مجتمع

عيد الفطر 1444/2023 بديار الغربة بشوق حنين الأوطان من مساجد بستراسبورغ.

المسجد الكبير أنموذج بصدى السماع و صناعة أجواء الأفراح.

يحتفل المسلمون عامة بالعالم بقدوم عيد الفطر، بعد شهر الصيام والتعبد في شهر رمضان، إذ يحتفلون فيه بإفطارهم بعد إتمامهم لفريضة الركن الرابع من الإسلام.

يمثل عيد الفطر الذي يحل في الأول من شهر شوال من كل عام حسب التقويم الهجري, عيد الفطر مناسبة جد عظيمة تاريخية دينية وإجتماعية, ثقافية, عائلية، ويستمر لمدة ثلاثة أيام ويعد فرصة للقاء الأسر والعائلات فيما بينها والقيام بالزيارت وتبادل التهاني.

مناسبة واحدة وتشابه عادات وتقاليد مختلفة:

رغم تشابه المسلمين في كثير من العادات والتقاليد الخاصة بهم في إحتفالات عيد الفطر، إلا أن هناك بعض العادات المتوارثة التي تميز كل بلد إسلامي وعربي عن غيره. تختلف من بلد إلى أخر إلا أنها في أخرها تصب في قالب واحد موحد يهدف الإحتفال بعيد الفطر وإحياء شعائر شريعتنا الغراء وإحياء سنة بيبنا الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.

عيد الفطر بديار الغربة بأرض المهجر:

كباقي الشعوب الإسلامية ببقاع المعمورة وككل سنة تحرص الجالية الإسلامية والعربية المغاربية بستراسبورغ، الحفاظ على طقوس الإحتفال بكل المناسبات الدينية والأعياد لإرتباطهم الشديد بها وللكل منهم شوقه وحنينه للوطن الأم، وربط أواصر الصلة وتماسك العلاقات الإنسانية الإجتماعية والعائلية بين جموع المسلمين في المجتمعات الأوروبية، حيث يتميز عيد الفطر بستراسبورغ بمظاهر متعددة وإستعدادات متشابهة بين جميع المسلمين فرحا لقدومه وتحضيرا لإستقباله في جو مميز فريد من نوعه عن باقي الأيام.

فيهل علينا هلال العيد هذا العام، وقد مر شهر رمضان الفضيل بأحسن حال والحمد لله من صيام وقيام وكافة العبادات والطاعات بما فيها موائد الرحمة في الخيمات الرماتضية لإفطار الصائمين عبر المساجد، والحمد لله منها على سبيل المثال لا الحصر, مسجد ستراسبورغ الكبير بإشراف العم الحاج محمد حسيبوت وللعلم أن نشاط الإفطار الجماعي لإفطار الصايم بستراسبورغ حسبنا ما أخبرنا به بدأ سنة 1977 من طرف كوكبة جمعية الطلبة المسلمين بفرنسا فرع ستراسبورغ, ومسجد الرحمة بهوت بيار بإشراف العم الحاج كوسة بخبرة سنوات ثلاثة عقود ونيف 32 سنة و من رواد الحركة الجمعوية التطوعية الأخ بن أدريس صالح, و بمسجد الأتراك أيوب الأنصاري بلامينو, وجمعية حركة العمل التضامني وغيرهم .إضافة إلى إفطار المواطن الأخوي التقليد السنوي بمسجد ستراسبورغ الكبير لأكثر من 1200 مدعو وقائم ساهر على خدمة الضيوف.

ويحتفل هذا العام بعید الفطر المبارك. كما أحتفل بالإفطار الجماعي للمواطن بالمسجد الكبير في أحسن حال وأجمل صورة والحمد لله للمحافظة على عاداتنا وتقاليدنا.

وداع رمضان ودعاء الختام:

في آخر ليلة من شهر رمضان وبعد أداء صلاة العشاء بمسجد بستراسبورغ الكبير كباقي المساجد التي وافتنا أخبار نشاطها مسجد روبرتسو, الرحمن بهوت بيار, الأخوة بلامينو, كانت الألسن تلهج بالدعاء وبدموع حارة وبكاء لا يوصف. لتوديع ختام الشهر الفضيل من طرف الأئمة والمشاييخ وجموع المصلين والإستعداد للإستقبال العيد بما يليق بمقامه الرفيع والتسابق لفعل الخير منذ أيام ودفع زكاة الفطر سواء بالصناديق المخصصة لها أو بتسليمها لمستحقيها أو تكليف من ينوب عنهم.

إنتهى شهر رمضان الكريم, فإن مساجد ستراسبورغ تحتفل ھي الأخرى بعید الفطر كباقي مساجد العالم المحتفلة به على طریقتھا، حیث یتم تزیینھا منذ وقت مبكر بأيام قبل لإستقبال العید، تليق بالمكان الذي یقوم فيه المسلمون بتأدية صلاتهم وشعائرهم.

فقرة الكلمات:

كما جرت العادة في كل مناسبة عيد يتقدم طاقم المسجد الكبير بفقرة كلمات بداية مع الأستاذ سعيد علا رئيس المسجد والأستاذ مصطفى ولقاضي أحد كوادر المسجد وكذلك ممثل رئيسة بلدية ستراسبورغ ومرافقه بتقديم التهاني ومداخلة الأستاذ صدقي مصطفى القلب النابض لنشاط المسجد ومحركه الرسمي رفقة الأساذ عبد الواحد في شرح عملية التطبيق الجديدة إلكترونييا لمتابعة جميع نشاطات المسجد وأخباره مباشرة دون اللجوء لغيرها وهي تقنية أستحسنها الجميع ورحب بها مما خففت عنه عتاء التنقل والإستفسار.

إمامة صلاة العيد:

ككل سنة قام فضيلة الإمام الشيخ خليلو سيلا، إمام المسجد الكبير لصلاة العيد وتلتها خطبتي العيد التي ركز في عناصرها على التآخي والتضامن ونبذ الخلافات والآفات والحرص بالفوز بالجائزتين ,جائزة الصيام وفرحة العيد والحرص على الفوز بالدار الأخرة، وأختتمها بالحرص على التهاني العيد والتسامح، والإستعدادم لعام قادم، وبتشريف حضور الضيوف المدعوين من شخصيات وإطارات وإعلاميين رفقة الأهالي وأطفالهم ولذويهم.

صلاة العيد وخطبتيه بالمسجد الكبير الصرح الأنمودج:

وقد مرت فعاليات عيد الفطر لعام 1444ه/2023م بمسجد ستراسبورغ الكبير بستراسبورغ في عيده التاريخي لتأسيه نواته الأولى 40 اٍلأربعين، والعاشرة 10 لتدشينه في موقعه الإستراتيجي ومكانه الجديد بحلة جوهرته الفريدة من نوعها معماريا وتراثيا هندسيا. وباقي مساجد ستراسبورغ كل ومكانه وموقعه وحييه السكاني. في جو مميز مختلف عن سابقيه فبصبيحة العيد إفتتح أبوابه بداية من الساعات الصباحية الأولى وبتوافد المصلين بمختلف طقوسهم الثيابية من عباءات وقمصان وطرابيش وشاش, الرزة العمائم وغيرها. إلى المسجد أين بدأوا في التهليل والتكبير والتسبيح وأهاجيزنا الدينية التراثية بحناجر صادحة وأصوات شجية في جو روحاني إيماني.

وختام الصلاة وخطبتي العيد شرع المصلين في جو أخوي بفرحة عارمة بتهاني بعضهم البعض والتغافر والصفح بعيدا عن كل شحناء و بغض و كراهية.

ومنها التوجه بقلعة الضيوف لتناول إكراميات العيد وواجب الضيافة بألذ وأحلى وأشهى الأطباق من حلويات المناسبة مما أعدته وأبدعته أنامل حرائرنا الغاليات حفظهن الله، وشاركت الجالية الإسلامية فرحتها. كما راح الأطفال يلعبون ويمرحون بطريقتهم في جو قل ما يجدوه في ديار الغربة ونيلهم نصيبهم من الهدايا والحلويات والألعاب خاصة البالونات ولاسيما العيدية من قطع نقدية لبعض العائلات لآطفالهم.

تهاني العيد وزيارة المرضى:

سيمة ومميزات العيد

تبقى التهاني وزيارة المرضى والعجزة وكبار السن من الشيوخ , بالمراكز الاجتماعية. التغافر والتصافح سواء بالمسجد أو بالشوارع أو بالتنقل للأهالي والأسر ومراكز التجمعات كما قام البعض بزيارة مقبرة المسلمين للترحم, سيمة من سيمة الجالية الإسلامية عامة كما جرت العادة والتقاليد بالبلاد ومنهم من تنقل للمستشفيات لزيارة المرضى والتخفيف عنهم في وحدتهم ومرضهم وتقديم بعض الهدايا والإكراميات إضافة إلى زيارة مراكز الإيواء للمسنين والشيوخ الذين لا عائلة ولا قريب لهم بأرض المهجر.

عادات وتقاليد يوم العيد:

يحرص بعض مسلمو ستراسبورغ، عقب الإنتھاء من أداء صلاة العید، على أن یجتمعوا ویتناولوا طعام الفطور معا حول أطباق الحلوة والكعك وباقي الأصناف المعدة خصيصا للعيد كل وذوقه ونوع بلده، وسط أجواء من الفرحة والبهجة والسعادة التي تغمر الجمیع بالعید، وبعد ھذا يخرجون للزيارات العائلية وتبادل الأطباق بين العائلات والأصدقاء لربط علاقات صلة الرحم.

                   للجالية الإسلامية بهجة عيد الفطر بديار الغربة. 

ويقول السلف ممن عصرتهم سنين الغربة الطوال أن هدير الغربة مؤلم وجامح , ولكن يبقى الشوق إلى الحنين بأنين جارح، فمن عذاب الفرقة القاتلة إلى آلام الوحدة القاسية المدمرة، يبقى القلب يتنفس الصعداء وينبض بخيوط الأمل والروح تتوق إلى إستنشاق ريحة الوطن و لمس تربته والتمتع بأرضه الطاهرة, والعين تشتهي نظرة من بعيد لبزوغ وغروب شمسه وألوانه الزاهية المترامية الأطراف هنا وهناك.

فرغم الهواجس المعيقات والممنوعات، يبقى عيد الفطر من أغلى المناسبات أحتفالا والشعائر الدينية التي ينتظرها المسلمين في ربوع بقاع العالم عموما، وأبناء الجاليات برمتها منها العربية والمغاربية بالمهجر، فرغم الغربة إلا إنهم يحاولون إحياء العادات والتقاليد في ديار المهجر من أجل تعويض الأجواء العائلية التي تعودوا عليها داخل أرض الوطن. إقتداء بالسلف لإحياء سنة حبيبنا المصطفى, سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

المغترب و عيد الفطر:

رغم غلاء الأسعار التي عرفته فرنسا وتكاليف الحياة, إلا إن العائلات المقيمة بالمهجر لاتحرم أطفالها من فرحة كسوة العيد و لباس أبنائها. لتقضي عيد الفطر في جو عائلي وديني روحاني رغم الشوق والحنين لفرحة العيد مع أطفالهم وأبنائهم وسط العائلة، و تحاول خلق جو من البهجة والمرح فيما بينهم حتى مع باقي الأشقاء المقيمين وبعض المسلمين من مختلف الدول بإشراك بعض الأصدقاء الأوروبيين من باب الفضول من أجل التعرف على العادات والتقاليد ولإقتسام حلويات العيد وطبق الكسكسي.

حنين الشوق للوطن و الأهالي:

ففي هاته المناسبة الخاصة يشد حنين الشوق لدى المغتربين إلى أوطانهم وبلدانهم الأصلية وإلى أهاليهم وعائلاتهم وذويهم وتعطشهم لعاداتهم وتقاليدهم والأجواء المفعمة بالحيوية والنشاط التي أعتادو عليها وترعرعوا فيها وبين أحضانها، حنين الأرض الذي لا يعوض ولا يوصف.

ومن خلال هذا الإستطلاع بهذه الفقرة الموجزة حسب رؤيتنا لما جمعناه وأستقيناه من عين المكان. ‎ننقل إليكم أجواء العيد بستراسبورغ وحنين الشوق للوطن ونطلعكم على ما لمسناه أثناء فترة إقامتنا بالغربة من خلال هاته الإتصالات، لنعرفكم على بعض مظاهر الإحتفال بهذه المناسبة المهمة والشعيرة الدينية التي لا يمكن السماح ولا التفريط فيها.

‎بحوالي أسبوعين على إقتراب موعد العيد، يبدأ الحديث عن التحضيرات والأجواء وعن هاجس الأسعار الملابس وأكسورات الأطفال لشراؤها من عدمها ولإقتناء كافة المستلزمات من حلويات ومشروبات وفواكه إلخ……

من المغتربين من سافر إلى معارفه لقضاء العيد كما برمج له تماشيا ووقته وإمكانياته، خاصة إنه تزامن والعطلة المدرسية الربيعية, أما من لم يسعفه الحظ, بقي مثله مثل غيره يتحسر ويئن لعدم تمكنه من السفر والتمتع بمتعة اللمة العائلية والجمع الأسري. ومن خلال إستفسارنا وما أفادنا به الإخوة ممن لهم خبرة وأقدمية ودراية بديار المهجر، علمنا أن العيد يبقى الشغل الشاغل لكل مسلم ومسلمة بالغربة ولكل عربي ومغاربي بالمهجر لا يمكن له التنازل عنه ولا التفريط فيه مهما كان الحال والظروف والكل يعيشه حسب قدرته وإمكانياته.

صدقة مفجأءة:

تصدقت محسنة ببعض القمصان للشباب والطلبة من خارج فرنسا المقيمين بها للدراسة وغيرها وقطع شاش أبيض للباسهم صبيحة العيد وقاروات عطر من المسك وطيب راوئح البقاع المقدسة. وفقا لعاداتنا وتقاليدنا التراثية المتوارثة أبا عن جد من سلف لخلف جزاها الله خير وخلف عليها بخلفة الخير.

‎طبق الكسكسي غذاء العيد المفضل بالمناسبة :

‎ومن عاداتنا وتقاليدنا التي نشأنا عليها و ترعرعنا معها طوال سنوات تواجدنا بالبلاد طبق الكسكسي ( قصعة العيش التي تعرف ببعض المناطق بالجفنة) و كانت هاته السنة هنا بستراسبورغ وكانت في جلسة خاصة أين أجتمع عليه المشاركون من أبناء الجالية و بعض الطلبة. مع قعدة شاي بالنعناع والكاوكاو ومائدة الحلويات المختلفة.

معايدة و تهاني عن بعد بمختلف الوسائل:

وتبقى المعايدة عن بعد هي الحل االوحيد لمن يسعفه الحفظ قضاءه وسط أهله وعائلته وأقاربه ,عبر الوسائل التكنولوجية على الأهل عن طريق الأنترانت وغيره. كون الأنترنيت هو الوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم صوتا وصورة، ‎وهذا ما يخفف عنهم حدة الغربة بنقل أجواء العيد التي يفتقدونها في بلاد المهجر.

عشاء لقاء أبناء الجالية السنة والتقليد المعتاد :

‎ومن بين عادات وتقاليد أجواء العيد التي تحرص عليها الجالية العربية المغاربية لأجل ربط العلاقات والتواصل ولم الشمل والإحساس بلذة العيد, إذ تنظم أمسية لقاء تزاور وتبادل تهاني العيد في سهرة عشاء في جلسة أمسية أخوية أسرية تضامنية تآزرية, تجمع الأشقاء الأخوة أبناء الجالية بستراسبورغ وما جاورها .

عادة وتقليد راسخة:

ككل سنة يجتمع طاقم إدارة المسجد الكبير رئيسا وأعضاء ومشايخ ومتطوعيه فتية وفتيات في لمة أخوية في تقليد سنوي راسخ لتبادل نهاني العيد على واقع الأهازيج من تصلية وتسليم على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى تبادل الصور التذكارية يسدل الستار على أمل اللقاء في مناسبة قادمة.

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراشبورغ فرنسا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى