جواد كاظم غلوم
لعل أهم شيء يفكّر به الزوجان هو ان يجعلوا ذريتهم بمستوى عالٍ من الوعي والفطنة والذكاء والتربية الحسنة المتوّجة بخلق قويم وعقل راجح وتهذيب عالٍ ولعل هذه الأماني تترسخ حتى قبل الارتباط والإنجاب من قبل الزوجين الصالحين وتعدّ هذه الاماني حلما لو تحقق سيجلب السعادة والهناء وراحة البال بالنسبة للزوجين .
تلك ملاحظات ووصايا آمل ان تأخذوها بالحسبان أيها الأبوان كي تخلق من أطفالكم ما ينال رضاكم حتما :
1) لا تردعوا أولادكم منعا وتخويفا حينما يلجون لدروس الموسيقى سواء في البيت او معاهد الموسيقى حيث أظهر الأطفال في المجموعات الموسيقية ، حسب الدراسات التي أجرتها جامعة نورث وسترن ، زيادات أكبر في معدل الذكاء الشامل لمن يستسيغ الفن والموسيقى ، وقد تم تعميمه عبر اختبارات الذكاء ودرجات المؤشر القياسي للإنجاز الأكاديمي، حتى أن الموسيقى تمنع بعض الآثار الضارة للشيخوخة المبكرة ايضا ويظهر تأثيرها الإيجابي مع تقادم العمر ولا تقتصر منافعها على الطفولة والصبا .
2) ممارسة الرياضة ؛ حيث يقضي اللاعبون الرياضيون وقتاً أطول في الميدان وساحات اللعب مما يقضونه في المكتبة ، وهذا ليس دليلاً على الذكاء ، إلاّ إذا تأكدنا من ان التلميذ يكرس الوقت لكليهما ، لأن الأطفال بعد التمرين الرياضي ، يلتقطون الكلمات الجديدة بنسبة 20% أسرع من أقرانهم الذين لا يميلون الى الالعاب الرياضية ، وأن معدل التعلم يرتبط ارتباطاً مباشراً بمستويات الجهد الدراسي وفق دراسة خلص إليها باحثون ألمان، حيث أدى نظام التمرين لمدة ثلاثة أشهر إلى زيادة تدفق الدم إلى جزء الدماغ الذي يركز على الذاكرة والفطنة العقلية ولهذا يجب تحديد ساعات وجوده في الميادين الرياضية رغم أهميتها بل يكرس معظم وقته في الدراسة على السواء .
3) ان كان لديكم طفل صغير يتعلم القراءة فلا تدعوه يحدق في الصور الموجودة في الكتاب بينما يقوم أحد والديه بالقراءة كلها ، وعليكم لفت انتباهه إلى الكلمات. اقرأوا معه وليس له. إذ تظهر الأبحاث أن هذا يساعد في بناء مهارات القراءة لديه ، فقراءة الكتب المشتركة هي وسيلة فعالة لتعزيز القدرة على القراءة والكتابة في وقت مبكر للأطفال فلا تقرؤوا للأطفال حصرا بل اقرأوا معهم .
4) يتفوق الانضباط الذاتي على معدل الذكاء في توقّع من سينجح في الحياة ، حيث تظهر العشرات من الدراسات أن قوة الإرادة هي الأكثر أهمية لنجاح التلاميذ ، فالطلاب الذين وصلوا لمستويات عالية من قوة الإرادة حصلوا على درجات أعلى في فصولهم المدرسية والقبول في مدارس أكثر انتقائية كمدارس المتميزين . إذ كان لديهم عدد أقل من الغياب وقضوا وقتاً أقل في مشاهدة التلفزيون وساعات أكثر في أداء الواجبات المنزلية. فالانضباط الذاتي ينبئ بالأداء الأكاديمي بشكل أقوى مما توقعه معدل الذكاء . 5) حيث ان الضمير والشعور بالمسؤولية في الدراسة ، هو السمة الأفضل لتوقع النجاح في مكان العمل ، فالأطفال ذوو الضمير العالي يحصلون على درجات أفضل في المدرسة والكلية ؛ ويقعون في مشاكل أقل ؛ ويبقون متزوجين ومقترنين مع عوائلهم لفترة أطول حينما يكبرون . إنهم يعيشون لفترة أطول من أقرانهم الذين لا يعبئون بمسؤولياتهم ، ولديهم عدد أقل من السكتات الدماغية، وانخفاض في ضغط الدم ، ومعدل الإصابة بمرض الزهايمر لديهم ضئيل جدا . وهنا يبرز مدى اهمية عملية الانضباط الذاتي لاجيالنا المقبلة للحدّ من الانفلات وتحجيمه تماما .
6) إن فقدان ساعة من النوم يحوّل دماغ تلميذ الصف السادس مثلا إلى دماغ طالب بالصف الرابع ، أي يعادل فقدان عامين من النضج والتطور المعرفي ، فهناك علاقة وطيدة بين الدرجات ومتوسط كمية النوم.
كان متوسط نوم المراهقات والمراهقين الذين حصلوا على علامة / ممتاز مثلا حوالي خمس عشرة درجة أكثر من طلاب الدرجة الثانية والذين بلغ متوسطهم عشرة درجات / جيد جدا وهكذا دواليك حتى نصل الى المرتبة الادنى تنازلياً لانهم لم يستمتعوا بنومٍ كافٍ . فلا تحرموا أطفالكم من النوم ، فالحرمان من النوم يجعله ميّالا الى الغباء وربما البلاهة تدريجيا على مرّ السنين .
7) التركيز على القراءة والدرس والتحضير المتواصل لكن دون منع الاطفال من مشاهدة الأقراص المدمجة النافعة وألعاب الفيديو في اوقات الفراغ فقط ولفترات محددة بوقت قصير اذ ان الانهماك والمداومة على هذه المشاهدات الالكترونية قد تسبب البلاهة والشرود الذهني خاصة في الأعمار دون الأربع سنوات ، لهذا فان الأولوية تكون للتعليم الدراسي باعتباره العملية الأكثر نشاطا لنماء وسعة الافق العقلي .
8) أظهرت الأبحاث أن الأطعمة عالية الكربوهيدرات والألياف وبطيئة الهضم مثل دقيق الشوفان هي الأفضل. شريطة أن يأكل الطلاب طعاماً مختلفاً قبل أسبوع من الامتحان ، حيث تم اختبار / 16 طالباً على سرعة الانتباه والتفكير، ثم تناولوا نظاماً غذائياً عالي الدهون منخفض الكربوهيدرات لمدة خمسة أيام ومعزز باللحوم والبيض والجبن والقشطة وتم اختبارهم مرة أخرى، انخفض أداؤهم بشكل واضح .
كما تظهر الأبحاث أن الكافيين والسكر يمكن أن يكونا معززين للدماغ ، ولهما تأثيرات مفيدة على الأداء المعرفي، فهما يزيدان من كفاءة نظام الانتباه. وهذا تبرير مقنع لمكافأة طفلك بقطعة حلوى بين الحين والآخر ؛ حيث من الضروري تقديم طعام منتقى يساعد على إبراز قدرات الطالب العقلية ويزيد توقّده الذهني .
9) اجهدوا على خلق السعادة لأطفالنا إذ يكون الأشخاص السعداء أكثر نجاحاً من الأشخاص غير السعداء في العمل والحب. ويحصلون على تقييمات أداء أفضل ، ولديهم وظائف مرموقة ، ويكسبون رواتب أعلى حينما يكبرون ويدخلون سوح العمل . وهم أكثر عرضة للزواج الناجح ، وبمجرد أن يتزوجوا ، يصبحون أكثر رضا عن زواجهم ، والخطوة الأولى في خلق أطفال أكثر سعادة هو أن نكون آباء وأمهات اكثر سعادة لان جهودنا لم تذهب سدى .
