أحوال عربية

ليس بعد الموت موت …” الغاز للبنان وأما لا غاز لأحد”

راسم عبيدات

خطاب سماحة السيد في الذكرى السادسة عشر لحرب تموز العدوانية على لبنان وا ل م ق ا و م ة اللبنانية،تلك الحرب التي استهدفت بلغة وزيرة خارجية امريكا في تلك الفترة ” المتوفية كونداليزا رايس،إقامة ما عرف بالشرق الأوسط الجديد،والذي تمكنت ا ل م ق ا و م ة اللبنانية من منع اقامته بالقوة،وكذلك اوجدت معادلات ردع جديدة تحمي الأراضي اللبنانية من أي عدوان اسرائيلي… ويبدو بأن القوة العسكرية التي راكمتها ا ل م ق ا و م ة اللبنانية وفي مقدمتها ح ز ب ا ل ل ه سواء لجهة الخبرات والتجارب وتطوير القدرات والإمكانيات العسكرية كماً ونوعاً وإمتلاك اسلحة ردع جديدة ومتطورة في البر والبحر والجو من المسيرات والصواريخ الدقيقة البرية وكذلك الصواريخ البحرية وشبكة الدفاع الجوي…كلها دفعت ليس فقط بخوض ح زب ا ل ه العديد من المعارك الدفاعية عن الأراضي والأجواء والمياه اللبنانية ورسم معادلات ردع جديدة مع دولة الكيان فقط،بل وحمايته من مخاطر الدخول في حروب وفتن داخلية تفجر الوضع الداخلي نحو حروب اهلية،من قبل ادوات محلية مرتبطة بدولة الكيان وأمريكا ،ناهيك عن منع تمدد المشروع “الداعشي” الى داخل الأراضي اللبنانية.

دولة الكيان وامريكا ودول الغرب الإستعماري ومعها العديد من المشيخات الخليجية منذ حرب تموز /2006 وحتى اليوم وهي تعمل على شيطنة ” ح ز ب ا ل ل ه” وقيادته،وكذلك اعتبرته العديد من الدول الأوروبية الغربية وعدد من المشيخات الخليجية منظمة ” إرهابية” وفرضت العديد من العقوبات على الأفراد والمؤسسات اللبنانية تحت حجج وذراع أنها مرتبطة ب ح ز ب ا ل ل ه”،وكذلك عملت امريكا على فرض سلسلة من العقوبات الإقتصادية والمالية على لبنان،من أجل فك العلاقة ما بين ا ل ح ز ب وحاضنته الشعبية وتحريض الداخل اللبناني عليه،وتصويره للبنانيين بان كل المصائب التي تلحق بهم وما وصلوا إليه من جوع وفقر وازمات اقتصادية ومالية،هي بفعل ح ز ب ا ل ل ه.

وهنا نقطتين جوهريتين يجب التوقف أمامهما،ضمن الإستراتيجية الأمريكية والأوروبية الغربية للتعامل مع المنطقة للعقد الحالي والقائمة على خمسة اركان، اثنتين منها تقومان على محاصرة الأعداء والخصوم ومنعهم من استثمار ثرواتهم واستمرار الحصار الإقتصادي عليهم،وكذلك اللجوء الى سياسة المماطلة والتسويف وعدم الإستجابة لأي حق او مطلب او مصلحة للطرف الآخر، وهذا ما حصل مع العديد من الدول العربية سوريا ولبنان وفلسطين على وجه التحديد.

لبنان ليس فقط منع من استخراج ثرواته البحرية،بل فرضت عليه امريكا والعديد من المشيخات الخليجية عقوبات اقتصادية ومالية وسياسية،وفيما يتعلق بثرواته البحرية ومنعه من استخراجها،وترسيم حدوده البحرية مع دولة الكيان،خلال ثلاثة عشر عاماً حضر خمسة مبعوثين للإدارة الأمريكية أخرهم عاموس هكوشتاين،الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي، من أجل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان ودولة الكيان،وجميعهم اعتمدوا سياسىة المماطلة والتسويف والوقوف الى جانب دولة الكيان،معتمدين على رخاوة الموقف الرسمي اللبناني، ومعتقدين بان الظروف والأوضاع الإقتصادية والمعيشية الناشئة عن الحصار والتجويع والفقر وعدم توفر الغذاء والكهرباء والدواء والبنزين،سيدفع بالحكومة اللبنانية الى الإستسلام والقبول بالترسيم البحري بينها وبين دولة الكيان وفق شروطه وكذلك تطبيع العلاقات معها، وهي تراهن بأن الوضع الداخلي اللبناني وتناقضاته،وما وصل اليه الشعب اللبناني من جوع وفقر وفقدان الحاجات والخدمات الأساسية من غذاء ودواء ومازوت،لن يجعل من لبنان دولة قادرة على خوض حرب من أجل تحرير ثرواتها الغازية والنفطية.

امريكا التي دفعت اوكرانيا لرفض المطالب الروسية المتعلقة بأمنها القومي،والمتمثلة بعدم سماح اوكرانيا بنشر اسلحة نوعية امريكية واوروبية غربية على اراضيها وعدم انضمامها لحلف ” الناتو”،كانت تراهن، على ان روسيا بخوضها عملية عسكرية ضد اوكرانيا من شأنها،أن تحدث أزمة اقتصادية كبيرة في روسيا،بل ذهبت الى ابعد من ذلك بان تلك الحرب،قد تؤدي الى انهيار النظام المالي الروسي،عبر عقوبات اقتصادية كبيرة تفرضها عليها امريكا وتلزم بها اوروبا الغربية،ولكن انقلب السحر على الساحر، فروسيا كانت الأقل تضرراً من العقوبات الإقتصادية التي فرضت عليها،بحيث تسببت تلك العقوبات في العالم بازمتي طاقة وغذاء عالميتين،ظهرت تجلياتهما بشكل واضح على الإقتصادين الأوروبي الغربي والأمريكي،حيث ارتفعت اسعار الغاز والبنزين والمواد الغذائية،وازمة الطاقة والغذاء زادت من حدة التضخم والغلاء وإفلاس مصانع وشركات في اوروبا وأمريكا،وتسببت كذلك في هبوط سعر العملة الأوروبية الموحدة” اليورو” الى حد التساوي مع الدولار بالقيمة،بالإضافة لكونها واحدة من أسباب استقالة رئيس الوزراء البريطاني جونسون من منصبه اوكرانيا،وكذلك استقالة رئيس وزراء ايطاليا.

أمريكا سعت لحل من شأنه ان يخفف من أزمة الطاقة والغذاء في اوروبا والعالم،قبل حلول فصل الشتاء،وما سينتج عنه من تأثيرات كبيرة على دول أوروبا بعيشها فصل شتاء قاس،ولذلك واحدة من اهداف زيارة بايدن الى المنطقة وخاصة السعودية، هي الضغط على السعودية والإمارات على وجه الخصوص لزيادة انتاجها النفطي وضخه للأسواق الأوروبية،وكذلك سعى بايدن الى تحرير الثروات الغازية المتوسطية لتعويض هذا النقص،ومن هنا طلب من دولة الكيان ان تباشر بإستخراج الغاز من حقل “كاريش” ومنع لبنان من استخراج ثرواته الغازية من منطقته البحرية،وعملت دولة الكيان لإحضار منصة بحرية لإستخراج الغاز من حقل “كاريش”،ولكن تهديدات السيد بأنه لن يسمح لدولة الكيان بإستخراج الغاز قبل انتهاء الترسيم” وحقل قانا مقابل حقل كاريش” وعلى السفينة ان ترحل.

هب ” النشمي” عاموس هوكشتاين” من اجل انقاذ دولة الكيان،وجاء لمواصلة مفاوضته للترسيم،واستمر بالمماطلة والتسويف،مراهناً على اختراق الموقف الرسمي اللبناني “الرخو”،وحكومة الكيان وأمريكا باتتا يستعجلان البدء في استخراج الغاز،قبل حلول فصل الشتاء في اوروبا،في ايلول القادم،ولكن قيام ح ز ب ا ل له بإرسال ثلاث مسيرات غير مسلحة لإلتقاط صور ل”الحفار” الإسرائيلي ،كانت بمثابة رسالة تحذير لدولة الكيان وأمريكا،بأن ا ل م ق ا و م ة اللبنانية حاضرة،ولن تسمح بإستخراج الغاز دون استكمال التفاوض حول الترسيم وحصول لبنان على حقوقه البحرية من ثروته الغازية،واتبع ذلك في خطابه السيد في الذكرى السادسة عشر لحرب تموز/2006 ،بقول عبارته المشهورة” كاريش وما بعد بعد كاريش”،بمعنى اذا لم يحصل لبنان على غازه فلا غاز للجميع،واذا ما ارادها الأعداء حرباً فلتكن الحرب ،فالموت بعزة وكرامة أشرف من الموت البطيء بالجوع والفقر والإنتظار على ابواب المخابز والمشافي ومحطات الوقود،وبالترجمة العملية لما قاله السيد،فهذ يعني بأن ا ل م ق ا و م ة اللبنانية التي انطلقت من أجل تحرير الأرض اللبنانية ولاحقاً حمايتها من الإعتداءات الإسرائيلية، الآن هي قادرة على حماية ثروة لبنان المائية من الغاز،وتمكين الدولة اللبنانية من استعمالها لسد حاجات الشعب،المعادلة الجديدة التي ارستها ا ل م ق ا و م ة اللبنانية ، الإستخراج المتقابل او المنع او الحرب،سابقاً كانت ال م ق ا و م ة تقول بأنها لا تخشى الحرب ولكن لا تسعى اليها،ولكن الآن المعادلة تغيرت وتطورت،فهي قد تبادر الى هذه الحرب،لكي تمنع موت اللبنانيين بالجوع…وهذا الموقف اربك القيادتين الإسرائيلية والأمريكية وادخلهما في دوامة،فلم يتبقى لديهما وقت كاف من اجل استخراج الغاز للتعويض عن الغاز الروسي،وعليهما التفكير ملياُ إما بالتعقل والتراجع عن لغتهما الإستعلائية وسياسة فرض الواقع،لجهة حل متوازن يضمن للبنان الحصول على ثرواته الغازية واستثمارها،او الذهاب نحو خيار الحرب،والتي قد يستطيع فيها لبنان أن ينتزع بها حقوقه البحرية من ثروته الغازية بعزة وكرامة.

فلسطين – القدس المحتلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى