ثقافة

مفهوم العشيرة والعشائرية

فهد احمد ابو شمعه

اولا لنعترف ان العشيرة (والعشائرية) شكلت احد العوائق في طريق مرورنا نحو الحداثة ناهيك عن ما بعد الحداثة .. ولكن ..ولكن شئنا ام ابينا فالعشيرة تحتل مكانه بارزة في مجتمعاتنا العربية واثبتت على مدى التاريخ انها اقوى من اي حاضنه او رابطة اخرى كرابطة الحزب او التنظيم او حتى الروابط الايديولوجية او المؤسسات المدنية فجميعها قد تترهل وتضعف وتتلاشى باختلاف الظروف والمصالح والاوضاع الداخلية والخارجية المحيطه بها والتاريخ شاهد على ذلك.
لا نستطيع الا ان نقر ان العشيرة والعشائرية رغم مساؤها الكثيرة قدمت شكلا من اشكال الاعتزاز وشكلت وتشكل كابحا وصمام امان للحفاظ على كثير من القيم والمبادئ المتأصلة في المجتمع وفي وجدان الانسان العربي وساهمت وتساهم في ضبط سلوك الافراد وبث روح التعاون والتكافل الاجتماعي بينهم كما لعبت دورا هاما في حل الكثير من النزاعات المستعصية التي عجزت عن حلها ساحات القضاء .. كما حفظت العشيرة كثير من السمات الحميده في الفرد كالنخوة والشهامة وشرف العائلة وغيرها .. تلك السمات التي كادت ان تختفي في المجتمعات المنفتحه .
وحتى لا نخلط ما بين مفهوم العشيرة والعشائرية بمعناها الاخر او السلبي حين تعني تقوقع العشيرة على ذاتها والاستقواء والاستعلاء على من حولها والتدخل في شؤونهم الخاصة والميل الى الاستقلال عن المحيط بدوافع عنصرية فهنا تتحول الى معول هدم وخراب في المجتمع وتعكس عقلية بدائية .
للاسف تم استغلال العشائرية من قبل الكثير من الانظمة الدكتاتورية في الوطن العربي واستغلوها كركيزة لتثبيت حكمهم .. وحتى الاحتلال الاسرائيلي لعب مرارا على وتر العشائرية وحاول استغلالها ونجح في بعض الاحيان كموضوع روابط القرى في الثمانينات من القرن الماضي والحالة الدرزية والبدوية في عرب الداخل المحتل حيث لعب بعض مشايخ عشائرهم دورا سلبيا ضد مصلحة الوطن حين غلبو مكتسبات ومصالح شخصية وفئوية على المصلحه العامه للوطن.
ما نسعى ونرنو ونرمي اليه هنا هو بناء او اعادة انتاج العشيرة لتشكل وحده اجتماعية فاعلة ومتماسكة ومتحابة ومتعاضضة تمد جسور المحبه والالفه والتعاون بينها وبين جميع اطياف وفئات المجتمع وتثبت وجودها من خلال تقديم انجازات حيويه حقيقية على ارض الواقع وتساهم في بناء الوطن وتمد له يد العون في جميع المجالات وتحترم قانونه.
رغم اختلاط المفاهيم حول مفهوم العشائرية ورغم اني قد ابدو مجملا لواقع لا يجمل ولانها قائمة ومتغلغلة في كافة جوانب حياتنا فالاجدى بنا ان نستثمرها بطريقة ذكية ونوجهها لخدمة الوطن والمواطن ونجعلها قابلة للتطور كمرحلة انتقالية لتتماشى الى حد ما مستقبلا مع الخطوط العريضة للمجتمع المدني والحداثة مع الحفاظ على قيمنا وشيمنا كعرب وشرقيين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى