مجتمع

عرس جماعي في متليلي

جمعية نور الهدى الخيرية بالسوارق تفتتح موسم أعراس متليلي الشعانبة الجماعية في طبعتها 18 لسنة 1443هــ/2022م
ومصاهرة 36 عائلة بتتويج العرسان من مختلف أحياء متليلي عامة, للم الشمل الأسري ووصل الترابط و الأواصر المجتمعية في بعضها البعض.
مدخل :
العرس الجماعي سعادة عائلية أسرية, فرحةٌ شعبية عارمة وحدث متفرد للقضاء على العنوسة أوساط الشباب.
يقول السلف رحمهم الله بالعقل والحكمة يكلل الفرد نجاح مجتمعه بإنتصاراته العظيمةَ في جميع المجال. ومن بين هاته المجالات الإحتفال بزفاف عديد العرسان من أبناء العامة من جميع الفئات والمعوزين الضعفاء خاصة في جو أخوي أسري، تضامني إجتماعي تغمره البهجة والسرور في مثل هذا الحدث المميز والمناسبة الإجتماعية السارة, الرامية لخدمة المجتمع برمته وتنميته في شتى مجالات مناحي الحياة، ومن بينها هذه المناسبة المتفردة القصد والهدف منها تحصين الشباب والفتيات في مواجهة الحرب الشرسة المستهدفة لعفتهم وطهرهم وإستقامتهم, ومحاربة نشر الفساد والإنحلال الاأخلاقي الذي يعد عامل هدم وتدمير للمجتمع، وفي هذا الشأن بات الزواج ضرورة إنسانيةٌ, إيمانيةٌ, إجتماعية وأخلاقية للإنسان، فهو وسيلة تنمية وتطوير وترقية بوعي وتحسيس, ويأتي الحرص عليه نظرا لأهميته البالغة، خاصة في الظروف والتحديات الكبيرة التي يواجهها مجتمعنا. أمام عسر الحالة المادية وغلاء المهور وعزوف الشباب عن الزواج لعديد المشاكل التي لا تعد ولا تحصى خاصة أمام البطالة المتفشية والفقر و إنعدام السكن إلخ……………….
التي يتكبدها الشاب في سبيل تأسيس عش الزوجية، ويساهم في وقاية المجتمع من ظواهر العنوسة وتأخر سن الزواج، والحد من المشاكل الأسرية الناجمة عن الضغوط والأعباء المالية المترتبة على تلبية متطلبات الزواج.
ويشكل العرس الجماعي الذي أصبح الحدث الإجتماعي الأهم مناسبة في عديد الدول لاسيما العربية عامة وبمتليلي الشعانبة خاصة, لإحياء وإنعاش وترقية قيم التوافق والإنسجام والتضامن والتكافل الإجتماعي, للمجتمع الشعانبي عامة, بحيث أن الهدف من هذه المبادرة الإنسانية الخيرية هو القضاء على العزوبية والعنوسة بالدرجة الأولى ومساعدة الشباب والأهالي المعرسين ممن يواجهون مشاكل مادية تمنعهم من إكمال نصف دينهم, مما يسهل لهم الزواج وبناء أسرة والإندماج وسط المجتمع, ويعد حماية من الآفات الإجتماعية والمخاطر المؤدية للإنحراف.
ومعلوم أن أعراس الزواج الجماعية باتت تحمل بعدا إجتماعيا إستشرافيا لما به من فوائد جمة وتضامنيا بنظرة مستقبلية. قد أصبحت من التقاليد الراسخة بمتليلي الشعانبة بولاية غرداية وبباقي المنطقة بفضل الله وتظافر جهود الخيرين المحسنين والقائمين عليه.
تجربة ناجحة :
يعتبر الزواج الجماعي في وقتنا هذا ظاهرة إنسانية .إجتماعية, إقتصادية وتضامنية تجربة ناجحة بكل المقاييس والمعاير:
أعتبر الزواج الجماعي تجربة ناجحة أثبتت فاعليتها وجديتها وأهميتها، فهي لا تقتصر وتتوقف على تحمل تكاليف حفلات الأعراس فقط، بل تعدت ذلك بحيث قام بأهم عنصر من عناصر الحياة المكلفة والمرهقة للزواج الشباب في مساعدتهم على بداية حياتهم الزوجية وذلك بترشيد النفقات وتقليل المصاريف الباهضة والتي من شأنها أن تعينهم في إقتناء أشياء أخرى ضرورية في تأثيث و تجهيز البيت.
حيث تمكن مئات الشباب من إتمام نصف دينهم. ولحفلات الزواج الجماعية فوائد كثيرة من أبرزها تعزيز روابط التعاون والتآخي بين أفراد المجتمع، وتحطيم الحواجز الإجتماعية من خلال التشارك في مجال تحضير وتجهيز مراسم الزواج وحفلاته والإسهام في إعداد كافة الأمور المتعلقة بليلة الفرح وأيامه.
وللعلم يذكر أن متليلي الشعانبة دخلت موسوعة الأرقام القياسية للأعراس الجماعية، وذلك بعد أن شهدت تنظيم عديد المراسم لإقامة أعراس جماعية التي تحمل بعدا إجتماعيا وتضامنيا وأصبحت من التقاليد الراسخة بمتليلي الشعانبة بولاية غرداية وبباقي المنطقة. والتي تواصلت منذ إنطلاقتها أول مرة بمتليلي سنة1983 في حفل أسري تلته الطبعة الرسمية سنة 1989 من طرف منظمها الأول الفقيد المقبض أحمد بن سي الصالح رحمة الله عليهم بأول عرس جماعي نظم بالسوق الشعبي بالقصر القديم أمام دار الإئمامات (الأئمة)وسط مدينة متليلي ثم طبعة جمعية الوفاق بالملعب البلدي بالتسعينات.
حدث حفل الطبعة 18 لسنة م2022/1443هــ
تنفيذا كالمعتاد لمشروعها الخيري المسطر ضمن برنامج أهدافها السنوي قامت جمعية نور الهدى الخيرية، بالتنسيق مع جمعية نشاطات الشباب لمركز الشهيد زيدان موسى, بإفتتاح طبعة موسم الأعراس الجماعية والمناسبات بإحياء نشاطها الذي دأبت على إحيائه كل سنة بتتويج العرسان من مختلف أحياء المدينة في هاته الطبعة المميزة التي جاءت في ظل أحداث عديدة مفرحة ومكملة لفرحة بعضها البعض .بعد انقطاع إجباري بسبب جائحة كورونا حفظنا الله وإياكم من كل بلاء ووباء.
عاشت مدينة قلعة الثوار وأرض البطولات والثورات الشعبية متليلي الشعانبة بولاية غرداية جوهرة الواحات جنوب الجزائر على مدى أيام حافلة من حي السوارق فعاليات طبعة العرس الجماعي 18 لسنة 2022 /1443هـ.
بعد إتمام الإجراءات اللازمة للعرس من دفع الصداق المعلوم وتوابعه وباقي الطقوس وفقا للعرف والعادة والتقاليد المتعارف عليها بالمنطقة والمتعامل بها والتي لا يمكن الإستغناء عنها ولا تجاهلها وترسيم عقد القران الإداري القانوني بالبلدية وفاتحة الكتاب للعقد الشرعي وتحضيرا لليوم الأكبر وفرحة العمر ليلة التتويج والدخول للقفص الذهبي ساعة لحظة التلباس التي لا تمنح إلا مرة واحدة في العمر ولا تتكرر مرة أخرى. أقيمت أمسية فروسية, مهارى وبارود بأهازيج محلية, بحي السوارق العريق من أكبر الأحياء مكانة وتاريخا وأحداثا على مدى قرون خلت وما الأسماء المعروفة به إلا دليل قاطع على صفحات التاريخ المدوية والمبهرة لسماعها بداية بذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر من لعشاش لدير لمحارزة للقطاعة لعرقوب الطين وسلدن و المركاض وشعبة لقصير مرورا بالغوازي بلا نهاية………….
وباليوم الثاني اليوم التاريخي المؤرشف وثائقيا والمنقوش في الذاكرة ذهنيا مساء بعد صلاة المغرب ووصول الضيوف والمدعوين وعامة الشعب والترحيب بالجميع.
وبعد صلاة العشاء جماعة في عين المكان وبحضور السلطات المدنية من رؤساء الدوائر والبلديات المجاورة بمتليلي والأمنية وأهالي العرسان والضيوف والوافدين من كل حدب وصوب من داخل وخارج متليلي لا سيما الضيوف من الشخصيات والمشايخ والأعلام. وبدعوة الجميع لتناول وجبة العشاء على الطريقة التقليدية ستة ستة 6/6 (طبق الكسكسي التقليدي المفضل الجامع للشمل ) وبالإنتهاء منه والإعلان عن بداية حفل العرس الجماعي, من تنشيط النجم المتألق الطالب بوقرة قدور الإعلامي المميز الذي سطع بحضور مبهر في طبعة سنة 2015, إستهل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم من طرف صاحب الحنجرة الذهبية فارس القرآن المتألق الطالب لسود حمزة حفظه الله, بصوت صادح تردده الجبال المجاورة صداه وبترحيب مجدد, وبكلمة ترحيبية من السيد دحمان الحاج دحمان رئيس جمعية نور الهدى الخيرية ,بالترحيب بالضيوف والحضور وتهنئة العرسان ,ثم تلته كلمة فضيلة الشيخ رئيس المجلس العلمي للشؤون الدينية بولاية غرداية الدكتور بن قومار الحاج لخضر. فقرة موعظة للجميع لاسيما للشباب حديثي الزواج للرفق بزوجاتهم ومعاملتهم بالحسنى والمعروف، مذكرا بما تعلمه من شيخه العلامة سيدي محمد بلكبير رحمه الله, ,وبإنتهاء فقرة الكلمات, وبصول العرسان والتعريف بهم للجمهور وأخذ أمكانهم بالمنصة الشرفية المعدة للإحتفاء بهم في هاته الليلة المباركة ليلة العمر الليلة التي لا تنسى و التي تبقى عالقة في الأذهان راسخة لا تمحى أجمل ذكرياتها من أروع المشاهد و المناظر.
وكما جرت العادة وتتطلبه الأعراف والتقاليد المتبعة والتي لا يجب التفريط فيها ولا الإستغناء عنها, يختار العريس أحد الأشخاص من الأهل والأقارب أو الأصدقاء وعامة ما يكون من الأئمة ومعلمي القرآن يكلف بالقيام بلباس العريس أمام الجمع الغفير من الحضور (بما يعرف محليا بالتلباس) ومن محاسن الصدف قام المشايخ بهاته الطبعة بعملية تلبيس العرسان بأنفسهم منهم على سبيل الذكر الطالب عبدالله بن الذيبة والحاج موسى الذيب والحاج بلقاسم بوقلمونة وبمساعدة البطل فارس العمل التطوعي الخير قندة الحاج مبروك حفظه وبقراءة قصيدة البردة على طريقة المشايخ والسلف الصالح وهي القصيدة التي أصبحت عنوانا مميزا لتتويج العرسان وحفظة كتاب الله وختان الأطفال عامة, وفق عادات وطقوس إجتماعية متميزة. شرع في تتويج ملوك الأسبوع كالمعتاد على أصوات المشايخ والحضور.
بداية التتويج بقصيدة البردة على نهج السلف في مدح النبي صلى الله عليه وسلم بعد البسملة والتصلية والتسليم مولاي صلي وسلم دائمون أبدا، باللباس الرسمي من قندورة (عباءة) والسروال العربي والتاج والمحرمة والسيف رمز الأنفة والشهامة والذود عن الشرف وصون العرض على الطريقة التقليدية حسب عرف المدينة وتقاليدها الراسخة والتي حافظ عليها الآباء والأجداد و تورثها الأبناء جيل بعد جيل وهي العادة التي لم يفرط فيها الأبناء حفظهم الله. وباختتام التتويج تم تكريمهم بهدايا رمزية.
وتأتي الطبعة الافتتاحية العشرين 18 للهدى الخيرية بالسوارق, إعلان بداية لانطلاق باقي الطبعات التي تشهدها المدينة عامة وباقي الأحياء خاصة إذ من طبعة واحدة أصبحت الطبعات خمسة في كل سنة طبعة مسجد العباس بن عبد المطلب بالحديقة و طبعة سيدي مولاي سليمان بالقصر القديم و طبعة سيدي سليمان بالعرمة و طبعة العلامة سيدي محمد بلكبير بمسجد حمزة بالقمقومة وطبعة سيدي الحاج أحمد بن بحوص بشعبة سيد الشيخ, مما يعطي لكثير من الشباب فرصة التأهيل والإستعداد لتدارك باقي الطبعات والتتويج بحفل زفافهم في جو أسري تضامني.
بحيث أصبحت هاته الطبعات مميزة عن بعضها البعض من حيث التنظيم, الإقبال, المشاركة الواسعة , وذلك بالتنافس على هذا العمل الخير التطوعي التضامني, الذي جاء للتقليل من كثرة النفقات والمصاريف الزائدة و الحد من التكاليف الباهظة ,التي تثقل كاهل العريس و ذويه لاسيما للأسر الفقيرة المعوزة التي لا يمكنها تحمل هاته النفقات, و يأتي هذا العمل الإنساني في حد ذاته قبل الاجتماعي الخيري, مساهمة مادية لأجل تقديم يد العون والمساعدة لفائدة كافة الفئات من الطبقة الفقيرة و ميسورة الحال , لأجل تأهيلهم و بناء أسرهم جاز المحسنين الخيرين وجعل عملهم في ميزان حسناتهم.
ألف شكرا لموفدنا مراسلنا القائد الأخ بن بادة محمد بن الحاج عمر وألف ألف مبروك للعرسان ولحفظة كتاب الله وعقبى لبقية شبابنا في طبعات أخرى مستقبلا إن شاء الله.
واختتاما لفقرة الحفل وتهنئة للعرسان عامة و مسك الختام دعاء شامل مباركة لهم و ترحما على مشايخنا و أمواتنا و الدعاء للجزائر عامة و للمنطقة خاصة بالأمن والأمان و الاستقرار والطمأنينة .
وعلى طلاق البارود المدوية أسدل الستار على نهاية الطبعة 18 لجمعية نور للهدى الخيرية بتتويج 18عريس, مبارك زفافهم بإذن الله
ألف ألف ألف مبروك للعرسان ن وعقبى لبقية شبابنا في طبعات أخرى مستقبلا إن شاء الله.
بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى