تعاليقرأي

ليست ثورة وليسوا بثوار بل مرتزقة

عزالدين مبارك

استغلت المخابرات الغربية بمساعدة دول الخليج وتركيا حراك الجياع والمهمشين في أواخر 2010 وبداية 2011 وأبرمت صفقة مع بن علي الضعيف والمريض ليذهب لمنفاه الذهبي ليقضي آخر أيامه هانئا هو وعائلته ويترك البلاد على كف عفريت كالمركب التائه في عرض بحر هائج فتسلمته أيادي ليست بريئة تركت البلاد مشرعة فكانت عرضة للنهب والسطو فجاء الرعاع والحاقدون والمرتزقة من كل حدب وصوب فاستغلوا الفراغ الأمني وغياب الدولة وقاموا بحملة لأدلجة الكثير من الشباب والتغرير بهم مستعملين الوازع الديني والمال وإرسالهم إلى ليبيا وسوريا وهي الدول التي لها خلافات جذرية مع الدوائر الغربية ودول الخليج بعد أن تم تدمير العراق بالكامل ومرت الجزائر في تسعينات القرن الماضي بحرب ضروس مع المتطرفين الإسلاميين.فما يسمى بثورة ليست سوى عملية مخابراتية دولية للقضاء على عناصر القوة في الوطن العربي وتفتيته ونهب ثرواته مستعملة أشد الأدوات فتكا بالمواطن وهو العامل الديني مثلما وقع بالضبط في أفغانستان بحيث يكون المتطرفون إسلاميا هو الجيش والممول دول الخليج واللوجستيك والمعلومات والأسلحة والنفوذ من الدول الغربية التي لا تريد الظهور العلني في الصورة والزج بجيشها في أتون هذه الحروب الأهلية القذرة وتلعب في الخفاء ومن وراء الستار لتحرك الدمى من الغرف المظلمة .فدول الخليج لا تريد وجود دول عربية قوية عسكريا تزاحمها الهيمنة والنفوذ مستعملة الدين والمال مثلما وقع سابقا للعراق كما أن هذه الدول الغنية والقليلة في عدد السكان ذات الأنظمة الملكية المتوارثة لا تريد محيطا عربيا ثوريا وديمقراطيا خوفا من العدوى وتريد جر العالم العربي إلى الوراء كأنظمة تيوقراطية متأسلمة لتكون هي المركز والقيادة والبقية توابع أما تركيا فهي تريد الهيمنة على الدول التي كانت تحت السلطة العثمانية بعد تقسيمها وخلخلة بنيتها وزرع عملائها والمرتزقه وإرغامهم على توقيع اتفاقيات مهينة كما أن الدول الغربية تريد التخلص حسب مفهومها من الأنظمة الممانعة وذات النزعة السيادية والوطنية والتي تستفزها حتى بالكلام والمناوشات الجانبية وتريد إخضاعها عن طريق الحروب بالوكالة لبيت الطاعة وذلك ضمن لعبة استراتيجية دولية تفتح على تحول عالمي نحو نظام متعدد الأطرف بصعود التنين الصيني والدب الروسي وما الحرب في أوكرانيا إلا مظهر من مظاهره الواضحة. فما يسمى بالربيع العربي هو مقدمات ضرورية ومفتحات للعشاء الدسم والكبير.وها هو أردوغان عراب “الربيع العربي” ومحركه الأساسي يريد العودة لتقبيل اللحي وكأن شيئا لم يكن بعد أن تحطمت إرادته وتلاشى مشروعه الجهنمي وهو مستعد لبيع من تم التغرير بهم حتى يلتهمهم الأسد لقمة سائغة بعد أن أضاعوا سنوات عديدة من أعمارهم سدى وبلا فائدة وتركوا وراءهم المقابر العامرة بأمواتهم وها هي أبواب دمشق تستقبل أعراب الزمن الذليل وكأنهم يأتون ليقدموا اعتذارا متأخرا ولو على مضض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى