف قوات الاحتلال غزة في 2009، وسحبت انقرة سفيرها، وقلصت حجم التعاون في مجالي الاقتصاد والدفاع مع الدولة العبرية في 2010 احتجاجا على مقتل 10 اتراك في الهجوم الإسرائيلي على سفينة “مرمرة” التركية التي كانت تسعى لإيصال مساعدات الى قطاع غزة، وفك الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليها منذ العام 2007.
وبعد ثلاث سنوات انفرجت العلاقات التركية الإسرائيلية تدريجيا بعد قبول اروغان اعتذار رئيس وزراء دولة الاحتلال الاسبق نتنياهو، وذلك بعد اعلان الأخير تقديم تعويضات مالية لأسر القتلى. وفي 2018 توترت العلاقات مرة أخرى بعد استدعاء البلدين سفيريهما في نفس اليوم الذي نقلت أمريكا سفارتها الى القدس، واتهام أردوغان إسرائيل بإرهاب دولة بعد قتلها عشرات الفلسطينيين.
وفي نوفمبر الماضي اعلن اردوغان مصالحة تدريجية مع إسرائيل بعد ان اجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، ومن ثم افراج انقرة عن سائحين إسرائيليين كانا محتجزين لديها بتهمة التجسس، وفي يناير من العام الجاري ابدى اردوغان استعداد بلاده للتعاون مع دولة الاحتلال في مشروع خط انابيب غاز في شرق البحر المتوسط..الخ.
يبدو ان أردوغان المعروف بتغيير مواقفه خدمة لمصالح بلاده وطموحاته السياسية قد أصيب بخيبة امل من مواقف السلطة الوطنية الفلسطينية وبعض الدول العربية تجاه تركيا، ومن تعاملها الانهزامي مع ثوابت القضية الفلسطينية، وقرر إعادة علاقات بلاده مع دولة الاحتلال. لكن بدون أي شك ان القضية الفلسطينية خسرت حليفا مهما لها في المنطقة، حيث ان عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين تركيا وإسرائيل لا تصب الا في مصلحة دولة الاحتلال التي تسعى الى تطبيع مجاني مع أكبر عدد من الدول العربية والإسلامية لتثبيت احتلالها لفلسطين، وترسيخ الانشقاق بين دول المنطقة للحيلولة دون تطوير العلاقات المشتركة بينها، خاصة تلك التي تهدد او تتعارض مع مصالح إسرائيل في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى