كيف تحولت فرنسا الى المسيحية .. تاريخ فرنسا

تاريخ فرنسا .. تحول بلاد الغال إلى المسيحية

محمد زكريا توفيق


تحول بلاد الغال إلى المسيحية، 100-400

الدرويد، بالرغم من أن ديانتهم كانت قاسية، كان لديهم مفاهيم أقرب للمسيحية من الرومان، الذين يؤمنون بتعدد الآلهة، وبتمثيلها بالأصنام.

لذلك، احتضن الكثير منهم الديانة المسيحية، حيث كانت المقاطعة قريبة جدا من روما، لدرجة أن الرسل، بعد وقت قصير من وصولهم لروما، كانوا يرسلون إلى بلاد الغال.

الناس في المقاطعة، كانوا يعتقدون أن “لعازر” وشقيقتيه قد جاءوا إلى هناك، لكن هذا ليس مرجحا. ومع ذلك، أول أسقف قدم لمقاطعة “ارس” في بلاد الغال، كان “تروفيموس”، وقد يكون هو نفسه المرافق للقديس بولس في رحلته الثالثة، وكان في القدس معه، عندما تم أسره.

أحضر تروفيموس كتاب خدمة معه، وهو يشبه جدا الكتاب الذي أحضره القديس يوحنا الإنجيلي لخدمة كنائس آسيا.

مدينة فيين في جنوب فرنسا، وهي إحدى المدن الرومانية خارج إيطاليا، التي نفي إليها بيلاطس البنطي، بسبب قسوته. في هذه المدينة، وفي أكبر واحدة في ليون، كان هناك العديد من المسيحيين، وكان أسقفهم هو بوثينوس، الذي يتلقى تعليماته من القديس يوحنا.

مرت سنوات عديدة، قبل أن يعاني مسيحو الغال أو يتعرضون لأي خطر، بسبب إيمانهم. حتى عام 177، عندما بلغ بوثينوس تسعين عاما.

في عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس، أُرسل حاكم إلى مقاطعة الغال للقضاء على المسيحية. المشكلة، هي أنه لم تكن هناك جريمة، يمكن أن يتهم بها معتنقي المسيحية.

لكن، قام الحاكم بالقبض على مجموعة من العبيد والجواري، وتعذيبهن. كان من بينهن فتاتان صغيرتان، هما بلاندينا وبيبليس.

كانت بلاندينا فتاة ضعيفة. بالرغم من آلام التعذيب التي كانت تتعرض لها، لم تكن تكف عن تكرار جملة: “أنا مسيحية، ولا عيب في ذلك”.

لكن بيبليس، خافت من التعذيب فاعترفت كذبا للمحققين، بما أرادوا سماعه. وهو أن المسيحيين يقومون بقتل الأطفال وأكل لحوم البشر، وأشياء أخرى رهيبة.

بعد ذلك، لامت نفسها، وأعلنت أنه لم تكن هناك كلمة صدق واحدة في كل ما اعترفت به. وتحملت تعذيبا جديدا، أسوأ من ذي قبل.

بالرغم من ذلك، تم القبض على المسيحيين. وتم جر الأسقف العجوز في الشوارع، وتعرض للرشق بالحجارة وسوء المعاملة، لدرجة أنه فارق الحياة بعد بضعة أيام في السجن.

أما المسيحيون الآخرون، ولمدة خمسة عشر يوما، فقد ظلوا يتجمعون في فناء المسرح المدرج، بينما كل أنواع التعذيب التي يمكن أن نتخيلها، كانت تمارس عليهم بدون رحمة.

كان الجميع شجعانا، لكن بلاندينا كانت أشجعهم. يبدو أنها لم تكن تشعر بألم، عندما أرغموها على الجلوس على كرسي حديد أحمر ساخن، وكانت تقوم في نفس الوقت بتشجيع شقيقها الصغير.

أخيرا، وضعت في شبكة، وتم ونطحها بثور، وبعد ذلك، عندما وجدوا أنها لا تزال على قيد الحياة، تم رشق حلقها بآلة مدببة. واعترف الجميع، أنهم لم يروا أبدا امرأة تستطيع أن تتحمل مثل هذا العذاب.

لم تدم ملاحقة المسيحيين طويلا. بعد ذلك، تم جمع عظام الشهداء، ودفنها في فناء، بنيت فوقه كنيسة. هذه الكنيسة، هي الآن كاتدرائية ليون.

بعد الشهيد بوثينوس، جاء الأسقف الجديد، إيرينأوس. وهو رجل مقدس، ترك الكثير من الكتابات، ويعتبر أحد الآباء المؤسسين للكنيسة.

أصبح جميع سكان مدينة ليون تقريبا مسيحيين، بسبب قناعته الحكيمة وسلوكه المثالي. لكن الناس الخشنين الوثنيين في باقي البلدان، كان من الصعب الوصول إليهم.

في الواقع، كلمة وثني في اللغة اللاتينية القديمة، تعني فلاح أو قروي. في عام 202، وضع الإمبراطور سيفيروس، المولود في ليون، مرسوما ضد المسيحيين.

شعوب الغال الشرسة، في البلاد المجاورة لليون، سمعوا بهذا المرسوم، فاقتحموا المدينة، وقاموا بذبح كل مسيحي عثروا عليه، ومنهم القديس إيرينأوس.

هناك رصيف قديم، مبلط بالفسيفساء في كنيسة ليون، يبين النقش أن تسعة عشر ألف مسيحي قد قتلوا في هذه المذبحة. وهو رقم كبير، من الصعب تصديقه.

الأجزاء الشمالية من بلاد الغال، لم تدخلها المسيحية بعد. وتم إرسال أسقف يدعى ديونيسيوس، لدعوة قبيلة تسمى باريسي، تسكن مدينة لوتيتيا على ضفاف نهر السين. تغير اسم المدينة إلى “باريس”، وأخذ اسم القبيلة.

تم القبض عليه عام 272، وقطعت رأسه خارج الأسوار، على قمة تلة، لا تزال تعرف ب “مونت مارتير”، وتعني “جبل الشهيد”. واختصر اسمه إلى “دينيس”، الذي أصبح الأشهر في فرنسا.

مقاطعات كيلتس الثلاث، هي: الغال، إسبانيا، وبريطانيا. كانت تتجمع تحت حاكم واحد. وعندما جاء الإمبراطور الروماني قسطنطيوس، منع اضطهاد المسيحيين بقدر الإمكان.

ابنه قسطنطين، بينما كان يسير بجيشه إلى إيطاليا، أثناء الحرب الأهلية للحفاظ على الإمبراطورية، رأى رؤية في شكل صليب ساطع في السماء، محاطا بكلمات تقول: “هذه علامة انتصارك”.

في اليوم التالي، انتصر في المعركة، ثم اعتنق بعد ذلك الديانة المسيحية بعد عامين. في عهده، ازدهرت كنيسة الغال. واشترك أساقفة الغال في مجمع نيقية الكبير عام 325، في آسيا الصغرى، عندما تم وضع قانون الإيمان النيقاوي، والعديد من كتب الترانيم للعبادة المسيحية في بلاد الغال.

بعد وفاة قسطنطين، جاء ابنه قسطنطيوس الثاني بعقيدة مخالفة للإيمان النيقاوي. كان يعيش ويلبس كأمير شرقي في القسطنطينية. وكان الغال يشعرون بالاستياء نحوه. بينما كان الفرنجة، وهم قبيلة عدائية من الألمان (تيوتون)، تحاول غزو بلادهم.

تم إرسال ابن أخ قسطنطيوس، الشاب الذي يدعى جوليان، للقتال مع الغال. أعد له مسكن رئاسي في جزيرة صغيرة وسط نهر السين في لوتيتيا (باريس)، وسط قبيلة باريسي. من ثم، كان يخرج لطرد الفرنجة كلما حاولوا مهاجمة الغال.

كان رجلا شجاعا مقتدرا جدا. عندما أصبح إمبراطورا، بعد وفاة قسطنطيوس، رأى خطأ المرتدين في روما والقسطنطينية، الذين اعتقدوا أن مشاكلهم تأتي من إيمانهم بالمسيحية، فحاولوا العودة للديانة الوثنية مرة أخرى.

حكم ثلاث سنوات فقط، وبعد ذلك، قتل أثناء حربه مع الفرس عام 363. وخيم الحزن على البلاد بعد موته. كان الأخير في سلسلة حكام عائلته.

ثم جاء العديد من الأباطرة، يحكمون روما ويذهبون. إلى أن ظهر حاكم من بلاد الغال، يدعى ماكسيموس، ونصب نفسه إمبراطورا على كل الدولة الرومانية. وأعد جيشا في بريطانيا، هزم به الشاب الذي كان يحكم روما عام 381. ثم نجح في حكم مقاطعات كيلتس، إنجلترا وإسبانيا وفرنسا، مدة سبع سنوات.

كان جنديا شجاعا، ولم يكن سيئا بالمرة. بل كان محبوبا، يحترم ويقدر الأسقف مارتن، أسقف توروز الشهير.

نشأ مارتن كجندي، لكنه كان عطوفا جدا، لدرجة أنه ذات مرة، عندما رأى متسولا يرتجف من البرد، قطع عباءته بسيفه إلى نصفين، وأعطى الفقير نصفها.

لم يعمد، ولكن في سن الثمانية عشر، صار مسيحيا تماما، وتتلمذ على يدي الأسقف العظيم هيلاري من بواتييه.

في هذه الأيام، كان الرجال هم أول من بدأوا حياة الرهبنة، والعيش في تقشف في الأديرة. وكان مارتن هو أول شخص من بلاد الغال، ينشئ ديرا بالقرب من بواتييه، قبل استدعائه ليكون أسقف تورز.

بالقرب من تلك المدينة، أنشأ ديرا آخر، لا يزال يحمل اسمه، مارموتييه، أي “دير مارتن”.

اعتاد هو والرهبان على الخروج، لتعليم الوثنيين، الذين ما زالوا يعيشون في أقصى الغرب، والذين لم ينجح الرومان في جعلهم ينسون دياناتهم القديمة،

فعل مارتن ما لم يفعله أي شخص آخر بالنسبة لهؤلاء الوثنيين. فقد علمهم أن يصبحوا أقوياء، وحولهم إلى المسيحية، بالرغم من أنهم لهم عاداتهم الخاصة، ولغتهم التي تختلف عن اللاتينية.

كانت هذه هي أعمال القديس مارتن، بينما كان صديقه، الإمبراطور المنافس ماكسيموس، يجري الإطاحة به من قبل الإمبراطور الحقيقي ثيودوسيوس، مع المزيد من القتال المستمر بين الرومان والغال.

في هذه الأثناء، كان الفرنجة المروعون، بين الحين والآخر، يقتحمون البلاد، ويعبرون نهر الراين للنهب والحرق والقتل والأسر، وتحويل الرجال والنساء والأطفال إلى عبيد وجواري.

كان القديس مارتن قد انتهى من تحويل بلاد الغال إلى المسيحية، قبل وفاته مباشرة في ديره في مارموتييه، عام 400.

لقد توفي في الوقت المناسب، حتى لا يشاهد الأوقات العصيبة التي مرت بكل بلاد الغال، أو بالأحرى الرومان.

لأن جميع الغال في الجنوب والشرق، يعتبرون أنفسهم رومان، ولا يتحدثون سوى اللاتينية. ونسوا تماما عاداتهم ولغاتهم وأخلاقياتهم السابقة، واستبدلوها بما تعلموه من الإغريق والرومان.

الفصل الرابع
مملكة الفرنجة. 450-533

هذا الجنس الذي كان يدفع الكيلتس غربا لمدة ستمائة أو سبعمائة سنة، استطاعوا شق طريقهم إلى بلاد الغال أخيرا. في الحقيقة، لم يكن يمنعهم من فعل ذلك في السابق، إلا المهارة والقدرة الرومانية على القتال.

هذا الجنس الذي كان يسمى “تيوتون”، ينقسم إلى عدة دول مختلفة. هم جميعا ذوي أطراف كبيرة، عيون زرقاء، وشعر أشقر. يتحدثون الألمانية.

يؤمنون بآلهة الحرب: “أودين”، “ثور”، و”فري”. يقدمون لهم القرابين في مذابح حجرية، ويتوقعون الخلود لمن يموت بشجاعة في المعارك، مع الآلهة في مجمع الأبطال، بعد الموت. أما الجبناء، فيذهبون للجحيم، لكي يعيشون مع الإلهة “هيلا”، إلهة الموت القاتمة الشاحبة.

بالطبع لم تكن القبائل المختلفة متشابهة. لكن كانت هناك ميزات مشتركة تجمعهم. لقد عاشوا لمدة خمسة قرون على الأقل في وسط أوروبا. يقومون من حين لآخر بالهجوم على جيرانهم، عندما يتعرضون للمضايقات من قبائل أشرس.

من هذه القبائل، التي يجب تذكر اسمائها: “القوط”، الذين هزموا الإمبراطورية الرومانية، واستوطنوا في إسبانيا. وأيضا “اللمبارد”، والاسم يعني “اللحية الطويلة”، الذين انتشروا شمال إيطاليا.

وأيضا، البورجند (البورج)، الذين كانوا في المناطق حول جبال الألب. وأيضا، الألمان، الذين بقوا في وسط أوروبا. والسكسون الذين سكنوا جنوب بحر البلطيق، ثم غزوا أخيرا جنوب بريطانيا.

وشعوب الشمال، الذين استوطنوا الدول الاسكندنافية. والفرنجة، الذين كانوا قد استقروا لفترة طويلة حول أنهار سلا وميوز والراين.

اسم الفرنجة، يعني “الأحرار”. مشهورون باستخدام البلطة التي تعرف باسمهم. لديهم قبيلتان: ساليان، نسبة إلى نهر سيل. والريبواري. كانوا فرسانا، لكن لصوص مروعون.

وكان لدى الساليان، عائلة من الملوك، مثل ملوك جميع القبائل الأخرى، من المفترض أن يكونوا من نسل الإله “أودين”.

بعد وفاة ثيودوسيوس العظيم، الذي هزم منافسه ماكسيموس، لم تكن هناك قوة تستطيع ردع الفرنجة، فكانوا يغيرون باستمرار على بلاد الغال للنهب واصطياد العبيد والجواري.

الأسوأ من الفرنجة، كان “الهون”، الذين قاموا بهجمة مضرية على كل أوروبا عام 450. زعيم هذا الجنس الشرس، اسمه أتزيل، أو أتيلا. وكان يصف نفسه، بأنه بلاء من الله.

في عام 451، غزا بلاد الغال بجيش من وحوش شبه آدمية، ووجوه كالحة، شوهت منذ الطفولة، حتى تبدو في أقبح صورة. وكان الوقوع في أيدي هؤلاء “الهون”، أهون من الأسر بيد الفرنجة. ويستمر مسلسل الرعب في كل مكان. فمن يقول أن أوروبا، كانت أكثر تحضرا من الشرق؟

في لوتيتيا (باريس حاليا)، كانت هناك رغبة جامحة في الفرار والهروب بعيدا. لكن، استطاعت جينوفيفا، المرأة المقدسة، إقناعهم بالبقاء.

كانت شابة صغيرة ترعى الأغنام بالقرب من باريس، وهبت نفسها لخدمة الرب ومساعدة الناس، مما جعل الجميع يثقون بها ويستمعون إليها.

قادت “ماراثون الصلاة” الذي قيل إنه أنقذ باريس، سار أتيلا بعيدا عن المدينة.

كانت على حق. فلم يأت الهون أبعد من أورليانز في شمال وسط فرنسا، لأن الأسقف “لوبوس”، نصح الناس بغلق أبوابهم والدفاع عن مدينتهم. حتى أتاهم جيشا موحدا من الفرنجة والقوط والبورجند والغال. تحت قيادة الجنرال الروماني “أيتيوس”.

هزم أيتيوس الهون في “شالون سور مارن”، وطردهم من البلاد عام 451. وكانت موقعة شالون، هي آخر نصر تحقق تحت الأعلام الرومانية. لأن مشاكل إيطاليا، شغلت الرومان عن مساعدة المناطق الأخرى.

ثم بدأ الفرنجة، يغيرون من جديد على بلاد الغال وقتما يحلو لهم. وجاء هيلبريك ابن ميرفيج إلى لوتيتيا، أو باريس، كما كانت تسميها القبيلة المحيطة بها.

هناك، قام بأعمال شغب في قصر جوليان القديم. كان لديه احترام كبير لجينوفيفا، بالرغم من وثنيته. وعندما عاد إلى المنزل، بعد أن قام بالسطو والنهب، وهو يسوق حشود الأسرى أمامه، وقفت جينوفيفا تتوسل لكي يعفو عنهم. فلم يستطع هيلبريك رفض طلبها، وقام بإطلاق سراحهم جميعا.

توفيت جينوفيفا بعد عمر مديد، عن عمر يناهز التاسعة والثمانين. وأصبحت تدعى بالقديسة جينيفيف، وتم تكريمها في باريس، مثل القديس دينيس.

كان ابن هيلبريك يدعى هلودفيج، ويعني “حرب شهيرة”. وبما أن الاسم قاس بعض الشيء، عرف تاريخيا باسم “كلوفيس”. أراد أن يتزوج من فتاة بورجندية مسيحية تدعى كلوثيلدا. ووعد بأن يسمح لها بالصلاة في الكنائس التي لا تزال قائمة في بلاد الغال.

بعد ولادة طفلها الأول، أقنعت كلوفيس بتعميده في الكنيسة. لكن الطفل توفي بعد ذلك بقليل. فتعجب، كيف أن هذا الإله لم يستطع إنقاذ الطفل.

إلا أنها أصرت على تعميد الطفل الثاني. وعندما مرض، صلت للرب طالبة شفاءه. عندما شفي الطفل، بدأ كلوفيس يتساءل عن المسيحية، ويستمع لما تقوله زوجته عنها.

بعد فترة وجيزة، جاء الألمان بجيش جرار عبر الراين. فخرج كلوفيس ومعه جيش من الفرنجة لقتالهم في تولبياك، بالقرب من كولونيا.

أثناء المعركة، تعرض لخطر داهم، فصرخ بصوت عال: “أيها المسيح، لقد ناديت آلهتي، فلم تلبي ندائي. ساعدني أنت وسوف أرفع اسمك عاليا”. بعد ذلك، دارت رحى الحرب، وانتصر كلوفيس وهرب الألمان.

كان كلوفيس عند كلمته. تم تعميده في ريمز بواسطة القديس ريميجيوس، هو وشقيقتيه وثلاثة آلاف رجل، والعديد من النساء والأطفال. وبات أول أمير تيوتوني كاثوليكي يحمل لقب ملك فرنسا، منذ ذلك الحين. وكان يطلق عليه، ابن الكنيسة البكر، وأكثر الملوك مسيحية.

كان كلوفيس، أيضا، أول رئيس فرانك استوطن بلاد الغال. وأول من يرتدي رداء أرجوانيا وتاجا يشبه تاج إمبراطور روما. جعل منزله الرئيسي في باريس، حيث بنى كنيسة في الجزيرة الصغيرة على نهر السين، تكريما للعذراء المباركة. وحدد طول الكنيسة، بالمسافة التي أمكنه رمي البلطة إليها.

بالرغم من أنه كرم رجال الدين الغاليين، إلا أنه كان لا يزال وحشيا شرسا وعنيفا. قام بالعديد من الأعمال القاسية. لكنه تاب عنها بعد ذلك. وقدم هدايا للكنائس لإظهار مدى ندمه، وكان رجال الدين يلتفون حوله عندما توفي عام 511 في باريس.

تعمد أبناؤه جميعا، لكنهم كانوا أسوأ منه. مملكة الفرنجة، كانت الجزء الشمالي من البلاد فوق نهر لوار. في الجنوب، كان الرومان لهم حضور أطول بكثير، وقاموا ببناء العديد من المدن المسورة.

لم يستطع الفرنجة استيطان هذه المدن المسورة. لقد دأبوا على الإغارة جنوبا لنهب البلاد، لكن السكان كانوا يسرعون بإغلاق البوابات، وتعزيز الأسوار. ولم يكن للفرنجة، آلات لهدم الجدران، ولا الصبر على الحصار، فيعودون أدراجهم إلى ديارهم، بغنائم أول بلد هاجموها على حين غفلة.

في المقاطعات، يعتبر الناس أنفسهم مواطنين رومان، يحكمون بموجب القانون الروماني القديم. كان الكثير من الغال في الجزء الشمالي أيضا، لا يزالون يتحدثون اللاتينية.

كان عليهم أن يتحملوا الكثير من المعاملة القاسية من الفرنجة، ولكن في كل الوقت، كانت معرفتهم ومهارتهم تجعلهم محترمين.

رجال الدين، أيضا، كانوا جميعا تقريبا من الغال. ولأن الفرنجة كانوا مسيحيين، بالاسم على الأقل، كانوا يخافونهم. ونادرا ما يلحقون الضرر بكنيسة أو يقتحمون ديرا.

قسم أبناء كلوفيس الأربعة، الملك فيما بينهم. وصاروا جميعا ملوكا. لكل منهم مدينته الخاصة. لكن، لهم جميعا أسهم متساوية في المدن الأربع الرئيسية، وهي باريس، أورليانز، سواسون، وميتز.

وكان لكل منهم، صندوق مملوء بالذهب والجواهر. وكانوا دائما قادة، عندما يحين وقت الإغارة والنهب جنوبا. وكان هناك جزء آخر من الفرنجة لم يغزوا أبدا، يقطن في الشمال الغربي زاوية تسمى أرموريكا، غزاها يوليوس قيصر من قبل، وقام القديس مارتن بتحويلها إلى المسيحية بعد ذلك.

عندما توفي هلودمير، أحد أبناء كلوفيس، تم إرسال أبنائه الثلاثة الصغار إلى باريس ليكونوا تحت رعاية جدتهم، كلوتيلدا.

كانت مغرمة جدا بالأطفال. فخاف أعمامهم من مطالبة الجدة بميراثهم. فطلبوا منها، إرسال الأطفال لزيارتهم. بمجرد وصولهم، أبلغوا الجدة بأن عليها أن تختار: إما السيف، أو المقص.

السيف، يعني، قتل الأطفال. والمقص، يعني قص شعرهم وإرسالهم للدير لكي يكونوا رهبانَ.

أجابت كلوثيلدا، بأنه من الأفضل رؤيتهم ميتين، على أن يصيروا رهبان. فقتل الطفل الأكبر، هلوتر، بسيفه، وهو لم يبلغ العاشرة من العمر. الطفل الثاني، تشبث بعمه هيلدبرت، وتوسل بشدة لإنقاذ حياته، لكن قتله هلوتر، مثل أخيه.

أما الطفل الثالث، هلودولت، فقد اختبأ بمساعدة بعض المارة، وعندما كبر، قص شعر رأسه الطويل، وذهب للدير. وأضحى القديس كلاود. هذه الأحداث الرهيبة، تمت عام 533.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى