أحوال عربية

فتح…حتف فلسطين

ميلاد عمر المزوغي

جرت العادة ان تتخذ الاحرف الاولى من كل كلمة للتعريف بالمسمّى”الوليد” الجديد ليسهل نطقه وكتابته
والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها في عالمنا العربي”امل وحماس”, وفي الاول من الشهر الاول من العام
1965 تشكلت حركة فلسطينية مقاومة لأجل تحرير الارض والعباد من براثن العدو الذي كان يسيطر فقط
على الاراضي التي اعترفت له الامم المتحدة بها اي ان الضفة والقطاع في ذلك الوقت كانتا خارج السيطرة
الصهيونية,اسمت نفسها حركة تحرير فلسطين لتكون التسمية المختصرة “حتف” ولأن الكلمة الاختصار
نذير شؤم فقد تم قلبها “عكس احرفها” لتكون “فتح” ولتكون فاتحة خير على الشعب الفلسطيني.
استبشر العرب بالحركة خيرا وقال عنها عبد الناصر انها انبل ظاهرة في التاريخ المعاصر وعمل كل ما في
وسعه للتعريف بالحركة وأهدافها واصطحب معه في احدى زياراته المناضل ياسر عرفات الى موسكو
وكانت اول زيارة له. ثم كانت دعوة عرفات من قبل الجزائر التي ترأست دورة الجمعية العامة للأمم
المتحدة للتحدث عن فلسطين حيث قوبل خطابه بترحاب كبير من مندوبي كافة الدول وخاصة التي عانت
ويلات الاستعمار والجور.وأصبحت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وكانت احداث ايلول الاسود 1970 التي راح ضحيتها عديد الفلسطينيين, وانتقال الزعيم الراحل عبد
الناصر الى الرفيق الاعلى, وفي ظل الانقسامات العربية شهدت الحركة تباينات في الرؤى بين اعضائها
حيث استمالت كل دولة بعض الاعضاء فحدثت انشقاقات في كوادرها وان استطاعت الحركة البقاء ككيان
موحّد تحت راعية عرفات, ثم كانت الضربة القاسمة للحركة بخروجها من لبنان.
هرم قادتها التاريخيون واثّرت فيهم السنون والنكبات ارتحل بعضهم عن الدنيا, ومن تبقّى ارتحلت آمالهم
الى عالم آخر,حاولوا مجاراة الواقع فكان مؤتمر مدريد, دخلوا في مفاوضات ثنائية مع الاعداء”اوسلو” علّهم
يظفرون بجزء يسير من تراب الوطن لكن تلك المفاوضات لم تكن تحت راية الامم المتحدة لتكسبها
” الشرعية ” فاعتبرت أنها مفاوضات بين ميليشيات, ليس هناك اي التزام دولي بمقرراتها,عادت كوادر
الحركة الى الضفة لتحاصر نفسها في مقر مقاطعة رام الله وليتقاضوا رواتبهم من اعداء الشعب الفلسطيني
وليرسلوا بأبنائهم الى امريكا وأوروبا ليتعلموا بها ولتكون لهم شركات كبرى ليزدادوا ثراءا مقابل ان
يكونوا حراسا للعدو فأجهضت الانتفاضات التي استعمل فيها الشبان الفلسطينيون الحجارة,لم تنطلق اية
رصاصة من الضفة صوب المستوطنات التي تحاصرهم والتي تقترب منهم كل مطلع شمس. ويستمر هؤلاء
في التفريط بالأرض والعرض ويدخلون في مفاوضات مع العدو “مقابل اموال” ووعود كاذبة لتستمر
المستوطنات تزحف نحو ما تبقّى من اراضي. وأما عن غزة فإن ابناءها من مختلف الاعمار هم الذين
حرروها بفعل صمودهم وصبرهم وتقديم الشهداء ورغم صغر مساحة القطاع فإنهم يطورون الاسلحة للدفاع
عن النفس وتحرير الضفة التي يتربع عليها عظماء فتح,قالوا عن الصواريخ انها عبثية ولكن تبيّن للجميع ان
مفاوضاتهم مع العدو هي العبثية وتفضي الى قضم المزيد من الاراضي وازدياد عدد المستوطنات.فمسلسل
العطاءات لبناء وحدات جديدة مستمر وكبادرة حسن نية لبدأ المفاوضات اعلن العدو عن إنشاء وحدات
سكنية جديدة, إن المفاوضين من الجانبين يدركون جيدا ان مشروع الدولتين سراب .
تكتب بمقدمة سيارات الإسعاف الكلمة مقلوبة حتى يستطيع الذي يقود سيارته امامها ان يقرا الكلمة صحيحة
“بعد قلبها “من خلال المرآة فيفسح لها الطريق, لتصل بالمريض الى المستشفى في اقصر زمن لإنقاذه, انني
لا اشك في نية من قلبوا كلمة “حتف” لأنهم ضحوا بأرواحهم وبأموال استجدوها ” شحتوها” من الاخرين
لأجل شراء سلاح او اطعام مساكين, ولكن الذين يتولون زمام الامور في الحركة اليوم من خلال تصرفاتهم
وأقوالهم فإنهم قلبوا الكلمة “فتح” لتعود الى اصلها “حتف” ففلسطين على ايديهم ذاهبة الى حتفها المحتوم,

إنهم سيتركونها إلى بلاد الافرنج حيث ابناءهم وأحفادهم وطيب المأكل والمشرب والقصور الفارهة. وأقول
للـ “حتفاوييين” اننا متفطنون لما تقومون به, وان السيارة التي تركبونها ستلقي بكم في مزبلة التاريخ فما
قيمة الحياة وانتم تساهمون في قتل الوطن وقبض الثمن فتعسا لحياة الخونة المهرولون خلف اطماعهم, الذين
يبيعون اوطانهم ببطونهم, لقد تفوقتم بعملكم الخياني حتى صار “بروتس” خلفكم بعد ان كان امامكم ” الذي
جاء بعدي صار قدامي”. وأتمنى ان تثور الجماهير لتزيحكم عن الكراسي قبل ان تزيحوها من الوطن.
مجازر في كل انحاء فلسطين. جزين ترسم ملحمة النضال ونابلس واريحا ويأتي حاكم نابلس الذي يتبعكم
ويسفهه تضحيات الشباب ويدعوهم الى الاستكانة فلا فائدة حسب زعمه من محاربة العدو. لقد أضاعت
السلطة الفرصة بعرض انتهاكات العدو بمجلس الامن(الاستيطان المستمر),والوعود بتخفيف حدة التوتر.
لقد اصبحتم ايها الفتحاويون واجهة للسلطة الفاسدة, المستفيدة من المساعدات التي تقدمها الدول نظير
استسلامها وانبطاحها ,وان الشجب والاستنكار والادانة لسان حال الخونة والمرتدين وعباد الكراسي,
الجاثمين على الشعب الفلسطيني.
انه من المؤسف حقا ان تتخلى فتح عن دستورها القاضي بتحرير البلاد والعباد من السيطرة الصهيونية, لا
نقول من النهر الى البحر, بل من الاراضي المعترف بها دوليا اي حدود ما قبل الخامس من حزيران يونيو
1967 .وان تتحول لاءات عدم الاعتراف بكيان العدو الى تنسيق امني يمنع قيام المقاومين باي اعمال
فدائية ,وقد اشاد العدو الصهيوني بنجاعة التنسيق بل وصل الامر الى التبليغ عن المقاومين ما يسهل على
العدو مطاردتهم بكافة انحاء الضفة الاخذة في الانحسار, نتمنى على الشرفاء من الحركة ان يعلنوا انسحابهم
منهم والاعلان عن وفاتها, ان بقاءهم بها يجلب لهم الخزي والعار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى