إقتصادفي الواجهة

متلازمة هولندا وأثر العلاقة بين النمو الاقتصادي ووفرة الموارد الطبيعية

 
 
الدكتور/ أحمد حسن ابراهيم
تعد اغلب الدول المنتجة للخامات والمواد الأولية ولاسيما النفط ذات اقتصاديات وحيدة الجانب تعتمد بشكل أساسي على المورد ألريعي في تمويل موازنة ألدولة وتوفير مستلزماتها، وحالة كهذه جعلت الدول النامية تدور في فلك أسواق النفط، مما جعلها تعاني من مشاكل كبيرة خاصة عند انخفاض أسعار النفط العالمية، وفي حالة الانخفاض تعيش تلك البلدان حياة تقشفية، وهذا يعكس ظهور ما يعرف بالأدبيات الاقتصادية بالمرض الهولندي، وتعددت المسميات بين متلازمة هولندا، والمرض الهولندى ولعنة الموارد ….الخ
والمرض الهولندى مصطلح اقتصادي يعبر عن علاقة السببية ” السبب والنتيجة” بين ازدهار الموارد وانخفاض التصنيع، وقد دخل المصطلح قاموس المصطلحات على الصعيد العالمي عندما نشر فى مجلة «الإيكونومست» البريطانية في أحد أعدادها الصادرة عام 1977، ويحاول مصطلح المرض توصيف الظاهرة التي رصدها علماء الاقتصاد والسياسة بالنسبة لما حدث للهولنديين بالذات بعد اكتشاف النفط والغاز الطبيعي في المناطق التابعة لهم في بحر الشمال.
والمرض الهولندي هو حالة رخاء زائف أصيب بها المجتمع الهولندي بين عامي 1950 -1900 حين اكتشف النفط في بحر الشمال وتمتع بنعيمه على مدى جيلين قبل أن ينضب نهائياً، ففي حين تسارعت خطى أوروبا نحو الإنتاج الصناعي أصيب الشعب الهولندي بتخمة معيشية جعلته يعزف عن العمل الجاد والاقتصاد المنتج ويستعيض بالعمالة الأجنبية واستيراد السلع بدلا من إنتاجها، كما رفعت عائدات النفط سعر صرف العملة الهولندية التى ادت إلى زيادة كبيرة في الطلب عليها ؛ فارتفعت قيمتها مما نتج عنها ارتفاع أسعار السلع التي تصدرها هولندا وبالتالي عجزت عن المنافسة عالمياً، وجعلت المواطن الهولندي يفضل شراء السلع المستوردة لأنها اقل سعراً ، وذلك تسبب في إغلاق كثير من المصانع. وفي ظل هذا التراجع الذي طال كافة النواحى الاقتصادية و تراجع الاستثمارات في الصناعات الأخرى ارتفعت نسبة البطالة وقلت فرص العمل وزاد الطلب على الإعانات الحكومية.
اعراض المرض الهولندى
تظهر إعراض المرض الهولندي من خلال العلاقة بين استغلال الموارد الطبيعية والتدني الذي يمكن إن يحدث في القطاعات المنتجة الأخرى خاصة الصناعة، إذ إن الزيادة في الدخل الناتج عن هذه الموارد الطبيعية يعمل على تعطيل الصناعة عن طريق رفع قيمة العملة المحلية مما يجعل القطاع الصناعي اقل تنافسية في التجارة العالمية
وتتمثل أعراض المرض الهولندي في الاعتماد على تصدير المواد الخام، وميل الشعوب إلى الكسل والجمود، والترف والاستهلاك المفرط، وغياب المنتج المحلي في الأسواق المحلية نتيجة اضمحلال النشاط الإنتاجي الصناعي، والميل إلى العمل في الوظائف الحكومية.
الأسباب العامة لظهور المرض الهولندي
• اكتشاف مفاجىء لمورد اقتصادي ىام
• زيادة غير متوقعة في األسعار العالمية لمنتج ر التصدي الرئيسي
• ظهور قطاع مزدىر بشكل مميز نتيجة تقدم تكنولوجي مفاجىء
• تدفق رؤوس األموال من الخارج كالمساعدات واإلعانات والقروض بشكل كبير.
العوامل المساعدة على ظهور المرض الهولندي
• فشل السياسات الإقتصادية
• االرتباط غير المشروع بين السلطة والثروة .
• ضعف المبادرة واالتكال عل الدولة
الآثار السلبية للمرض الهولندى
يؤدي انتقال الموارد وزيادة الإنفاق على السلع والخدمات غير المتداولة إلى إضعاف دور القطاع الصناعي في الاقتصاد. ويمكن ايجاز الأثر السلبي للمرض الهولندي على النحو التالي:
• انتقال العمال ورؤوس الأموال من القطاع الصناعي إلى قطاع الموارد الطبيعية
• انكماش القطاع الصناعي على المدى القصير
• ارتفاع الطلب على قطاع الخدمات والسلع غير المتداولة
• ارتفاع سعر الصرف
• تراجع قطاع الصناعة في الاقتصاد
أثر المرض الهولندى على بعض الدول
لم تكن قاصرة على هولندا فقط بل لوشملت كل من نيجيريا وأذربيجان وبريطانيا ودول الخليج و أسبانيا والمكسيك واستراليا وجنوب أفريقيا بعد اكتشاف مناجم الذهب والألماس… وجميعها تتلخص في اكتشاف ثروات سخية يتم الاعتماد عليها بطريقة تقضي على التنافسية واضمحلال الصناعات التحويلية واتكال المجتمع بأكمله على الدولة.
لكن النرويج تعلمت الدرس ولم تمر بنفس الحالة التي مرت بها هولندا وبريطانيا بعد اكتشاف نفط الشمال ولم تسمح (للأموال السهلة) بالقضاء على اقتصادها الإنتاجي وقدرتها التنافسية.. وتم توجية عائدات النفط إلى صندوق سيادي يستثمر في الداخل والخارج، ويحق للحكومة فقط سحب 4% من رأس المال السنوي لتدعيم ميزانيتها التي مازالت تعتمد بحد كبير على الضرائب المرتفعة، والنتيجة أن نصيب كل مواطن نرويجي في صندوق بلاده السيادي تجاوز 5 ملايين دولار يحق له السحب منه بحسب معايير احتياجية خاصة… لم يحتاج إليها أحد منذ 2007
ومن ثم فان المرض الهولندي هو مصطلح اقتصادي يطلق للدلالة على مجموعة من الأثار السلبية على أي اقتصاد يعتمد في انتعاشه على العائد المرتفع الذي نتج عن اكتشاف موارد طبيعية بكميات تجارية يؤدي الى التحول من اقتصاد صناعي وزراعي منتج الى اقتصاد ريعي كسول وباذخ يتفاقم معه الانفاق الاستهلاكي المفرط وتتعاظم فاتورة الواردات مقابل ضعف او ندرة الصادرات لعدة عوامل منها ارتفاع سعر صرف العملة لذلك البلد في الاسواق العالمية لترتفع تبعا لذلك اسعار الصادرات الصناعية او التحويلية وارتفاع تكلفة الايدي العاملة مما يزيد من تكلفة المنتج النهائي فتقل قدرتها التنافسية , كما أن تزايد أسعار السلع القابلة للتصدير سيؤدي بتحول الاستثمارات الى قطاعات كالتشييد والبناء على حساب الصناعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى