أحوال عربية

لعبة عضّ الأصابع مستمرة مع روسيا… هل يصرخ نتنياهو  قريباً ؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

ربما العالم اليوم مشغول بالأزمة الأوكرانية، وتتصدر تداعياتها لائحة إهتماماته، ليأتي غضب الإدارة الروسية حيال إسرائيل وموقفها من الأزمة الأوكرانية، التي تتابع عن كثب تطوراتها، إذ شكلت الجهات الأمنية والإستخباراتية في تل أبيب فرق متابعة لرصد تداعيات الأحداث في أوكرانيا منذ إندلاعها، الأمر الذي يلوح بمدى أهمية هذه المنطقة بالنسبة لإسرائيل، ويطرح تساؤل محوري ومهم هو: كيف سيكون رد روسيا على الموقف الاسرائيلي المنحاز لصالح أعدائها؟

ما يحدث حالياً، هو تغيّر اللغة بين روسيا وإسرائيل، وكانت إسرائيل هي التي بادرت بالهجوم، بدأ ذلك عندما صوتت إسرائيل مع قرارٍ في الأمم المتحدة يدعم سلامة أراضي أوكرانيا وطالبت بانسحاب الجيش الروسي فوراً، بالإضافة الى مساعدة أوكرانيا على تطوير أنظمة الإنذار الصاروخي .

وفى سياق التدهور الأخير في العلاقات بين البلدين (الروسي-الاسرائيلي) الحليفين والشد والجذب في التصريحات بين مسئوليها، حيث أعلن سفير الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان أن “إسرائيل ستساعد أوكرانيا “، كما أشار إردان إلى أن “إسرائيل قدمت مساعدات إنسانية واسعة لأوكرانيا خلال العام الماضي”، مؤكداً أن “تل أبيب تعترف بوحدة أراضي أوكرانيا”. كما كشف أن “إسرائيل ستوسع نطاق دعمها لأوكرانيا من خلال تعزيز المشاريع في مجال الصحة والبنية التحتية المدنية”، لذلك أعربت الدوائر السياسية الروسية عن غضبها وخيبة أملها من التعاطي الإسرائيلي مع الأزمة الأوكرانية.

في الحقيقة، ليست هذه المرة الأولى التي يتبادل فيها الروس والإسرائيليون الاتهامات،  ففي أوائل شهر نيسان السابق، تحدث يائير لبيد عن “جرائم حرب” روسية في أوكرانيا، وقد ردّت الخارجية الروسية بأن هذا التصريح لا يعدو أن يكون سوى “تمويه ضعيف يهدف إلى استغلال الوضع في أوكرانيا، لصرف انتباه المجتمع الدولي عن أقدم نزاع لم يتم حله، وهو الصراع بين إسرائيل وفلسطين”.

يبدو الوضع أكثر حدة هذه المرة،  حيث حذّرت موسكو، من أنّ “خطط “إسرائيل” لتزويد كييف بالأسلحة خطوة طائشة للغاية”، وأشار نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، إلى أنه “يبدو أن إسرائيل ستزود نظام كييف بالأسلحة، وهذه خطوة متهورة جداً، سوف تدمّر كل العلاقات بيننا”

والدوافع الرئيسية من وراء تغيير حكومة نتنياهو  السياسة إزاء الحرب الروسية الأوكرانية، هي التعاون بين موسكو وطهران، والذي يهدف إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث تخشى تل أبيب أن تنحاز موسكو لطهران مقابل الدعم العسكري الإيراني لروسيا في أوكرانيا، وذلك بكل ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وإمكانية العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، حيث تستغل روسيا المفاوضات لإحياء الاتفاق كورقة مساومة ضد القوى الأوروبية وأميركا.

بالمقابل تخشى إسرائيل من تعزز قوة حزب الله، عدوها اللدود المدعوم من إيران، بشكل غير مباشر نتيجة شحنات الأسلحة الروسية إلى إيران كمنظومة إس300 المضادة للصواريخ، كما أنها قلقة إزاء الدعم الروسي الثابت لدمشق، مع تلقي الجيش السوري دعم الطائرات الحربية الروسية وحزب الله في مواجهته المتطرفين والمجموعات المسلحة، فالتقدير العسكري الإسرائيلي يعطي إمكانية إندلاع حرب غير مسبوقة في المنطقة، وخشية من نجاح المحور الإيراني ــــ السوري في مواجهة تنظيم داعش وأخواته مما يشكل تهديداً كبيراً لإسرائيل ويفرض عليها التدخل لمنع ذلك.

مجملاً… إنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث، فالصراع عبر الحدود يزداد تعقيداً، لذلك ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع روسيا، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع موسكو سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فروسيا لن تفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجأها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد.

أختم بالقول يجب على الرئيس الإسرائيلي نتنياهو أن يحترس من التورط في التصادم مع روسيا الذي لا يستطيع تطويق حدوده ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وسورية، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.

وأخيراً إننا في انتظار الحدث الكبير…والترقب سيد الموقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى