أحوال عربيةأخبار العالم

في خمس دقائق… الأسد أربك الجميع بتصريحاته

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

تصدرت عودة سورية إلى جامعة الدول العربية بعد 12 سنة من الغياب القسري عناوين الصحف العربية والأجنبية التي أكدت أنها تجسيد لمسار توحيد الصف ولم الشمل العربي من أجل مواجهة التحديات التي تفرضها التغيرات الإقليمية والدولية.

فبكلمات وجمل مختصرة ومعبرة وواضحة، وضمن الوقت المحدد بخمس دقائق ألقاها الرئيس الأسد في القمة العربية الـ 32 في جدة السعودية ليقول للجميع…أننا معاً على قلب رجل واحد.. فلا بد من وقفة حاسمة وشديدة في مواجهة الإرهاب ومقاومة الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً والدفاع عن فلسطين، هذه النقاط التي ذكرها الأسد جاءت من منطلق خبرة عميقة في مواجهة الظاهرة الإرهابية التي عانت منها سورية طوال السنوات الماضية.

إن هذه الكلمة كانت من “أقوى الخطابات” التي تلامس عدة مواضيع حساسة، حيث كانت موضِع اهتمام الملايين، مُوالين كانوا أو مُعارضين، وحتى الإسرائيليين والأمريكيين وقيادتهم بشقّيها السياسي والعسكري.

ولا شك، إن كلمة الأسد اتسمت بالمصارحة وتقديم المعلومات الكاملة للشعوب العربية لكي تعرف ما تمر به المنطقة عن قرب وأن هناك تحديات كبيرة تمر بها البلاد وتحتاج إلى أن يتجمع الجميع على قلب رجل واحد لمواجهة الأخطار والتحديات، وأن مرحلة الصراعات والفوضى التي عمت المشرق العربي، في السنوات الأخيرة، قد إستنفذت غاياتها، وأننا نتجه نحن مرحلة التسويات.

الرئيس السوري ورغم حجم المآسي التي ارتكبها بعض الحكام العرب بحق الشعب السوري، إلا انه رأى في انفتاح بعض الدول العربية الفاعلة على سورية طي صفحة الماضي، وتحدث على ان العروبة انتماء ومصير، أما الاحتضان فانه سلوك عابر.

في هذا السياق تضمنت رسائل واضحة وصارمة لمن يعملون على تفتيت سورية أو تهديدها سواء في الداخل أو الخارج، وأنهم لن يستطيعوا إحداث أي أضرار بالوطن وهذا يحمل بين طياته معاني معينة يريد أن يوصلها الرئيس للشعب بأن السوريين أقوى من كل المؤامرات التي تحاك ضدهم والمنطقة بأكملها.

المؤكد ان امريكا وبعض الدول الغربية ليست راضية على استرجاع سورية لمقعدها بجامعة
الدول العربية وستسعى بكل جهدا الى عرقلة العودة الكاملة، لأنها لا تريد لهذه الامة الخير.

في هذا السياق إن الدول العربية في كل فترة تتعرض الى أزمات وتغيرات تهدف الى زعزعة واستقرار أمنها، فالمتتبع لتاريخ المنطقة يستطيع أن يرصد الأزمات المفتعلة، حيث جعلت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية منطقة الشرق الأوسط منطقة تعيش الحروب والأزمات خاصة بسبب احتضانها للكيان الصهيوني وإمداده بكل أشكال الدعم المادي والاقتصادي والعسكري وتوفير الحماية السياسية والأمنية لهذا الكيان الغاصب لأرض فلسطين العربية، والذي أصبح قاعدة تهديد وانطلاق نحو خلق الأزمات والعدوان على الأقطار العربية والتدخل بشؤونها الداخلية، والعمل على إجهاض أي مشروع نهضوي عربي.

اليوم تبدو المنطقة محاطة بما يشبه بـ ” تحالف إقليمي ” يجعل من إمكانية حدوث تغييرات سياسية متسارعة، وتحالفات جديدة قد تعيد تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة لتكون صداً في وجه الإختراق الغربي-الأميركي للمنطقة، فالذي يجري هذه الأيام من تطورات على الصعيد السوري والعربي يؤرِق صنّاع القرار في كيان العدو ويقض مضاجعهم، لأن من شأن هذا التطور أن يؤثّر حتى على اتفاقيات التطبيع الموقعة مع عدد من الدول العربية، وبالإضافة لذلك سدّ الطريق أمام “إسرائيل” في محاولاتها لفتح ثغرات جديدة لضم دول عربيّة وإسلامية إلى قطار التطبيع، ناهيك عن مواصلة إيران في تسجيل نجاحات دبلوماسية تُعزز تأثيرها ودورها في منطقة الشرق الأوسط.

بالتالي إن كل هذه المعطيات تشير الى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، فالكيان الصهيوني يشعر بالإحباط جراء عدم قدرته على حجب ما يراه من عودة سورية إلى الساحة الدبلوماسية والدولية، وتراجع حظوظ “إسرائيل” في حشد العرب ضد دمشق، بالتالي إن عودة سورية إلى الجامعة العربية تشكّل ضربة قاصمة لـ “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية، ولمخططهما في المنطقة، القائم على تقسيمها وعزل سورية عن الصف العربي.

مجملاً……إن كلمة الرئيس الأسد هي رسالة ردع واضحة إلى كل من يهمه الأمر على المستوى العالمي أو الإقليمي، ورسالة بقدرة السوريين على التحدي وكسب الرهانات الصعبة، وتجاوز الصعاب، ومن هذا المنطلق فإن الشعب السوري قادر على مواجهة مخططات الإرهاب والمؤامرات المشبوهة وإفشالها بوحدته الداخلية وبإرادته وجيشه العربي التي لن تستطيع أي قوة أو إرهاب أن تكسرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى