إسلامرأي

لا ريب فيه!!

د. صادق السامرائي

الديانات تبدأ بنفي الشك عن عقائدها وما جاء في كتبها، فتقول لا مكان للعقل، بل للإيمان المطلق، أما العقل فمطية الإيمان المسبق، يبرره ويعززه ويسوّغه.

فالأديان إنتماءات قلبية نفسية عاطفية بحتة، وإقحام العقل في أي دين يعني العدوان عليه، لأنه سيؤدي إلى تشظي الدين.

الناس في المجتمعات المتطورة، تعبد أنواع الموجودات، ولا يتدخل العقل بينهم وما يعبدون، وهذه ظاهرة سلوكية رافقت البشرية منذ الأزل، ولا تزال فاعلة فيهم، والأمثلة لا تنقطع.

فبشر اليوم لا يختلف عمّن عاشوا قبل آلاف السنين في المسائل الإعتقادية، وإن تطورت أساليب التعبير عنها، فأول ما بنى البشر المعابد ولا تزال قائمة ومتطورة، ولكل معتقد معابده المتمثلة به.

وفي الإسلام تسبب إعمال العقول بالنصوص الدينية بتداعيات مريرة ومتنامية في ذروتها وقسوتها وتدميرها لجوهر الدين، وتفشى التعسير وتدمر التيسير، فتجدنا أمام محنة تزداد تعقيدا، لإقحام عقول ذات إختصاصات متنوعة في نصوص عقائدية واضحة، وكل عقل يفسرها كما يرى، ويأولها وفقا لما عنده من العلم.

وكلها صحيحة وخاطئة في ذات الوقت، لأن الموجودات يمكن رؤيتها وفقا للعقول المتباينة في مداركها كبصمات الأصابع، فالعقول تتفاعل ولا تتطابق ومعظم تفاعلها تصارعي دفاعي، وبهذا فلا تعبّر عن الحقيقة وتعرب عما ترى.

وليس كل ما تراه العقول بصحيح، وإن كان مقنعا، ولو سألت شخصين لتفسير كلمة أو عبارة، فكل منهما سيأتيك بما يرى والعبارة واحدة.

وهذا يعني أن العقول تعسّر المعتقدات، وربما يبدو صحيحا ما قيل بأن الترجمات الفلسفية في العصر العباسي الذهبي أدّت إلى تأويلات وتفسيرات متنوعة، مما دفع لتكوين المزيد من الفرق والجماعات والفئات والمذاهب.

فالعقل لا يمكن إقحامه في المعتقد، وعلى المعتقِد أن يسعى في مناكبها، وليعتقد ما يعتقد، فهذا بينه وبين ما يعبده ويؤمن به، فالعقل عندما يُقحم في الدين سيدفع إلى القول بأن الحياة في الدين.

وبهذا يكون شعار “الإسلام هو الحل” من أنجع الوسائل لتدمير النبيل!!


د. صادق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى