كاظم فنجان الحمامي
خارطة جغرافية وملاحية للقارة القطبية الجنوبية (انتاركتيكا) بكل تضاريسها، رسمها القبطان التركي (بيري ريس) بمنتهى الدقة عام 1513 قبل ان يكتشفها البشر، والغريب بالأمر انه رسمها مجردة تماماً من الثلوج والجبال الجليدية، وكأنه كان يراها من الفضاء، أو كان يصورها بأشعة الليزر. والاغرب من ذلك كله ان الناس لم يكتشفوا أمر تلك الخرائط إلا عام 1821 عن طريق الصدفة. .
القبطان بيري ريس: هو أحمد محيي الدين بيري، ولد عام 1465، وحكموا عليه بالموت (قطعوا رأسه) عام 1555 وهو بعمر التسعين (وربما 89) بوشاية من والي البصرة (قباد باشا) وذلك بعد ان غادرها بيري ريس بثلاث سفن متوجها الى مصر عبر مضيق هرمز وباب المندب. فحكم عليه السلطان سليمان القانون بالموت ومصادرة امواله بتهمة التخاذل، على الرغم من سيرته العلمية والملاحية والحربية الطويلة، وعلى الرغم من كونه اشهر رجال زمانه في الملاحة والعلوم البحرية، ويعود له الفضل في رسم خارطة القارتين الامريكيتين الشمالية والجنوبية بسواحلها المطلة على المحيطين الاطلسي والهادي، والمطلة على خليج المكسيك، الذي ورد اسمه في الخارطة (خليج الانتيل)، ورسم تضاريس القارتين وانهارها وجبالها وهضابها وسهولها، ورسم خارطة القارة القطبية الجنوبية منزوعة من الثلج والجليد، وأكملها عام 1513، وتضمنت رسما دقيقا بخطوط العرض والطول. .
تقدم خرائط القبطان بيري ريس القارة الجنوبية من منظور عين الطائر، وبوفرة من الألوان. وبالرغم من أن معظم أعماله فُقدت بسبب سنوات من الإهمال، فإن الأجزاء القليلة الباقية منها هي شهادة على أنه كان من ابرع علماء الخرائط، وأكثرهم موهبة، فهو الذي رأى العالم بوضوح لدرجة أن عمله أصبح مرجعاً للمنح الدراسية المستقبلية في مجال علوم الملاحة البحرية. .
لكن التساؤلات التي تطرح نفسها، هي: كيف استطاع رسم تلك الخارطة وهو الذي لم ير القارة ولم يذهب اليها ؟، وكيف استطاع رسمها خالية من الجليد ؟، وكيف جاءت تعرجات سواحلها ومنعطفاتها مطابقة تماماً لصورتها الآن ونحن في عام 2023 ؟. .
انا شخصيا احتفظ في مكتبتي بمجموعة مستنسخة من خرائط القبطان بيري ريس، وسبق لي ان اهديت المكتبات العراقية والاماراتية نسخاً منها، مع مجموعة من مؤلفاته المكتوبة بخطه الجميل (خط النسخ بالحرف العثمانية القديم والمطابق للحرف العربي)، وجميعها معززة بالرسومات والمخططات التوضيحية. .
