تعاليقمجتمع

غشاء البكارة وخدعة أن السينما والفن رسالة

خواطر …. غشاء البكارة وخدعة أن السينما والفن رسالة

منى حلمي


الوحيد بين الرجال الذين مروا بحياتى ، منحته اسم ” مُنى فى هيئة رجل ” ، ومنحنى اسمه ولكن فى هيئة امرأة .

لا يكملنى ولا يشبهنى ولا يتفق مع شخصيتى ولا يتناغم مع طباعى . كان أنا بالضبط . وأنا كنت هو بالضبط . لم يكن نصفى ، ولم أكن نصفه . هو أنا ، وأنا هو . وبالطبع هذا يفسر كل الأشياء ، كل ماكان بيننا ، وما كان يفعله من أجلى ، وما كنت أفعله من أجله . سنوات طويلة وهو أنا ، وأنا هو حرفيا . وهذا كان سببا لحيرتى واندهاشه . الآن عندما أستعيده ، أكتشف أنه كان يفعل من ضمن ما يفعله ، بحرص ودأب وشغف وانتظام كل يوم على مدى عشرين عاما متواصلة ، لم يمر يوم واحد حتى لو كان متعبا مريضا مسافرا ، دون أن يفعل ذلك الشئ …. ” أن يسأل عنى كل يوم ” . هذا الفعل الذى يبدو بسيطا ، ليس بسيطا على الاطلاق ، وخاصة مع امرأة مثلى . ” أن يسأل عن كل يوم ” … نعم ، هذا ما كان يسعدنى الى حد الانتشاء لمدة عشرين سنة متواصلة.

مبدأ نيكولو ميكيافيلى 3 مايو 1469 – 21 يونيو 1527 ، فى الواقعية السياسية ، التى تقول ” الغاية تبرر الوسيلة ” ، لا أرتاح له وأعتقد أنه من الخطورة الشديدة الايمان به . لا أتصور غاية نبيلة سامية انسانية مسالمة تتخذ لتحقيقها وسائل وضيعة متدنية غير انسانية متوحشة
والتاريخ أمامنا قديما وحديثا ، يرضح كيف استخدم الحكام والسياسيون المستبدون الفاسدون ، أن ” الغاية تبرر الوسيلة ” ، فى تكوين وترسيخ أنظمة فاشية ذكورية استعمارية فى الداخل والخارج . وكيف يستخدمها كل مجرم ، للتحايل والتضليل والتغطية على اجرامه فى أى نوع من الجرائم التى تؤذى الآخرين باشكال ودرجات متباينة . أنا أعتقد أن الغاية النبيلة لا تستخدم الا الوسيلة النبيلة . أو هكذا يجب أن يكون الأمر.


باولو كويلو 24 أغسطس 1947 الكاتب البرازيلى المعروف ، قال : ” تذكر دائما أن المفتاح الأخير فى السلسلة هو دائما الذى يفتح الباب “. وأعتقد أن كثيرا من الناس وأنا منهم قد لاحظنا ذلك . فعلا ، عندما تكون السلسلة مكتظة بالمفاتيح ، ونجربها كلها لنفتح أحد الأبواب ، نجد أن المفتاح الأخير هو ما كنا نبحث عنه . وهذا مشهد أيضا مألوف ومتكرر فى الأفلام السينمائية . يبدو أنها حقيقة من حقائق الحياة . ما قصده باولو كويلو ، أعتقد أن الانسان لا يجب أن ييأس عندما تتكرر المحاولات وتظل الأبواب مغلقة . فقد تكون الفرصة الوحيدة فى المفتاح الأخير . والأبواب المغلقة هى نفسها كأنها تتحدانا ، وتختبر مدى استحقاقنا لأن ندخل اليها . أنا شخصيا أعتقد أن الهزيمة الحقيقية للانسان ، ليس عندما يخسر حربا ، أو حينما يفقد شيئا ، أو يفشل فى عمله أو فى علاقاته . لكن حقا ينهزم عندما يقرر الاستسلام ، وعدم تكرار المحاولة ، وتصبح كل الأشياء لديه سواء ، لا تصنع فرقا . وهذا ما يريده هذا العالم الفاسد المتوحش ، أن نهزم داخليا ، فلا نرى القبح والاستغلال والقهر والظلم ، وبالتالى نسكت ونخرس وتموت فينا بذور التمرد والوعى والمقاومة والتضامن . وتظل الأوضاع على ما هى عليه . وتبقى الأبواب المغلقة مغلقة ، لأننا ننسى أن المفتاح الأخير فى السلسلة هو الذى يفتح الباب دائما .

الحرية عندى هى أنبل وأشرف صفة للانسان ، وهى أنبل وأشرف غاية للوجود . لا وجود بدون حرية . لا شرف ولا كرامة ولا أى خير يرتجى من انسان معدوم أو ناقص الحرية . الشرف هو الحرية ، والحرية هى الشرف ، لو اعتبرتم الشرف قيمة ايجابية رفيعة . الرجل الحر شريف ، والمرأة الحرة شريفة . لكن لماذا الحرية هى بعيدة المنال ، الا لفئة قليلة استثنائية من البشر على مر العصور ؟.
السبب أن الأنظمة السياسية والثقافية والأديان والاعلام فى منتهى الذكاء والخبث .
لهم خبرة طويلة فى استعباد وقهر البشر ، ولذلك هم ينفقون المليارات فى بناء المعتقلات الفكرية والعاطفية للناس .

ومع مرور الوقت ، لا يشعر الناس أنهم معتقلون ومستعبدين ومستغَلين ، بل يشعرون أنهم ” أحرار ” مثلهم مثل الملايين الذين يرونهم ويعيشون معهم . أفضل طريقة فعالة لابقاء الناس فى القهر هو اشعارهم أنهم ليسوا فى قهر ، وتقديم الوهم على شكل ” حريات ” زائفة .

يقولون أن حكمة الصيام أن يشعر الغنى بمأساة الفقير . فورا يصبح السؤال منطقبا
اذن لماذا يصوم الفقير ؟؟. وهنا يسكتون ولا يردون . ثم دعونى أفكر فى مسألة أن صيام الغنى يشعره بالفقير . سيشعر بالفقير عدة ساعات لمجرد امتناعه عن الأكل والشرب والجنس ، مع ان الفقر لا يحرم الفقراء من الجنس ، لكننا نتجاوز عن هذا مؤقتا . عند الافطار تزخر موائد الأغنياء بكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام والحلوى والعصائر التى لم ولن يعرفها الفقير من الميلاد وحتى الموت . أهكذا يكون الشعور بالفقراء ؟؟. هذا أولا . وثانيا ان الشعور بالفقير هو النضال لكشف الأسباب الحقيقية لفقره واستمرار فقره ، والعمل الجاد للتخلص منه .
ثالثا ، تكشف الاحصاءات أن أغلب الفقراء هم فى البلاد الاسلامية الحريصة على الصيام للشعور بالفقراء . ونسب الفقر والجوع والتسول والتشرد والحياة تحت خط الانسانية ، تزداد فى البلاد الاسلامية الحريصة على الصيام للشعور بالفقراء . والفروق الطبقية المتوحشة تزداد فى البلاد الاسلامية الحريصة على الصيام للشعور بالفقراء . رابعا ، بعد انتهاء رمضان الأغنياء يأكلون الكحك الفاخر بالزبدة والسمن البلدى ، ويسافرون وقد اشتروا أغلى الثياب ، الى منتجعاتهم الفخمة على شواطئ البحر ، ثم يرجعون للاقامة فى قصورهم وفيلاتهم وحدائقهم ، ويستكمل ولادهم الدراسة فى المدارس والكليات ذات المصاريف الخيالية ، وربما عند وقوع جرائم من قبل ولادهم يشترون السكوت والتنازل عن القضية ويعرضون دفع فدية ( رخصة شرعية للأغنياء ) . خامسا ، الفقير لا يشعر به الا الفقير . سادسا ، الذى يريد الشعور بالفقراء حقا ، وفعلا يؤلمه فقرهم ، سيشعر بهم دون صيام .
سابعا ، الأغنياء هم الذين صنعوا الفقراء فى ظروف قاهرة غير عادلة ، وهو سبب استمرار الفقر ، لأن غالبية الأنظمة فى العالم ( مع اختلاف الدرجة ) مؤسسة على الاستغلال ، وعلى خدمة مصالح وترفيه ورفاهية الذين يملكون رؤؤس الأموال ال ثامنا ، وصدق ” غاندى ” حين قدم تعريفا بسيطا منطقيا بدون تعقيدات ومؤتمرات باهظة ، ولف ودوران وترقيع واعطاء مسكنات ، قال : ” الفقر موجود لأن هناك منْ يأخذ أكثر من حاجته “.

وقال أيضا ” أعيس حياة أبسط الناس لأننى لا أجرؤ على القاء خطبة عن الفقراء وأنا أعيش حياة الأثرياء “.

هناك مجموعة من المحامين الذين اشتهروا بالتخصص فى تقديم بلاغات للنائب
العام فى مصر ، فقط كلها بشئ اسمه ازدراء الأديان والتعدى على الرسل والاساءة
الى الأنبياء والرسل والذات العليا ، والتحريض على الفسق والفجور ، وافساد قيم الأسرة المصرية المترابطة المتدينة بطببعتها .
بلاغات ضد آراء ومقالات ومسرحيات وأفلام وقصائد ومسلسلات وفيديوهات
ورقص وغناء الناس على مركب ترفيهى ، و مهرجانات سينما ، وتصريحات ضد
فنانين وفنانات ، وغيرها من البلاغات التى تتكلم كلها باسم الفضيلة والحفاظ على
عادات وتقاليد وأخلاق المجتمع المصرى ، وكلها باسم الشعب المصرى ، مع ان الشعب المصرى لم يوكل احدا للوصاية الدينية والأخلاقية . ما علينا ، السؤال الذى يطرح نفسه ، اذا كان هؤلاء المحامون المؤرقون بالحفاظ على الفضيلة والتقاليد ،
يتابعون بدقة ما يسمونه الانحدار الأخلاقى والاساءة الى الاسلام وافساد المجتمع ،
لماذا لم نسمع أن تقدم أحد منهم بالحماس والحمية والغضب نفسه ، الى النائب العام
ببلاغات ضد أخطاء الأطباء التى تقتل الناس ، وضد اهمال المستشفيات الحكومية والخاصة وعدم توافر المعدات الطبية اللازمة ، وضد سوء أحوال الطرق فى
الكفور والنجوع الفقيرة والتى تحصد الناس من وعورتها وسوء أحوالها سواء طريق السيارات أو أحوال الترع على الطريق ، وضد الموظف أو الموظفة التى تطلب علنا

رشوة لتسيير مصالح الناس ، وضد مدارس ليس فيها الحد الأدنى للتعليم الصحى المفيد؟؟؟. أليست هذه أوضاع تسئ الى الدين والاسلام والفضيلة والأخلاق ؟؟؟. أليست هذه أوضاع تدمر الأسرة المصرية من كل النواحى ؟؟.

كل الأفلام المصرية طبعا والعربية ، كل الدراما فى التليفزيون والراديو ، على مدى
أزمنة ، تصور أن الطامة الكبرى والفضيحة التى تستلوم الدم العاجل ، هى فقدان البنت لغشاء البكارة قبل النكاح الشرعى . وهذا يتطلب حتى يتقبل الجمهور الفيلم ، أن تذبح البنت التى تسمى فاجرة شيطانة جلبت العار لأسرتها وعمارتها وجيرانها والحى الذى تسكنه والمحافظة التى تنتمى اليها ، أو يفرض عليها النكاح الشرعى من الرجل الذى جعلها عارا ، والذى يخرج دون أى تجريح أو ادانة أو تورط اخلاقى . أو تكون نهاية الفيلم أن تعمل الفتاة فى الدعارة عشان خلاص فقدت أعز ما تملك ، ومافيش حاجة بقت تهمها ، وهذه فضيحة أخرى وادانة أخرى وعار آخر ، بالرغم من تهافت الرجال عليها . ولازم لازم لازم ، وحتى لا يمنع الفيلم ، وحتى لا يغضب الجمهور ، لازم تموت هذه المرأة التى هى مصدر الشر والفجور والرذيلة والعار والفسق والكفر ، أو ترتدى الحجاب وتروح تحج وتتجوز واحد يشترط عليها التوبة حتى يقبل بأن تحمل اسمه الشريف العفيف ، رغم أنه كان واحدا من زبائنها المنتظمين فى الكباريه أو فى بيت الدعارة ، ويغدق عليها الهدايا والفلوس .
كل أفلامنا المحروسة هكذا . وبالتالى هى لا تغير شيئا فى الثقافة الموروثة العفنة الاجرامية ، المتفسخة التى تكيل بمكيالين فى مفاهيم الشرف .
فقط يصدعون أدمعتنا طوال الوقت ، بأن السينما رسالة والفن يقود المجتمع الى العدالة والجمال والحقيقة . ولا كاتب اعترض ، ولا ممثلة اعترضت ، ولا مخرج اعترض ، ولا سيناريست اعترض . الكل ماشى وراء غشاء البكارة وقرف غشاء البكارة ، وزيف غشاء البكارة ، وازدواجية أخلاق غشاء البكارة ، وحكم القوى الجبار لغشاء البكارة ، ودم غشاء البكارة . يا ناس افهموا بقى ، المسألة سهلة ، احنا محتاجين ثورة فكرية وثقافية وأخلاقية ، ثورة ضد مبيقاتنا الملتصقة بجذورنا وحتى النخاع ، وماشية معانا مثل ظلنا فى كل مكان .
هى دى القضية الشائكة المطلوبة يا شعوب عايشة فى غيبوبة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى