تعاليقرأي

عالم التناقضات

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

في الوقت الذي تحركت فيه المغرب وحركت كامل أجهزتها لإنقاذ الطفل “ريان” من قعر بئر عميق وقع فيها وضجت كافة وسائل الإعلام بالحدث، توفي 15 طفلا نازحاً في مخيم جنوب شرق سوريا برداً وجوعاً! ولم نسمع عنهم إلا من خلال خبر صغير في بعض الصحف ثم لم يشعر أو يهتم بهم أحد!
وفي الوقت الذي تحاول “ناسا” بميزانيات ضخمة السفر إلى كواكب أخرى، يحتضر كوكبنا ويموت ببطىء بسبب الاحتباس الحراري والتلوث الذي يبدو تفاديه أقل كلفة وتعقيداً من التحليق في فضاء الكون بحثاً عن حياة أفضل هي بين أيدينا لو أردنا!
وفي الوقت الذي ننادي فيه بالرحمة ونندد بالقتل، لا نتردد في اقتناء أو شراء معطف من فرو تم سلخه عن جلد حيوان حي في حين تبدو تكلفة الجلود الصناعية أقل وأيضا صناعتها أقل ألما ووحشية!
ثم وفي الوقت الذي نذهب فيه إلى محلات المجوهرات لنرتدي الخواتم والحلى ببذخ، وتذهب الملايين يتم إهدارها مثلاً على مجرد فستان ترتديه فنانة في مهرجان ما، هو الوقت ذاته الذي يعلم فيه العالم أجمع عن استعباد أطفال افريقيا في معسكرات استخراج الألماس وآلاف القتلى والوفيات بسبب التعب الشديد لجمع الألماس وتصديره!
وفي الوقت الذي ننادي فيه باحترام الخصوصية والحياة الخاصة ثم بعد لحظات ننشر
صورنا الشخصية على الفيس بوك والانستغرام ليشاهدها القاصي والداني!
تناقضات ،، تناقضات ،،
تتناقض المواقف والأحداث حولنا دون سبب واضح، تتناقض أفكارنا مع أفعالنا ومشاعرنا مع مبادئنا ومعتقداتنا فيغلب أحدهما على الآخر ، لنبدو وكأننا نحن وكوننا مصنوعون من التناقضات، نعيش معها بسلام تارة وتارة بألم وتعجب!
فهل يبدو التناقض خللاً يزعزع استقرار الحياة!؟ أم هي سنة الحياة ولا مفر منه!
سنة الكون التي حملت معها كل تناقضات الحياة على هذه الأرض، سواء كان على الصعيد الشخصي أو على صعيد أحداث العالم حولنا، وهل نستطيع أن نحقق اتفاق كامل بين مبادئنا وسلوكنا؟
أم أننا لسنا إلا جزء من منظومة الحياة القائمة أصلا على التناقض وليس علينا سوى الإعتراف به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى