إقتصادفي الواجهة

كيف طورت الصين الشعبية القطاع الصطاعي منذ 1977 ؟

 
عبد الهادي الشاوي
لغاية عام 1977 كانت الصين دولة فقيرة شعبية , منتجاتها بدائية مثل الغزل والأقمشة وانتاج القطن والفحم والحبوب . الا انه في عام 1978 عندما تولى ( دينج هسياو بنج ) طلب من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الحاكم , الموافقة على التعاقد مع خبير تنمية ادارية واقتصادية عالمي للنهوض بالواقع الاقتصادي المتردي للصين الشعبية أنذاك . وبعد رفض طلبه عدة مرات لم ييأس او يمل وحتى المرة الثامنة تمكن من اقناع اللجنة المركزية للحزب بالموافقة على طلبه.
خاطب دينج هسياو بنج شخصيا عمادة كلية الادارة والاقتصاد والسياسة في جامعة اوكسفورد البريطانية الاولى عالميا في هذا التخصص وابلغهم عن رغبة الصين بالتعاقد مع بروفيسور متخصص بالتنمية الاقتصادية والادارية للعمل مع الحكومة الصينية بصفة مستشار اول ويدفع له خمسة امثال راتبه الحالي بالإضافة الى امتيازات كتذاكر السفر لثلاث مرات بالسنة وعطلة 60 يوما في السنة مدفوعة الأجر ( الراتب ) . وفي بدء الأمر رفضت الجامعة طلبه الا انه عاود الطلب ثانية وقدم عرضا على ان يدفع للكلية رواتب البروفيسور للسنة الماضية كاملة , عند ذلك وافقت العمادة واعدت اعلان ووضعته في لوحة اعلانات الجامعة , فتقدم احد الأساتذة بالموافقة على العرض والذهاب الى الصين . وقد امر دينج وزراء الحكومة بتنفيذ ما يطلبه الخبير منهم والاستفادة من خبرته . وكانت اولى خطواته التحول التدريجي الى اقتصاد السوق وفتح الباب للاستثمارات الأجنبية وخاصة في مجال الصناعة . ثم حدد الخبير اربع نقاط اساسية لمشروعه مه الحكومة الصينية وهي :-
اولا : العمل من اجل اقامة حكومة نظيفة وامينة ونزيهة .
ثانيا : تضييق الفجوة الاقتصادية بين شرق الصين وغربها وتبادل الخبرات المتوفرة .
ثالثا : العمل بجدية على معالجة التضخم بالعملة المحلية .
رابعا : بدأ شخصيا بتدريب الوزراء على الادارة العلمية وتعلم اللغة الانكليزية ومنهم يتم نقل المعلومات الى موظفي وزاراتهم .
وبعد ثلاث سنوات من بداية عمله ووضعه خطة استراتيجية لكل وزارة اخذت تجربته الاصلاحية للاقتصاد الصيني تظهر للعيان . وبعد خمس سنوات من عمله استطاعت الصين من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي وتحديث تسوية عملية ونظرية بين الحفاظ على دور الدولة التدخلي في الاقتصاد من جهة وخلق فضاءات اقتصادية ليبرالية متعولمة . ومن جهة اخرى عمل الخبير على ربط الاقتصاد الصيني بالاقتصاد العالمي . وتلك التجربة الحديثة سمحت للصين بالاندماج بدون ان تعاني من معرقلات او صعوبات للتحول من اقتصاد مغلق الى اقتصاد متعولم . علما بأن الخبير الاقتصادي بدأ اصلاحاته في المناطق الريفية بتدشين نظام الأسر المنتجة ثم واصل عمله الاصلاحي في عموم البلاد . وقد طال الاصلاح قطاع الصناعة الذي استمرت الصين في انفتاحها الاقتصادي , كما عمل الخبير على انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية .
لقد تخطت الصين حاليا الدول الصناعية الاوروبية واحتلت الموقع الثاني في مجال الاقتصاد العالمي وخاصة في الصناعة والتشييد والبناء . وان الاقتصاد الصيني حاليا ينافس الاقتصاد الأمريكي. والصناعات الصينية وصلت الى معظم دول العالم بفضل الجهود المبذولة لتطوير الصناعة . وقد ساهمت الصين بزيادة دخل القوى العاملة عن طريق زيادة الانتاج وتطويره .
اليوم الصين لا منافس لها بالرغم من العراقيل التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية والسائرون في ركابها . اما في عراقنا المبتلى بالتخلف والفساد الذي رفعت الحكومات المتعاقبة بعد 2003 شعار اقتصاد السوق فلم يقدم اي اصلاح اقتصادي وانما ترعرع الفساد والسرقات والرشاوى في كافة المجالات والذي ادى الى القضاء على الجوانب الصناعية التي كانت قائمة في العراق قبل 2003 , واوصلوا البلاد الى اقتصاد ريعي وحيد الجانب يعتمد على موارد بيع النفط الخام. وبعض الموارد الجانبية غير ذات اهمية للنمو الاقتصادي . فالمفروض الاستفادة من الموارد النفطية وخاصة الفوائض نتيجة فرق الأسعار التي تعتمد لإعداد الموازنة والاسعار الفعلية التي وصلت الى اكثر من السعر المعتمد. وكان الأجدر بالحكومات الاستفادة من تلك الفروقات ( الزيادات ) لاستخدامها في التنمية الاقتصادية .
لكن طغيان المصالح الشخصية والخاصة قد اجهضت المصلحة العامة الوطنية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى