إقتصاد

لماذا فشلت الشيوعية

لماذا فشلت الشيوعية صالح مهدي عباس المنديل

يبقى ماركس من احد اهم الشخصيات التي غيرت مجرى التاريخ و أثرت في حياة الأنسان بغض النظر عن النتائج. كانت افكار كارل ماركس ثاقبة البصيرة، حيث انتقد النظام الرأسمالي الذي ولدت من رحمه.”، ان صح التعبير
الديموقراطية و الحرية الفردية ولو ان هذا قابل النقاش و مثير للجدل. اعتمد ماركس على نظام يكفل المساواة عن طريق الغاء الملكية الفردية لانه اعتبر الأملاك هي اساس النزاع بين الطبقة العاملة و الطبقة المالكة. فكرة نبيلة و قد نادت بها من قبله الأديان و الفلاسفة، حيث كان هدفهم دعم الفقراء من اموال الأغنياء و هي ظاهرة اجتماعية بدت و هكذا جرت على مر العصور فهناك من يملك و اخرون يكدحون يسحقهم الفقر.
لذا فان فكرة اعادة توزيع الثروة كانت هي الفكرة المناسبة للمساوات، الأسلام لديه حل للمشكلة عن طريق الزكاة و عائدية الثروات الطبيعية لجميع السكان.
لكن فكرة الغاء الملكية الفردية فكرة لا تتناسب مع طبيعة الأنسان الغريزية و الأنانية و العمل على ما يخدم مصلحة الفرد نفسه و لو على حساب الآخرين، و هذا موضوع اخر تصدت له العدالة و ربما نكتب عنه فيما بعد. و هنا لابد من الأشارة الى ان عالم النفس فرويد يقول ان الفكر الماركسي لم يتفهم تطلعات النفس البشرية في الحياة اليومية و اعتقد انه مصيب جداً. و ربما كان هذا احد اسباب فشل الشيوعية.
من اشهر التجارب هي الأتحاد السوفياتي ففي باديء الأمر نجحت الفكرة و ازدهر الأقتصاد حين كانت اوربا و امريكا تحت وطأة الركود الأقتصادي. و حيث ان الوقت هو افضل تجربة انحدر الأتحاد الى دكتاتورية صارمة نتج عن مصادرة الأرادة و الحريات، خنق الأبداع الأقتصادي للأنسان و سلب ملكيته و الأملاء عليه يوميا من قبل السلطة العليا و هنا انتهت الحرية، الأنسان خلق حر و ان صادرت حريته لن يهداء و تبدأ المؤامرات و القلاقل مما حدى بالسلطة الى المزيد من فرض السلطة المركزية و الشموليةو مناهضة اي فكر مغاير و اصبحت الحكومة كبيرة جدا و استشرى الفساد الأداري و اراد النظام فرض الفكر الشيوعي على العالم الثالث ، هذه النتائج الثلاث ارهقت النضام حيث انهارت دعائمه الأصلية و انهار و تناثرت اشلائه.
هناك من يعترض و لا يلوم الفكر الماركسي بل يلقي باللوم على طريقة التطبيق، و ذالك موضوع مثير للنقاش و الجدل. و اعتقد انه صحيح الى حد بعيد. الدليل على ذلك هو الدول الغربية المزدهرة حيث النظام فيها رأسمالي جزئيا و اشتراكي في اجزاء كثيرة. هذه الدول تطبق الأشتراكية في الكثير من اجزاء المجتمع و توفر خدمات لا تقع تحت الفكر الرأسمالي الذي عارضه ماركس، فهناك التعليم المجاني و الصحة المجانية و مختلف دعائم الأمن الأجتماعي للأطفال و النساء و الشيوخ و العاجزين. كل هذه الخدمات هي اشتراكية و من صاب الفكر الماركسي.
بماء على ذلك تستطيع ان تقول ان الدول الشيوعية اخذت فكر ماركس كحجة و عملت على ارض الواقع بشكل مغاير ادى الى الحكم الشمولي الفردي و النظام الحكومي الفاسد و مصادرة الحريات.
هناك من يحتج مستشهدا بتجربة الصين. و لكن ماوتسي تونگ تسبب بموت و قتل الملايين من الجوع و التعسف السياسي اذ كانت الصين بلد الجوع و الموت من عام 1948 الى السبعينيات من القرن الماضي. لكن الصين لها تاريخ ناجح في ادارة الدولة ربما هو الأرث الكوفوشيوسي حيث بقيت الصين دولة ناجحة الاف السنين، ادرك الحزب الشيوعي بعد ماوتسي تونگ ان الشمولية حرمت الأنسان من الفرص و بدأت تعيد الملكية الفردية و اعطت الناس مساحة اوسع من الحرية لذا استطاع الأنسان ان يخلق الفرص و يبدع و هكذا دمجت الصين كغيرها من البلدان الأشتراكية مع الرأسمالية و هنا يكمن سر نهضة الصين.
ارى ان الخطأ القاتل في التطبيق الشيوعي هو ان النظام حول الانسان الى اداة استعملها لغرض خدمة الحكومات و الأفكار التي ارادت تطبيقها. انها تجاهلت حق الفرد في حرية اتخاذ القرار و سلبت ارادته، اي انها خرقت مبدأ مهم جدا للأنسان و هي الفردية، اي مجموعة من القيم التي يقدسها البشر وهي حرية الملكية الفردية و التصرف بها، حق التعبير عن الرأي و اتخاذ القرار بما يناسب كل فرد و حق التعبير السياسي و المشورة في الحكم و أعادة توزيع الثروات وهي مباديء يقدسها الأنسان اكثر من الملكية.
من الجدير بالذكر ان النظرية الماركسية كانت تنظر الى مسيرة البشرية المستقبلية و تدعي ان تطبيق الشيوعية بالنهاية يقوم الأنسان و يكون كل شيء ملك الجميع و كل عمل يصب في هدمة المجتمع مما يؤدي الى ترشيق الدولة و الوصول الى مرحلة المساواة التامة بين الناس و عدم الحاجة الى الحكومه، و هذه فكرة نرجسية روج لهه شريك ماركس و هو فريدريك انگل. على ارض الواقع بقى الأنسان بكل اشراره و أطماعه و كبرت الحكومة الى ان اصبحت دعائمها لا تقوى على حمل الثقل و انهارت. و فقد الأنسان قابليته الخلاقة و انعدمت روح المبادرة و العمل المثمر مما ادى الى انهيار الأقتصاد
لان الأنسان فقد المحفز الأساسي له و هو المصلحة الفردية فالطبيب لم يكن ليداوي جراحنا اذا لم تكن له مصلحة سخصية فيها وهي الأنجاز الشخصي المعنوي و الكسب المادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى