الجزائر من الداخلقانون وعلوم سياسية و إدارية

علم الإدارة من منظور انساني

اللمسات الإنسانية في الادارة HMAN TOCH

 
محمد رياض اسماعيل
باحث
الإدارة هي فن انجاز الاعمال من خلال الاخرين، أي من خلال البشر بمختلف مستوياتها الثقافية والعلمية. فان أردت ان تكون مديراً ناجحاً وموفقاً، فان كلمتان تختصران فن الادارة برمتها وهي اللمسات الإنسانية (HUMAN TOUCH). فطالما تنجز اعمالك والمهام الوظيفية خلال البشر أي خلال الانسان، محور الحضارة البشرية، وجب فهم الانسان اولاً، ودوافعه وحاجاته النفسية والاجتماعية والمادية لتتمكن ان تمضي بالوحدة الإدارية او الشركة التي تمتلكها بوتيرة تصاعدية وكما تتنماه، بدءاً سنبسط معان لكل حرف من حروف اللمسات الإنسانية باللغة الإنجليزية، والتي تخص التعامل مع الانسان محور الإدارة، ثم نعلق عليها لاحقاً، وكما يأتي:
H= Honor him احترمه
U= Understand his feeling افهم شعوره
M= Motivate his intentions شجع ميوله
A= acknowledge his effort قَّدر جهوده
N= News acquirement زوده الأخبار
T= Train him دربه
O= Open his eyes افتح عينيه
U= Uniqueness عامله كشخص له صفات مستقلة خاصة به
C= Contact him اتصل به
H= Hear him استمع اليه
…………………………………………………………………………
لنتناول كل حرف من حروف HUMAN TOUCH ونوجز مدلولاته كما يأتي:
• الحرف الاول (H= Honor him) هو احترام الشخص الذي بإمرتك والذي تتعامل معه لإنجاز أعمال ومهام شركتك، فالاحترام أساس التعامل البناء، فعدم الاحترام يشجع على التسيب والنفور وفقدان اللذة والرغبة في العمل.
• الحرف الثاني (U= Understand his feeling) هو ضرورة ان نفهم شعور الشخص الذي نتعامل معه، هل يمر بأزمة او يعاني مشكلة او يتحسس من أمور معينة؟ يمر الانسان في حياته بمواقف حرجة وازمات لها علاقة بعائلته، بعلاقته مع الاخرين او بأموره المادية وغيرها مما شبه، حين يعتني المدير بمرؤوسه الذي يعاني هكذا حال، فانه يكسب قلبه وعقله على المدى البعيد، ويجعله مندفعا وحريصا لواجباته ملتزما بالتعليمات والتوجيهات وبدقة الأداء، بمقابل هكذا إدارة تحتويه وتتفهم شعوره.
• الحرف الثالث (M= Motivate his intentions) هو ان تشجع ميول الموظف، فان كان له مهارة معينه او له القدرة في مجال معين، فانه سيضفي الى عمله نكهة خاصة، وجب تشجيعه واستثمار تلك الميول في تعظيم قدراته. على سبيل المثال، ترى شخصان اجنبيان متنافسان يعملان في نفس البيئة، يتميز كل منهما في عمل معين، الأول يتقن العمل الفني ولا يجيد اللغة الإنكليزية، الثاني يتقن اللغة الإنكليزية ولا يجيد بعض الأمور الفنية، فالمدير الناجح يشجع الأول لتعليم الثاني الأمور الفنية ويشجع الثاني ليعلم الأول اللغة الإنكليزية، فتكون الحصيلة هو الانسجام بينهما وتعظيم العطاء وتطوير القدرات وتحقيق مصالح الشركة من جراء تنمية المواهب وميول العاملين. كما لا يجوز عمل المهندس المعماري الناجح مثلا، في أمور كتابية او الهندسة المدنية! اما إذا كان يعمل في صميم تخصصه ويضفي على مهارته فن استخدام الحواسيب والمعرفة المدنية، فان تشجيع هذه الميول من صميم مهام الإدارة الناجعة.
• الحرف الرابع (A= acknowledge his effort) هو تقدير الجهود، فحين يبذل الشخص جهداً (مهما كان مستواه او درجته الوظيفية) في إنجاز مهمة وجب تقديره بكلام حسن ومديح، لتحسسه بأهميته في العمل وترفع معنوياته، ولا تحبطه بكلام جارح، على سبيل المثال ان تقول له” نثمن جهودك ولكن اذا فعلت شيئا بعكس هذا الابداع مستقبلا، فلن نتوانى عن عقوبتك!!) فطريقة إعطاء الهدية اغلى من الهدية نفسها لدى العاملين. فلا يجوز ان تقدم هدية لموظف وتقول له ” ان لم تمضي بهذا النهج ستنال العقوبة اللازمة!”.
• الحرف الخامس ( N= News acquirement )، هو تزويد العاملين بالأخبار، عن كل ما يتعلق بعمل الشركة والأفراد العاملين فيه، وجعله يحتوي ويعيش الشركة في فكره، ولا تجعله غريباً عن ما يدور فيه، بل استخدم حتى النشرات الورقية لطبع الأخبار وتوزيعه على العاملين ليزيد من انتماءهم لبيئة العمل ويصبحون جزءاً من الشركة وليس أسيراً للإشاعات، فعلى سبيل المثال طبع عدد من الاوراق كنشرات دورية لن تكلف الشركة كثيرة، ولكنها تلصق العامل ببيئة العمل، فعلى سبيل المثال، حين يقرأ الجميع ترقيته الى مستوى وظيفي جديد، او بمولود جديد او بدورة تدريبية خارج البلاد، او بمبادرة، او بمواعيد الحفلات الخاصة، والاوامر الإدارية التي تسهل الخدمات العامة وتنوعها وترقيها .. كل هذه الاخبار يزيد من روحية العمل كفريق واحد.
• الحرف السادس (T= Train him)، (الاول من الكلمة الثانية)، هو التدريب بنوعيه، تدريب موقعي، أي بينما هو في عمله ليكتسب مهارة معينة، او تدريب منهجي، يزيد قدراته ويفتح آفاقه ويكتسب مهارات جديدة يحتاجه اثناء تطوره الوظيفي … ان التدريب المنهجي الصحيح والمؤثر، يزيد من ولاء العامل لشركته، هو بالضبط بمثابة مقولة الرسول (من علمني حرفا ملكني عبدا).
• الحرف السابع (O= Open his eyes) هو ان تفتح عينيه، بمعنى ان تجعله يرى أموراً خافية عنه، ان لم ينتبه اليها لوقع في المحظور. ولبلوغ هذه الغاية وسائل شتى، منها على سبيل المثال إقامة ندوات، او اخراج أفلام سينمائية خاصة للسلامة المهنية اثناء أداء العمل بهدف منع الكوارث الصناعية او الإدارية، ورغم تكلفة هكذا أفلام، الا انها تعود بالنفع الكبير للشركة من خلال تجسيد الحالات الخطرة (كاستخدام الكهرباء بشكل خاطئ او المدافئ او العدد اليدوية.. الخ) وجعل العاملين في حالة تعايش مع الحالة، بهدف درء ما لا يحمد عقباه مستقبلا كلُ في مجال عمله. وكما انه من الضروري جمع العاملين من المستوى الواحد بين الفينة والأخرى لطرح قضايا فنية مهمة مفتوحة للنقاش والتدارس CASE STUDIES، تكون حصيلتها عصف الأفكار والوصول الى فهم دقيق لمعالجة تلك القضايا مستقبلا..
• الحرف الثامن (U= Uniqueness)، هو ان تعامله كشخص له صفاته ومميزاته الخاصة، لتعظم فيه تلك الميزة او الميزات وتشعره بأهميته في الشركة. على سبيل المثال، يأمر المدير بعمل ماكيت او صورة مجسمة كبيرة لسيارة بها جميع مكوناته، ويؤشر على كل جزء منه باسم أحد العاملين، فيضع المدير نفسه بمثابة المقود، ويضع دوائره كمنظومات، فهناك منظومة الدفع، ومنظومة الإيقاف، ومنظومة التشغيل، ومنظومة الماكنة، ومنظومة الترفيه والتكييف، وهكذا.. ثم يضع اسم كل عامل في تلك المنظومات على الجزء الذي يديره، فمثلا يكون (س) من العاملين دواسة بريك، واخر الذراع الواصل الى صمام الإيقاف الهيدروليكي، والأخر إطار، وهكذا.. ثم يجمع المدير جميع العاملين وعوائلهم، لحضور حفل خاص بمناسبة عيد تأسيس الشركة، لترى كل عائلة دور رب العائلة مؤشرا على المجسم واهميته، ويكتب لوحة كبيرة على المجسم يقول فيها، “لولا دوركم المبين على المجسم لن تتحرك السيارة سنتمترا واحدا الى الامام” فتزهو العوائل برب اسرهم ويشعره بالكبرياء مهما كان موقعه، فالسيارة لن تعمل بدونه…
• الحرف التاسع (C= Contact him)، اتصل به، التواصل مع المنتسب مهم ليشعره بأهميته في الشركة وليجد فرصة لفهم وقائع الأمور الذي يحيطه ويحسسه بانه جزء من الادارة بل هو مالكها. هناك مدراء لا يرون معيتهم لأيام او اسابيع ومنسبيهم لأشهر بل لسنين، ان هكذا ترابط هش، تنعكس على ترابط الشركة وجودة أدائها، فالمدير بإمكانه دعوة من هو بمعيته المباشرة الى حفلة شاي في أحد المراكز الترفيهية، او يدعوا المنتسبين كافة (على وجبات) الى حفلة كوكتيل ويدور هو بين الحضور ويسأل عن احوالهم الاحد تلو الاخر، قد لا تأخذ من وقته الا ساعة واحدة، ولكن أثر تلك المناسبة تستمر طويلاً في نفوس العاملين.
• الحرف العاشر والأخير (H= Hear him) فهو ان تستمع جيداً للمنتسب اثناء المقابلة، او حين اللقاء به عرضياً، ولا تقاطعه، ليفرغ لك كل ما لديه ويساعدك في التوصل لحقيقة معاناته، لتقدم له الحلول المنصفة، وان لا تكون كالمطرقة على راْسه تقاطع كلامه من البداية بالتهديد والوعيد او ان تقطع كلامه معترضا بين جملة وأخرى. ان مقابلة العاملين تترك اثراً كبيرا لدى العامل. غالبا يأتي العامل ليفرغ معاناته للمدير، كما يجري الطفل الى حضن الام ليحس بالأمان والسند.. فتراه يريد الكلام والبوح بكل ما لديه، الاستماع الجيد من المدير وحده يكفي غالبا بان يقنع العامل ويحسسه بانتهاء المشكلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى