أحوال عربيةتقارير

معلومات جديدة حول مذبحة الساحل السوري

مذبحة الساحل السوري ليست ضد العلويين!

زاهر بولس

للوهلة الأولى قد يعتقد معظم المتابعين للأخبار، وهم معظم الناس، أنّ النظام الجديد في سوريا بقيادة أحمد الجولاني، ولاحقًا الشرع، أو فصائل النظام الجديد المسلّحة وعناصره، ولا فرق بين هذا وذاك، هم من قاموا بمذبحة آذار 2025 في الساحل السوري الذي معظم قاطنيه من الطائفة الإسلاميّة العلويّة، ولكنّ هذا الاستنتاج لا يتعدّى كونه سرابًا شكّلته سيطرة الغرب شبه المطلق على الإعلام العربي والغربي! الذي حصر الحدث بكونه صراعًا مذهبيًا سنيّا- علويًا، انتقاميًا، وردًا على تدخّل ايراني بتحريك مريدي النظام السابق!، وإن بدا ظاهر الإمر كذلك، إلا أنّ دروس التاريخ من الصراع الجيوسياسي تشي بغير ذلك. فما الإختلاف وما المشترك بين غزّة فلسطين وجنوب لبنان والساحل السوري موضعيًا؟ رغم جدليّة الموضعي والإقليمي والعالمي.

الحرب لا تبدأ بالنار، بل ببرمجاتها بعيدة المدى، فحين اشتعلت الحرب الإقليميّة ذات الأذرع العالميّة، في السابع من تشرين الأوّل من العام 2025، انطلقت البرمجات الجاهزة إلى حيّز التنفيذ ما أمكن، ومن بين أهم عوامل هذه الحرب هو:

1- مصادر الطاقة: السيطرة على مصادر الطاقة مقابل شواطئ ساحل غزّة وساحل لبنان والساحل السوري، عن طريق تهجير أهل البلاد بساطور المذابح، والتواجد العسكري المباشر للولايات المتحدة الأمريكيّة، دون الاتكال أو الاكتفاء بالوكيل الصهيوني أو السوري. وهذا ما يفسّر محاولة بناء ميناء عائم أمريكي في غزّة، الأمر الذي أفشلته المقاومة الفلسطينيّة، وليست الرياح العاتية كما ادّعوا. وهذا ما يفسّر محاولة الكيان اجتياح الساحل الجنوبي اللبناني، الأمر الذي أفشلته المقاومة الإسلاميّة في لبنان/ حزب الله، ومن هذا الباب تجب رؤية المذبحة الأخيرة التي قام بها النظام السوري الجديد وفصائله المسلّحة في خدمة المشروع الأمريكي، ومن هذا الباب تجب رؤية تباكي الإدارة الأمريكيّة على الأقليّات! في سوريا والدعوة لحمايتهم غربيًا! فاليد حماية انسانيّة والصوت صوت الغاز الطبيعي والنفط.

2- الفراغ العسكري: عند انسحاب المقاومة الفلسطينية من لبنان بعد اجتياح الكيان لها عام 1982، راسمة مشهدًا بطوليًا بانسحابها مع سلاحها دون تسليمه للكيان، والحال واحد، إذ حين تمّ إفراغ الميدان من المقاومين الفلسطينيين وسلاحهم نحو تونس، قامت القوى المسلّحة الموالية للولايات المتحدة الأمريكيّة، وعلى رأسها الكيان وقوّات الكتائب، بمذبحة صبرا وشاتيلا. وهذا ما كان سيحدث لو سلّم حزب الله سلاحه بعد انسحابه إلى ما بعد نهر الليطاني، وهذا ما حدث عندما سلّم جنود الجيش العربي السوري سلاحهم بعد تغيير النظام، فكانت مجزرة الساحل السوري، وإن كان معظم ضحاياها من المدنيين العلويين، لكن السبب المخفي هو تطهير الساحل من أهله في خدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكيّة. وهذا ما سيحدث إذا ما سلّمت المقاومة الإسلاميّة سلاحها في غزّة، وربما بأيدٍ فلسطينيّة بذريعة المصالح الفلسطينيّة العليا!

3- أنابيب إمداد الطاقة لأوروبا: إن من أهم أسباب اندلاع ما سمّي ب “الربيع العربي!” في سوريا عام 2011م من أجل اسقاط نظام البعث هو نهم الولايات المتحدة الأمريكيّة ورغبتها بتمرير خطوط البترول والغاز الطبيعي من دول الخليج التي تقبع أنظمتها وآبار نفطها تحت الهيمنة الأمريكيّة وشركاتها عبر الأراضي السوريّة من جهة، وبين التخطيط بعيد المدى لجعل هذه الخطوط والأنابيب بديلًا عن الأنابيب الرّوسيّة التي تزوّد اوروبا بالطاقة بأسعار منخفضة، الأمر الذي سيضرب اقتصاد روسيا في صميمها، لعلّ وعسى تمرّ بجولة تفكّك أخرى كالتي مرّت بها في فترة غوربتشوف لتأمين عقود جديدة من هيمنة الولايات المتحدة على العالم.

4- قطع الطريق على درب الحرير: تقوم الصين برسم معالم التجارة العالميّة عن طريق مشروعها الجريء الذي يحيق بالعالم، درب الحرير، الأمر الذي لن ترضى عنه الولايات المتحدة، فتعمل جاهدة على قطع الطريق عليها من خلال المسارعة ببناء طريق تجاري يصل بين الهند واوروبا عبورًا بالجزيرة العربيّة من خلال سوريا وسواحلها، والكيان، وربما غزّة.

كلّ هذه الأمور مجتمعة، ومؤكّد العديد غيرها، تجعل من الولايات المتحدة المسؤول الأوّل عن المذابح في الإقليم من خلال وكلائها المحليّين، فنرى نزيف الدم على مذبح مصالحها، ويبقى التجييش المذهبي والديني والقومي مادة لاستهلاك العامّة، كما الديمقراطيّة وقيم حقوق الإنسان! وتَبيَّن أنّ توقيت “طوفان الأقصى” أعاق هذه البرمجيّات في غزة ولبنان لسنوات، فيحاولون في سوريا ريثما يستعيد الاستعمار عافيته..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى