ماذا يحدث بين دونالد ترامب و محمد بن سلمان ؟
فالح الحمراني
المصدر: صحيفة ” نيزافيسمايا غازيتا / موسكو (الصحيفة المستقلة).
ترجمة فالح الحمراني
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة أخرى تحفيز التقارب بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. تمت مناقشة صفقة التطبيع خلال فترة ولايته الأولى. لكن في عهد جوزيف بايدن، وضعت الحرب في قطاع غزة عقبات أمام هذا المسار. أعادت الحملة العسكرية التي شنتها قوات الدفاع الإسرائيلية منذ أشهر القضية الفلسطينية إلى مركز جدول الأعمال الإقليمي. وعلى الرغم من أن موقف الرياض بشأن هذه القضية قد خفف على ما يبدو في الأشهر الأخيرة، إلا أنها لم تتخل عن مطالبتها بالحافز الرئيسي من الولايات المتحدة: المساعدة في تطوير برنامجها النووي.
واعترف ترامب بأن المملكة العربية السعودية ستنضم قريبًا إلى اتفاقيات إبراهيم، وهي سلسلة من الصفقات لاستعادة العلاقات بين العالم العربي وإسرائيل. جاء ذلك خلال التوقيع على عدد من المراسيم. واعترف بإمكانية التوصل إلى اتفاق تاريخي بين شريكي الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هذا العام.
وقبل بضعة أيام، أشار مساعد الرئيس الأمريكي للأمن القومي مايكل والتز إلى أن العملية الدبلوماسية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ستكون هائلة الحجم. وقال إن مبادرة التقارب بين القوتين الإقليميتين ستضع الأساس لإنشاء “مشاريع البنية التحتية والموانئ والسكك الحديدية وخطوط الألياف الضوئية ومراكز البيانات”. وأضاف والتز أن “العداء التاريخي سيصبح أقل فأقل”.
وبعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، تخلت الرياض علناً عن اتفاقيات إبراهيم. ووعدت بالعودة إليها فقط إذا أعطت حكومة بنيامين نتنياهو للفلسطينيين ضمانات بإقامة دولة منفصلة. ومع ذلك، في ديسمبر الماضي، ذكرت صحيفة “هآرتس”، نقلاً عن مصادر، أن البيت الحاكم في السعودية خفف موقفه بشكل كبير خلال المفاوضات. وعزا مسؤولون في حكومة نتنياهو هذه الخطوة إلى “الاهتمام المحدود” لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحماية الفلسطينيين.
وشددت صحيفة هآرتس على أنه في الوقت نفسه، حققت المساومة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية تقدما. ولكن تجدر الإشارة إلى أن طرفا ثالثا يشارك أيضا في المفاوضات – الولايات المتحدة، التي عرضت تقليديا، في إطار اتفاقيات إبراهيم، على المشاركين فيها حوافز عسكرية واقتصادية مختلفة. ومن مطالب الرياض من واشنطن في هذا السياق تقديم المساعدة في تطوير المشروع النووي السعودي. وأوضحت المملكة أنها تريد إنشاء طاقتها الإنتاجية في مجال الطاقة النووية المدنية، وهددت -إذا رفضت الولايات المتحدة- بالتوجه إلى الصين.
وتشير النشرة الأمريكية لعلماء الذرة إلى أن السعوديين قد يرون في ولاية ترامب الثانية فرصة جديدة للتعاون النووي. وتشير المجلة إلى أن “البرنامج النووي السعودي، الذي لا يزال في مراحله الأولى، يمكن أن يكون فرصة للولايات المتحدة لصياغة آليات جديدة لضمان عدم قيام السعوديين بتحويل موادهم النووية المدنية لأغراض عسكرية”. وبحسب تقديراته، يمكن لواشنطن إنشاء هيئة استشارية مشتركة مع الرياض لهذا الغرض.
وأشارت نشرة علماء الذرة إلى أنه “لكن إذا لم تتوصل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى اتفاق خلال فترة ولاية ترامب الثانية، فإن تعميق العلاقات السعودية / الصينية يمكن أن يغير المشهد النووي برمته في الشرق الأوسط”. “مثل هذا السيناريو يمكن أن يفتح صندوق باندورا للانتشار النووي ويزيد من تعقيد القضايا الجيوسياسية الأوسع في المنطقة.”
وفي محادثة مع خبير العلاقات الدولية فلاديمير فرولوف ، الموظف السابق في السفارة الروسية في الولايات المتحدة، أشار إلى أن المملكة العربية السعودية كانت تقليديًا موالية لترامب، لكن الكثير تغير في الشرق الأوسط منذ ولايته الأولى. وأشار الخبير: “بعد ذلك، طلب السعوديون دعم ترامب دعم جبهة مناهضة لإيران، ولكن منذ ذلك الحين قاموا بتطبيع العلاقات مع إيران من خلال وساطة جمهورية الصين الشعبية، والآن فإنهم مرتاحون لمسار العلاقات مع طهران”. علاوة على ذلك، فإنهم لا يحتاجون إلى عملية عسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا قرر ترامب ونتنياهو القيام بذلك”.
وفي هذا الصدد، فإن «الصفقة الأفضل» مع إيران، والتي ذكر ترامب نتائجها المحتملة في خطاباته العامة، قد تكون مفيدة للعائلة الحاكمة السعودية، نظراً لحقيقة أنه لن تكون هناك حرب واسعة النطاق في المنطقة.
ويقول الخبير. لكن من ناحية أخرى، فإن الاتفاق المحتمل سيضعف العقوبات ضد إيران ويحد من قدرة الجمهورية الإسلامية على التطوير النووي. وهذا بدوره سيحرم الرياض من الحجة الرئيسية في مساومتها بشأن البرنامج النووي. ويشير فرولوف إلى أنه “سيكون من غير المنطقي إعطاء السعودية لبرنامجها النووي شيئًا يمكن للولايات المتحدة أن تحظره على إيران”.
وبحسب الخبير، فإن مصالح السعودية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل تغيرت أيضا: قبل الحرب في قطاع غزة، كان البيت الحاكم غير مبال تقريبا بمتى وكيف سيتم تنفيذ مفهوم الدولتين، وبعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، كان البيت الحاكم غير مبال تقريبا بموعد وكيفية تنفيذ مفهوم الدولتين. الصراع “هذا هو مطلبهم الرئيسي”. وأضاف محاور ن.ج أن الائتلاف الحاكم في إسرائيل لن يتمكن من قبوله.
ويشير فرولوف إلى أن ” المعاهدة الأمنية” بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكذلك الضمانات الأمريكية بموجبها، غير مفهومة”. ويبدو أن الأمر قد ذهب في عهد بايدن الراحل إلى أنه يكاد يكون من المستحيل التصديق عليها في مجلس الشيوخ. لا أفترض أنني سأحكم على ما سيفعله ترامب حيال ذلك. لا أعتقد أنه يعرف بعد ما سيقوم به .” ولم يستبعد الخبير أن مثل هذه القضايا ستبقى في طي النسيان في الوقت الحالي – حتى يتم تأكيد المناصب الرئيسية في وزارة الخارجية والبنتاغون.