أمن وإستراتيجية

مختبرات البيولوجيا والأوبئة

حسن مدن

من المبكر القول إن العالم تجاوز جائحة «كورونا»، بكل ما ترتب عليها من تبعات، ولكن المؤكد أنه نجح في الحدّ من مخاطر تفشيها إلى حدٍ كبير، وأغلبية بلدان العالم بدأت تتنفس الصعداء بعد محنة الوباء التي هيمنت على العالم أكثر من عامين.

ومنذ أن أخذ هذا الوباء في التفشي والعالم منشغل بمصدر الفيروس الذي تسبب به، أهو نتاج خلل في البيئة المحيطة التي يعيش فيها بنو البشر جنباً إلى جنب مع كائنات حية أخرى سواهم، كالحيوانات والطيور وحتى النباتات، أم أنه نتاج مختبرات بيولوجية منتشرة في بلدان كثيرة في العالم تُجري تجارب على أنواع مختلفة من الفيروسات، بعضها فتاك؟

وعاد موضوع هذه المختبرات إلى الواجهة مع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث ذاعت أنباء تبدو صحيحة عن وجود مختبرات بيولوجية على الأراضي الأوكرانية، تدار من دول غربية، وقد تكون لمثل هذه المختبرات وظائف في أي نزاع دولي قادم، حيث يكثر الحديث عن الأسلحة البيولوجية.

ومع أن الرأي لم يستقر على يقين حول مصدر فيروس كورونا، الذي أوقع ما أوقع من وفيات ومن إصابات مليونية في شتى بقاع الأرض، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية الكبيرة التي تسبب بها، وقد يظل هذا الأمر غامضاً وبلا إجابة قاطعة حتى أمد بعيد.

ما كاد العالم يشعر بدرجات لافتة من التعافي من الوباء، حتى انتشرت الأخبار عن ظهور وباء آخر، هو «جدري القرود»، الذي يبدو هو الآخر مقلقاً،. وحتى أيام مضت جرى الإبلاغ عن أكثر من 100 حالة إصابة به في جميع أنحاء العالم، توزعت أيضاً على مختلف القارات، حيث اكتشفت في بلدان مثل إسبانيا والبرتغال وبريطانيا والولايات المتحدة، فضلاً عن بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد وأستراليا.

مرة أخرى، عاد النقاش حول مصدر الوباء الجديد، أهو آت من كائنات تشاركنا الحياة على الكوكب، كالقرود التي عرف هذا الوباء باسمها، أم أنه بلغ هذه القرود من مختبرات بيولوجية؟

ولفتت بعض التقارير الأنظار إلى أن سلالة واحدة على الأقل، من هذا الوباء، التي عرفت بسلالة غرب إفريقيا، نشأت في نيجيريا، حسب قول منظمة الصحة العالمية، ويقال إنه في نيجيريا بالذات تعمل أربعة مختبرات بيولوجية أمريكية.

كثر هم العلماء والمختصون الذين حذروا في ذروة جائحة «كوفيد – 19» من خطر أوبئة أخرى قادمة، وجرى في الكثير من الحالات الربط بين هذه التحذيرات وانتشار المختبرات والبنى التحتية البيولوجية في بلدان عدة، ما يتطلب وقفة دولية جادة حول الموضوع، ليس لكشف الملابسات المحيطة بإنشاء مثل هذه المختبرات فقط، وإنما علاقتها بالأوبئة الفتاكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى