إسلامثقافة

معركة قوصره بين الجيش العثماني المسلم و جيش في منطقة كوسوفا

معركة قوصره بين الجيش العثماني المسلم و جيش الصرب في منطقة كوسوفا في وسط اوروبا الان :
كان السلطان مراد قد توغل في بلاد البلقان بنفسه وعن طريق قواده؛ مما أثار الصرب، فحاولوا في أكثر من مرة استغلال غياب السلطان عن أوروبا في الهجوم على الجيوش العثمانية في البلقان وما جاورها ولكنهم فشلوا في تحقيق انتصارات تذكر على العثمانيين، فتحالف الصرب والبوسنيون والبلغار وأعدوا جيشاً أوروبياً صليبياً كثيفاً لحرب السلطان الذي كان قد وصل بجيوشه بعد إعدادها إعداداً قوياً إلى منطقة كوسوفا في البلقان.
ومن الموافقات التي تذكر أن وزير السلطان مراد الذي كان يحمل معه مصحفاً فتحه على غير قصد فوقع نظره على هذه الآية: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون} (سورة الأنفال: الآية 65) فاستبشر بالنصر واستبشر معه المسلمون..
وكان السلطان قد تضرع إلى الله تعالى قبل المعركة: “يا الله يا رحيم يا رب السموات يا من تتقبل الدعاء لا تخزني يا رحمن يا رحيم استجب دعاء عبدك الفقير هذه المرة. أرسل السماء علينا مدراراً وبدد سحب الظلام فنرى عدونا وما نحن سوى عبيدك المذنبين، إنك الوهاب ونحن فقراؤك. ما أنا سوى عبدك الفقير المتضرع، وأنت العليم يا علام الغيوب والأسرار وما تخفي الصدور ليس لي من غاية لنفسي ولا مصلحة ولا يحملني طلب المغنم فأنا لا أطمع إلا في رضاك يا الله يا عليم يا موجود في كل الوجود.. فتقبل رجائي ولا تجعل المسلمين يبوء بهم الخذلان أمام العدو. يا الله يا أرحم الراحمين لا تجعلني سبباً في موتهم، بل اجعلهم المنتصرين..”.
وفي رواية : “يا إلهي، إنني أقسم بعزتك وجلالك أنني لا أبتغي من جهادي هذه الدنيا الفانية، ولكنني أبتغي رضاك، ولا شيء غير رضاك يا إلهي، إنني أقسم بعزتك وجلالك أنني في سبيلك، فزدني تشريفاً بالموت في سبيلك”.
ولم يلبث أن نشب القتال بين الجمعين وحمي وطيسه واشتدت المعركة وانجلت الحرب عن انتصار المسلمين انتصاراً باهراً حاسماً.
بعد الانتصار في قُوصُوه قام السلطان مراد يتفقد ساحة المعركة ويدور بنفسه بين صفوف القتلى من المسلمين ويدعو لهم، كما كان يتفقد الجرحى، وفي أثناء ذلك قام جندي من الصرب كان قد تظاهر بالموت وأسرع نحو السلطان فتمكن الحراس من القبض عليه، ولكنه تظاهر بأنه جاء يريد محادثة السلطان ويريد أن يعلن إسلامه على يديه، وعند ذلك أشار السلطان للحرس بأن يطلقوه فتظاهر بأنه يريد تقبيل يد السلطان وقام في حركة سريعة بإخراج خنجر مسموم طعن به السلطان فاستشهد رحمه الله في 15 شعبان 791هـ.
ومن الكلمات الأخيرة للسلطان مراد:
“لا يسعني حين رحيلي إلا أن أشكر الله إنه علام الغيوب المتقبل دعاء الفقير، أشهد أن لا إله إلا الله، وليس يستحق الشكر والثناء إلا هو، لقد أوشكت حياتي على النهاية ورأيت نصر جند الإسلام. أطيعوا ابني يزيد، ولا تعذبوا الأسرى ولا تؤذونهم ولا تسلبوهم. وأودعكم منذ هذه اللحظة وأودع جيشنا الظافر العظيم إلى رحمة الله فهو الذي يحفظ دولتنا من كل سوء”.
لقد ورث مراد الأول عن والده إمارة كبيرة بلغت 95000 كيلومتر مربع، وعند استشهاده تسلم ابنه با يزيد هذه الإمارة العثمانية بعد أن بلغت 500000 كيلومتر مربع بمعنى أنها زادت في مدى حوالي 29 سنة أكثر خمسة أمثال ما تركها له والده أوروخان.
أما النتائج التي ترتبت على انتصار المسلمين في معركة قوصوه فمنها:

  • انتشار الإسلام في منطقة البلقان وتحول عدد كبير من الأشراف القدامى والشيوخ إلى الإسلام بمحض إرادتهم.
  • اضطرت العديد من الدول الأوروبية إلى أن تخطب ود الدولة العثمانية، فبادرت بعضها بدفع الجزية لهم، وقام البعض الآخر بإعلان ولائه للعثمانيين خشية قوتهم واتقاء غضبهم.
  • امتدت سلطة العثمانيين على أمراء المجر ورومانيا والمناطق المجاورة للأدرياتيك حتى وصل نفوذهم إلى ألبانيا.
    بعد استشهاد السلطان مراد اهتم ابنه بايزيد الأول (791-805 هـ/1389-1402م) اهتماماً كبيراً بالشؤون العسكرية فاستهدف الإمارات المسيحية في الأناضول، وخلال عام أصبحت تابعة للدولة العثمانية. وكان بايزيد كمثل البرق في تحركاته بين الجبهتين البلقانية والأناضولية؛ ولذلك أطلق عليه لقب “الصاعقة”.
    ثم شرع بايزيد في إقامة علاقات ودية مع الصرب مع أنهم كانوا السبب في قيام تحالف بلقاني ضد الدولة العثمانية وكان غرض بايزيد من هذه العلاقة اتخاذ دولة الصرب كحاجز بينه وبين المجر، وكان يشعر بضرورة اتخاذ حليف له في سياسته العسكرية النشطة التي استهدفت الإمارات السلجوقية التركية الإسلامية في آسيا الصغرى؛ ولذلك وافق بايزيد على أن يحكم الصرب ابنا الملك (لازار) الذي قتل في معركة قوصوه وفرض عليهما أن يكونا حاكمين على صربيا، يحكمانها حسب قوانين بلاد الصرب وأعرافها وتقاليدها وعاداتها، وأن يدينان له بالولاء ويقدمان له جزية وعدداً معيناً من الجنود يشتركون في فرقة خاصة بهم في حروبه، كما تزوج ابنة الملك لازار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى