دراسات و تحقيقات

ضوابط التحريات الشخصية واثرها في الحد من الاستبعاد غير المشروع لمرشحي الوظائف العامة

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني
لا شك أن شرط حسن السمعة والسلوك هو من الشروط البديهية في كل الوظائف وهو شرط مطلوب حتى وإن لم يرد النص عليه ضمن الشروط ، وقد اخذ قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24) لسنة 1960 المعدل بهذا الشرط في المادة ( السابعة /4) منه التي نصت على ان ( لايعين في الوظائف الحكومية الا من كان …..، 4. حسن الاخلاق وغير محكوم بجناية غير سياسية او بجنحة تمس الشرف كالسرقه والاختلاس والتزوير والاحتيال ) ، وقد تقتضي بعض الوظائف الحساسة كالوظائف القضائية والامنية التحري عن سمعة المتقدم للتعيين، حيث يعتبر التحري الرافد الاساس لتلمس حسن السمعة وهذا يقتضي ان لا يكون نطاق التحري مفتوحاً للجهة المكلفة بالتحري وان يتم تحديد نطاق التحري عن السمعة بمعنى الاسرة الضيقة (الاب والام والاشقاء) وأن لا يمتد للأقارب حتى الدرجة الرابعة أو ليشمل مفهوم الاسرة بالمعنى الواسع من الاعمام والاخوال وابناءهم والعشيرة ، وضرورة عدم الاخذ بالتحريات غير الدقيقة التي تتضمن وقائع مغلوطة تؤثر على مصير المرشح في نيل الوظيفة ، وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر في حكم لها صدر في الطعن المرقم (2449 لسنة 56 ق / عليا) في 29/8/2013 الى القول (… كان البين من تقرير مصلحة الامن بوزارة الداخلية الخاص بالتحريات التي أجريت على الطاعن أنه لم يرتكب هو أو والديه أو أخوانه أو أخواته، الذين يمثلون أسرته الصغيرة، أي جرم جنائي ولم يصدر ضد أحد منهم أي حكم جنائي في أي جريمة من الجرائم وإنما عولت الجهة الإدارية في تقريرها فقد الطاعن لشرط حسن السمعة على صدور احكام جنائية ضد خاله وابن خاله، مع انها، أي الجهة الإدارية ذاتها، سبق وان وافقت على تعيين شقيقيه عضوين في مجلس الدولة ….) ، كذلك يجب أن توفر هذه الضوابط حصانة في اجراءات اختيار الموظف العام بعيداً عن التعسف ونفوذ الجهة المكلفة بإجراءات التحري عن سمعة الموظف؛ كأن يتم استبعاد أحد المرشحين للتعيين في أحد الوظائف المهمة بناءً على كتاب أو توصية صادرة من الجهة القائمة بالتحري دون ذكر أسباب هذه التوصية، فعمل الجهة المكلفة بالتحري ينحصر في التحري فقط دون تقديم اسباب أو توصيات أو موجبات لتقرير انتفاء حسن سمعة المُتحرى عنه، إذ أن غياب مثل هذه الضوابط في اعتماد تقارير أو كشوفات التحري من شأنه إعطاء المجال للجهة الإدارية بإساءة استعمال صلاحيتها في التعيين وهذا يعتبر مدخلاً للفساد والاستبعاد غير المشروع وخرقاً لمبدأ تكافؤ الفرص ، إذا حصل وأن تم استبعاد مرشحة للتعيين في النيابة الإدارية في مصر بناءً على كتاب من جهاز أمن الدولة يوصي بعدم الموافقة على ترشيحها دون الافصاح عن الاسباب الداعية لهذا الرفض، مما دفع المحكمة الإدارية العليا لمواجهة هذا الاستبعاد في حكمها في الطعن المرقم (37821 لسنة 54 ق، عليا) في 5/7/2009 ، والغاء قرار الادارة بالاستبعاد.
مما تقدم ندعو المشرع العراقي ومجلس الخدمة الاتحادي الى وضع ضوابط دقيقه للتحري عن المرشحين لشغل بعض الوظائف المهمة في الدولة للحد من حالات الاستبعاد غير المشروع لبعض المرشحين وخرق مبدأ تكافؤ الفرص الذي كفله الدستور ، كما ندعو المشرع لاخضاع قرارات الاستبعاد من الوظيفه المبنية على تحريات شخصية غير دقيقه لرقابه القضاء الاداري وهذا يتطلب اعلام المرشح بقرار الاستبعاد واسبابة وان لايكون الاستبعاد سرياً وهذا الاتجاه ينسجم مع مبدأ شفافية الادارة في عملها د.احمد طلال البدري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى