مجتمع

فنون النفاق

محمد سعد عبد اللطيف
أقول ويعتصرني الألم، كم من المنافقين يعيشون بين ظهرانينا وكم من المنافقين والمتملقين يعيشون بيننا،
وكم من سياسي منافق بيننا ويتحكّم بمصير شعب كامل ومستقبل أجيال كاملة،، اننا جميعا جزء من المشكلة (وما أبرّئ نفسي) من الهجوم الشدید علی مقالي السابق تحت عنوان (وداعاً میارك 30 عاماً من الفساد) کتبت مقالي بعد ما سمعت من الذین رقصوا وفرحوا یوم بیان / السید المرحوم عمر سلیمان بتخلیة عن الحُکم خرجوا جمیعا علی شاشات التلفزة رغم منهم من عمل فی مکتب الرٸیس لیعلنوا عن تخلیهم عن مبارك وعن مناصبهم، وأنهم کانوا عبارة عن سکرتاریة فی مکتب الرٸیس، وظلوا یهاجمون مبارك طول فترة حکم / المجلس العسکري / وفترة الرٸیس السابق / محمد مرسي / ثم إنقلبوا علیة کما إنقلبوا علی مبارك، وهذه الروایة تنطبق علیهم،
يُروى ان أحد الخلفاء كان في رحلة صيد فرمى بسهمه على أحد الطيور فلم يُصبه فقال له وزيره المرافق : أحسنت ياسيدي، فالتفت اليه الخليفة غاضبا وقال : أتسخر مني وتهزأ بي لأنني لم أُصب الطير ؟
فرد عليه الوزير بمكر ودهاء : ياسيدي الخليفة لقد أحسنت الى الطير بأنك لم تقتله . هذه الحكاية حرّكت في داخلي موضوعا أزليا وظاهرة اجتماعية خطيرة ألا وهي ظاهرة النفاق، فالمنافقون والمتملقون والانتهازيون والمطبلون والمداحون موجودون في كل زمان ومكان، لكن أساليبهم تختلف من زمن لآخر .،ومن المدافعین عن ذلك النفاق یستشهد بما قاله السید المسیح علیه السلام (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) : كلمة رواها أحد الأناجيل عن المسيح (عليه السلام)، في قصة امرأة متهمة بالفاحشة، وأرادوا رجمها، وأرادوا أن يحرجوا المسيح (عليه السلام) بأن يشارك هو في رجمها، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى (عليه السلام) . فقال لهم تلك العبارة، لما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر .، وفی ملتنا
جاء نصان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن علامات المنافق، أولهما قوله: “أیة المنافق ثلاث “(إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.) والنص الآخر: “أربع (من كن فيه كان منافقا، ومن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدَعها: من “إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر” واذا اردنا تسليط الضوء على معنى كلمة (النفاق) نقول : (النفاق هو : كذب، وخداع، وغش) وهو (أن يُظهر المنافق شيئا وفي داخله شيئ آخر مخالف تماما) .. وسُمي المنافق منافقا لأنه يجعل لنفسه أكثر من وجه، ويُظهر أحد تلك الوجوه حسب الموقف الذي تقتضيه مصلحته الشخصية حتى لو كان ذلك على حساب كرامته وسمعته، وقد طهر کثیراؑ بعد 25 من ینایر 2011م فی وجوه کالحه تطل علینا من شاشات المیدیا یومیا ونحن نعلم جمیعؑا انهم ینافقون،، فكلنا نعرف المنافق لكننا لا نمتلك الجرأة والشجاعة لمواجهته وتعريفه بحجمه الحقيقي وكذبه وزيفه، لأسباب عديدة أهمها ان المجتمع مازال في سباته ولم ينهض،ولم نتعلم ثقافة الأختلاف والمعرفة ولم نتقبل الرآي والرآي الآخر، بعیدا عن لغة التخوین، ان طابور المنافقين الذي عادة ما يتنامى تعداده وتأثيره في الظروف المضطربة والأستثنائية وعندما تتصدع منظومة القيم والأخلاق في المجتمع وعندما يكون مهيّأ لتقبّل مايقوله المنافقون من اقوال كاذبة وتضليل وتدليس وتزييف وقلب الحقائق،وكل ذلك يؤدي الى زعزعة وتدمير الثقة والوحدة في المجتمع وان من أخطر انواع النفاق وأكثرها فتكا وتدميرا هو النفاق السياسي بكل اشكاله وأساليبه . ان النفاق السياسي ناجم عن ثقافة مجتمعية متدنية، فيستغل المنافقون هذا التدني من اجل تحقيق مآربهم واهدافهم المريضة على حساب القيم والاخلاق والمبادئ والاعراف . ان ظاهرة النفاق اصبحث وللأسف الشديد جزءا من حياتنا اليومية، لذلك نرى طوابير المنافقين بمختلف الوانهم وطعمهم ورائحتهم، ويتجلى ذلك في التملق، تبديل الوجوه الكالحة، تبديل الخطاب من اجل الوصول على المناصب والمكاسب، ونحن الأن علی أبواب نوع من النفاق نهایه العام فی إجراء إنتخابات تشریعیه فی مصر،
وقد اقترح الکاتب الراحل (توفیق الحکیم) فی کتابه ” تحت شمس الفکر ” تقليص هذا النفاق إلى أدنى حد إنشاء “شركة مقاولات انتخابات” يدفع لها المرشح مقابل أن تقوم بالدعاية له من تجهيز الخطباء ووضع اللافتات وإعداد الولائم، ثم يعود إلى بيته لينام، وهنا يقول موجها كلامه إلى المرشح:ويجلس الناخب فى سرادق الاحتفال الذى تقيمه الشركة، فيرى ويسمع اللذيذ الطريف، يرى خطباء الشركة قد قاموا، أو اعتلوا المنصة واحدا تلو الآخر، يوسعونه مدحا، ويسردون تاريخ حياته الحافل بكل جليل ومجيد، ويتكلمون فى ذمته وطهره وكفايته ونزاهته، وهو لم يرهم ولم يروه مرة قط! ثم يعرجون على خصمه فيطعنون فيه الطعن المر، ويذكرون من خصاله الذميمة وأعماله الخبيثة وخياناته وسفالاته ما تشمئز منه النفوس، وما تكاد تختم هذه الحفلات على خير أو شر حتى تقدم الشركة فاتورة الحساب، فإذا استكثرت المبلغ أقسموا لك أن الشركة قامت بنفقات باهظة.. إلى هنا لا بأس، لكن لو خطر لك أن تسير قليلا فى البلدة لوجدت عجبا، فإن سرادقا آخر قد نصبته عين الشركة لخصمك هو هو أيضا، وقد قام فيه خطباء آخرون من الشركة يمدحون الخصم، ويغسلون عنه ما لحق به فى السرادق الأول، وينزلون بك أنت كل تهمة وكل عيب».
لقد کتبها الّادیب / توفیق الحکیم فی القرن المنصرم والأن یحدث نفس السیناریو من النفاق ویظهر فی القري والمناطق التی لا یوجد فیها مرشح، عندما یزور المرشح للقریة فی إستقباله والثناء علیة والقسم له أنه المرشح الوحید الذی یعطوا لهم جمیعاً له الأصوات وبعد ساعه یدخل المرشح المنافس یتکرر نفس السیناریو السابق، ویکون من حظ المتوفی فی موسم الإنتخابات،، تجد جیوش جراره وراء کل مرشح لتقدیم خالص العزاء، وهم لا یعرفون المتوفي ولا أسرتة، وینقلب العزاء الی حفله من الدعایة والکل فی سباق للقبلات الحارة للأهل المتوفي،
وهناك طاٸفة (الهتیفه والشمرشجیه) التی تعمل فقط فی موسم الإنتخابات مثل قدیما نساء (الندؑب) التی کانت تعمل فی الندب علی المتوفی ب”أجر
فهو لا يكتفى بالدعاء له أو بالتصفيق له عند مروره أمامه، بل أنه يدبج له قصائد المديح ،وبعد فوز المرشح يكتب المقالات فى الجرائد تأييدا ومباركة لفوز المرشح الکاسح، وإذا توفى لهذا العضو أو مسٶول کبیر من العاٸلة وكان صاحبنا من رجال المال والأعمال، فإنه لا يكتفى بإرسال برقية عزاء أو بالمشاركة فى تشييع الجنازة، بل لا بدّ من نشر صفحة أو ربع صفحة للقراء فى كبرى الصحف، أو القیام بدفع والمصاریف المالیة للسرادق والقارٸ،، ویستحضرني فی هذا المقال فیلم (ضد الحکومة) والمرافعة الراٸعة الخالدة للفنان أحمد ذکي فی المحکمة لتجسد هذا الواقع المر،، کذلك، فیلم “الحب فوق هضبةالهرم ” “كلهم كذابين.. وعارفين إنهم كذابين.. وعارفين إن إحنا عارفين إنهم كذابين ومازالوا مستمرين فى الكذب وبيلاقوا اللى بيصقفوا لهم”، نحن الأن نحتاج الی محامي یقول لکل المنافقین ما قاله احمد ذکي فی هذه المرافعة
انا مثال للمحامى الفاسد .. بل اكثر فسادا مما يتصوره استاذى
انا ابن لهذة المرحلة والمراحل التى سبقتها،،
تفتح وعى مع التجربة الناصرية امنت بها ودافعت عنها فرحت بانتصارتها وتجرعت مرارة هزائمها وانكسارتها.
هنت عندما هان كل شيء وسقطت كما سقط الجميع فى بئر سحيق من اللامبالاة والاحساس بالعجز وقلة الحيلة.
ادركت قانون السبيعنبات ولعبت عليه وتفوقت،
تاجرت فى كل شيء فى القانون والاخلاق والشرف،
انا لا انكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسئولية،
بل اكثر من ذلك اعترف امامكم اننى دخلت هذه القضية طامعا فى مبلغ تعويض ضخم لكنى اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية،،
جعلتنى اراجع نفسي اراجع موقفى كله اراجع حياتى وحياتنا
اصطدمت بالمستقبل.
نعم صبي من الذين حكم عليهم ان يكونوا ضمن ركاب اتوبيس الموت
رايت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقى،،
رايتنا نسحقه دون ان يهتز لنا جفن نقتله ونحن متصورون ان هذه هى طبائع الامور.،،
كان لابد لى ان اقف..
ان هذه جريمة جريمة كبرى لابد ان يحاسب من تسبب فيها
انى لا اطلب سوى محاسبة المسؤلين الحقيقين،،
عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئا سوى انهم ابناؤنا،،
ابناء العجز والاهمال والتردى كلنا فاسدون .. كلنا فاسدون
لا استثنى احدا .. حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة
سيدى الرئيس
كل ما اطالب به ان نصلى جميعا صلاة واحدة لله الواحد اله العدل الواحد الاحد القهار
لست صاحب مصلحة خاصة
وليست لى سابق معرفة بالشخوص الذين اطلب مسائلتهم
ولكن لدى علاقة ومصلحة فى هذا البلد،،
لدى مستقبل هنا اريد ان احميه انا لا ادين احد بشكل مسبق،،
ولكنى اطالب المسئولين عن هذه الكارثة بالمثول امامكم فهل هذا كثير ؟ اليسوا بشرا خطائين مثلنا اليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقى البشر!!
سيدى الرئيس
انا ومعى المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ اليكم
فاغيثونا . اغيثونا، من النفاق السیاسي ۔۔
محمد سعد عبد اللطیف
کاتب مصري ۔وباحث فی الجغرافیا السیاسیة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى