رأي

لماذا لسنا مثلهم؟

رشيد مصباح (فوزي)

**

“لا يمكنني ولا ولن أقبل ، لا في عام 1964 ولا بعد ذلك ، بهذا الامتياز الفخري”.

بهذه العبارات البسيطة والجملة القصيرة رفض الفيلسوف والكاتب الوجودي (جون بول سارتر). جائزة نوبل التي يقول عنها بعض المهووسين بأنّها “أغنى وأغلى ما في الحياة”. لكن هناك من رفض و يصرّ على رفضه هذه الجائزة الشهيرة.

فماذا عنّا نحن؟

لماذا كل هذا الشغف و حبّ الظهور في وسائل الإعلام والتواصل؟

لماذا هذا التنافس، والتسابق، والإصرار؟

بعض ممّن ينسبون أنفسهم إلى الأدب، والأدب الشّريف نزيه بريء منهم ومن أفعالهم، يدفع الأموال، وبعض منهم يقبّل الأيدي،والجباه والرؤوس والأفواه، مداهنة وتملّقا… رئاء النّاس؛ لأجل إظهار صورته وهو يعانق فلان أو علاّن، وحتى يُقال عنه إنّه كذا وكذا. ثم يخرج إلى العالم بثوب الكاتب والشاعر والأديب صاحب الهمّة العالية، النّزيه. رغبة في الحصول على إعجاب الآخرين به.

أيّ بلادة هذه وأيّ غباوة ا؟

أين النّخوة؟

أين عزّة النّفس والكرامة؟

الكاتب والشاعر والمثقّف الأديب، هو رسول أمين صاحب همّة، ينقل الواقع على لسان حال المجتمع، ويتكلّم باسمه، ويعبّر عنه وعن السّواد الأعظم من المغبونين والمقهورين الصّامتين. وبغض النّظر عن طبيعة وأسباب هذا الغبن والقهر، إن كان ماديّا أو معنويّا.

وليس الكاتب والشّاعر والمثقّف الأديب بالانتهازي؛ الذي يحرص على إظهار صورته الذّاتية في صفحات وسائل التّواصل الاجتماعي، على طريقة “السّالفي”. وما أشبه ما يفعله هؤلاء بتلك النّسوة المعجبات بأنفسهن كثيرا، المتباهيات بأنوثتهنّ أمام المرايا، و في الحمامات التقليديّة قديما. وما أشبه هؤلاء بالعرائس، وهن يضعن المساحيق. وما أشبه كيفية إظهار هم لأنفسهم وصورهم في وسائل التواصل الاجتماعي، بطريقة عرض وإظهار جهاز العروس؛ العفش أو الدبش ـ كما يسمى عند الخليجيين ـ ، ليلة الدّخلة.

ولعلّ الغرب الذي صنع هذه الوسائل الحديثة، و الذي يرانا من خلالها هو وقبيله من حيث لانراه، مندهشٌ منّا ومن كيفية تعاملنا مع وسائله الحديثة هذه ا؟

ليس هذا ما يرفع من قيمة الكاتب أو الشاعر والمثقّف الأديب. إنّما الذي يرفع من شأن الكاتب والشّاعر والمثقّف الأديب، هو خبرته وطريقة تعامله مع النص، ونوعية أسلوبه، ومدى نزاهته في نقل الحقائق وتصويره الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى