ثقافةسياحة و سفر

لندن 2017

فوز حمزة

لن أطيل عليكم ولن أدعكم تفكرون طويلًا في سبب اختياري لهذا العنوان .. ربما حسبتم أني سأتحدث عن أحوال مدينة لندن هذا العام .. أو ربما ظننتم سأسرد لكم تفاصيل جريمة حدثت في إحدى ضواحيها ..
الموضوع ليس كذلك .. في الواقع ••
أمممم .. بالرغم من أني لا أحب هذه الكلمة ..
لكن في أحيان كثيرة أجد نفسي مضطرة لقولها ..
حينما قرر زوجي الانتقال من مدينة صوفيا التي نقطن فيها منذ ما يزيد عن عشرة أعوام إلى مدينة لندن .. انتظر حلول عام 2017 لينفذ ما كان يفكر به لإنه كان مؤمنًا وبشدة أن وجود الرقم سبعة في العام الذي سننتقل فيه سيجعل من مكان السكن الجديد مكانًا مباركًا..
وسيكون عاماً مليئًا بالخير ووفرة الرزق ..
فالسماوات سبع والبحار سبع والقارات سبع وطبقات الأرض سبع وأيام الأسبوع سبع وأشياء أخرى نسيتها كان قد علمه إياها ذلك الملتحي بما يسمى بشيخ المسجد ..
الذي كثيرًا ما كان يلطخ لحيته بالحناء ••
كنت أود أخباره أن ذلك ربما ليس صائبًا وأنه مضيعة للوقت ..
لكني تراجعت في اللحظة الأخيرة..
ليس خوفًا منه ..
بل احترامًا لرأيه.. فماذا احتاج من براهين أكثر من ذلك لاتيقن بأهمية الرقم سبعة ….
انتظرنا سنتين قبل شد رحالنا إلى مدينة لندن ..
لم تكن مسألة السكن لتشكل عائقًا لنا.. سيما وأن قريبًا لزوجي هيأ لنا بيتا صغيرًا ..
مع فارق أن بدل الإيجار مرتفع بعض الشيء ..
لكن ذلك لم يعد في بند أولوياتنا طالما رقم المنزل سبعة ••
هذا ما قطع عليّ كل طريق للاعتراض لكونه قديمًا وصغيرًا ويقع في منطقة بعيدة عن السوق ومدارس الأطفال .. لا تظنوا أني أخافه..
بل هو الاحترام فقط ..
علمت من زوجي أن سبعة وعشرين هو رقم الشارع الذي يقع فيه البيت المبارك ••
الحياة تستمر ..
وهذا الاستمرار يجعلها متغيرة .. لا تقف على وتيرة واحدة ..
كان على زوجي البحث عن عمل ليعيلني وأطفالي الخمسة ..
فنحن عائلة مكونة من أشخاص سبعة .. هكذا بدأ زوجي في البحث عن فرصة عمل وجدها بعد شهور كثيرة فأيام البحث عن العمل كانتْ تقتصر على أيام الجمع بعد الانتهاء من صلاة الجماعة .. حينما أخبرته أن اليوم السابع في هذا البلاد هو يوم الأحد .. رمقني بنظرة كانت كافية لأفهم ..
طاعة الزوج واجبة.. إنها من طاعة الرب .. خاصة حين أقنعني بأن هؤلاء كفرة لا علاقة لنا بهم .. لهم دينهم ولنا ديننا !!••
بحلول شهر آذار باشر زوجي عملًا جديدًا بعد مشاجرة له مع رئيسه في العمل السابق حيث كان يطيل الصلاة مما سبب إرباكًا في العمل ..
وتلك تعد من الكبائر لدى الإنكليز .. فالعمل عندهم عبادة .. زوجي أخبرني أن ذلك فأل جيد وبشارة من الله لأن صاحب العمل كان زنديقًا يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير وأيضًا يعاشر النساء في الحرام .. والأهم من ذلك .. تاريخ اليوم كان ستة وحين لم أفهم المغزى بين لي زوجي بعد نعتي بالغبية أن الغد هو سيكون بداية مرحلة جديدة في حياتنا لأنها ستبدأ بالرقم سبعة ••
تنفست الصعداء عندما أخبرني زوجي أن صاحب العمل الجديد مسلم .. أخيرًا.. ابتسمت الأيام لي
طبعًا كالعادة .. حفاظًا مني على علاقتي بزوجي وخشيتي من أثارة غضبه.. لم أخبره بأن هذه هي فرصة العمل الرابعة التي يحصل عليها خلال أربعة شهور وفي كل مرة يقل الأجر فيها..
فهو الرجل .. بيده مقاليد كل شيء ..
والرجال قوامون على النساء ••
مرت الأيام علينا هادئة بعض الشيء ..
لكن زوجي لم يعد كما هو .. أخذ يسرح كثيرًا ويطيل النظر إلى التلفاز بحجة متابعة آخر أخبار البلد أو ينشغل بتصفح جواله .. آه .. نسيت إخباركم بأنه عمله مع الأنكليز أو حتى عمله مع العرب هناك أكسبه مهارة في تحدثِ الأنجليزية ..
تأزمت الحالة ووصلت إلى طريقٍ مسدود بعد المشاجرة الكبيرة التي وقعت في العمل بين زوجي وزميله الذي كان من طائفة أخرى فما كان من صاحب العمل إلا طرد الاثنين بعد فشله في إحلال السلام بينهما عدة مرات ••
صعوبة الحياة في لندن وغلاء المعيشة لاتدع لكَ وقتا للدخول في مثل هذه المهاترات .. إذهبا وتشاجرا بعيداً عني ..
هذه كانت حجة رئيسهما قبل أن يسلمهمها ما تبقى لهما من الأجر ويطلب منهما المغادرة ••
فشلت كل محاولات زوجي في إقناع صاحب العمل بالعودة ثانية ..
انتظرت بزوغ الفجر بفرحة كبيرة ..
فاليوم هو السابع من الشهر السابع .. وهذا هو يوم سعدنا وشهر سعدنا وعام السعد الأكبر لنا.. لأن عرافًا كبيرًا أخبر زوجي بذلك بعد أن أخذ منه مبلغاً كبيرًا كنا قد ادخرناه للأيام الصعبة.. لا يهم.. المهم إننا سنتخلص أخيرًا من كل متاعبنا ••
مضت سبع شهور وسبعة أيام منذ أن طلقني زوجي واختفى ..
بعدها سمعت أنه يعيش مع فتاة إنجليزية تبلغُ من العمر سبعة وعشرين عامًا في مدينة تبعد عنا سبع ساعات ..
لم أشعر باليأس أبدًا .. امرأة في المنام أخبرتني بعودته بعد سبع سنين ••

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى