أخبار العالمفي الواجهة

سياسة أميركا الدولية .. هل من تغيير ؟ وكيف؟

سعيد مضيه

جو لومباردو:أومن بان العدواني في كل مكان هو امبريالية الولايات المتحدة

يعترض صحفيون وكتاب ومثقفون وأكاديميون اميركيون بأعداد تتزايد باضطراد على سياسة بلادهم الخارجية ، خاصة شن الحروب المتلاحقة، وإهدار البلايين في تكيس الأسلحة وتطويرها؛ وهم يرون انعكاسات في الداخل لهذه السياسة. “نحتاج مجتمعا بمزيد من المساواة في توزيع الثروة. وهذا سوف يوقف نزاعاتنا وطنيا ودوليا”. هكذا يدمج جو لومباردو ، المناضل العمالي والسياسي الأميركي، السياستين الداخلية والخارجية للولايت المتحدة. يجري التركيز هنا على وقائع نضال القوى الدولية التي تبرز في ازمنتها الحقيقية، وتتم بصورة خاصة مقاربة دور الولايات المتحدة في التوترات وقابليتها للتخفيف من هذه التوترات . نتطلع لأفكار تغير المبدأ من أجل تحسين فرص السلام.
جو لومباردو منسق مشارك في الائتلاف الوطني الموحد ، وعمل منذ زمن في حركة مناهضة الحرب وناشط عمالي منذ عقود. شارك في تأسيس منظمة محلية مناهضة للحروب مقرها قرب الباني- نيويورك، تدعى حركة جيران بيت لحم من أجل السلام ، ويشرف على تنظيمها،كما يعمل عضوا في مجلس العمل في منطقة ترويْ ، وفي السابق كان عضوا في ائتلاف السلم الوطني أثناء العدوان على فييتنام. له مقالات عديدة، وله تعليقات تنشر بالإذاعة والتلفزيون.
أورد آراءه في حوار أجراه معه الصحفي الأميركي ، جون راشيل، مدير “بيس ديفيدند بروجيكت”، منظمة إستراتيجيتها منهجية لتحدي المؤسسة السياسية وتطهير السلطة من الأفراد الذين يدخلون في مساومات ويعملون ضد مصالح الأكثرية الساحقة من المواطنين الأميركيين. شعارها الرئيس، “الأمل الوحيد لدولتنا بالغة العسكرة ان يمتلك كل فرد في المجتمع صوتا حاسما في تقرير المستقبل الذي نريده لأنفسنا ولأطفالنا”.

نشر الحوار في 16 آب 2022تحت العنوان، “رؤية موضوعية لسياسة الولايات المتحدة الخارجية” . فيما يلي نص الحوار:

-نسمع الكثير من الصيغ والمسميات بصدد ” الدولة العميقة”…”إم إي سي”..” ٌقطاع النار” ، “النخب الحاكمة”..”اوليغارشية”… “نيوكونز[محافظون جدد]”؛ فمن هو الذي يحدد فعليا اولويات أميركا الجيوبوليتيكية ويقررها؟ ليس “رسميا ” ، وليس”دستوريا “، إنما في الواقع.
*أَنظرُ لهذه القضية من منحى طبقي. اومن بوجود طبقة حاكمة تقرر السياسة الدولية تقوم على مصالحهم الطبقية كما يتصورونها ويحملوننا على خوض حروبهم ودفع تكاليف سياستهم. إنهم المسيطرون على الحزبين الرئيسين وسياسيوهما من خلال السيطرة المالية؛ كما يسيطرون على الميديا والشرطة والمحاكم والقوة المسلحة. لا يتفقون جميعا بالضرورة على ما يجب عمله: تتحاور الآراء المختلفة داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري.لا اومن بوجود “دولة عميقة” تعمل باستقلالية عن الطبقة الحاكمة في تقرير السياسات.
-عانينا عقودا من التوترات الدولية؛ شهدت التطورات الأخيرة تصعيدا حادا في احتمال نشوب حرب كبرى. بوضوح لا يمكن للولايات المتحدة ان تعيش بسلام. ” التهديدات” المستهدفة الوطن تتزايد، كما يُزعَم ، عددا وشدة؛ والخط البياني لعلاقاتنا مع بقية العالم تبدو أكثر صدامية ، أعداء اكثر ، ازمات اكثر والمزيد من الحروب.
فهل العالم مليء حقا بالعدوانيين وأردياء الممثلين والمعارضين القساة ؟ ام أن في سياساتنا ومواقفنا تجاه البلدان الأخرى شيء ما يضعنا على تضاد معهم، وبذا يجعل الحرب محتمة والسلم مستحيل؟

  • اومن بان العدواني في كل مكان هو امبريالية الولايات المتحدة. للولايات المتحدة من القواعد العسكرية الأجنبية ما يقرب من 20 ضعفا لما تملكه البلدان الأخرى. ميزانيتها الحربية تعادل الميزانيات الحربية لبقية دول العالم. الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي استخدم سلاحه النووي ضد الشعب. غزوا بلدا تلو آخر، واحتلوا العديد من الأقطار ، وفرضوا عقوبات لتدمير اقتصاد بلدان أخرى لا تتبع الخط الامبريلي للولايات المتحدة، وساندوا معارضات في تلك الأقطار، بحيث يستطيعون استغلالها من خلال المخابرات المركزية و/أو يوإٍس إيد و/أو نيد ومنظمات اخرى تتسبب في نزاعات وقلب الأنظمة.
    تستخدم الولايات المتحدة قدرتها المالية للحفاظ على البلدان المتخلفة على تخلفها ، وجميع البلدان تنصاع. هذه السياسات قد أثارت غضبا عظيما ضد الولايات المتحدة . وإذا قوبل الغضب بالقوة المسلحة ستحدث حرب لا محالة.
    -لا يتوقف قادتنا عن الحديث عن ” المصالح القومية عن ” أمننا القومي” ويحذرون بأنهما دوما يتعرضان للهجوم. ومع ذلك ننفق اكثر من تسع دول تلينا على التسلح ومضاعفة القدرات العسكرية. لماذا لم يبد مثل هذا الإنفاق الضخم كافيا أبدا؟
  • لن يبلغ الإنفاق على التسلح حد الاكتفاء ؛ فالطبقة الحاكمة تستخدم التجمع الصناعي العسكري كي تسرب الأموال من أيدي الشعب العامل الى أيدي النخب الثرية . هذا المسار “السهل لتدفق الأموال” قد تضخم جريانه مؤخرا ، خاصة في حرب أكرنيا. لا يوجد في الولايات المتحد “مصالح قومية ” مشتركة؛ منظومة مصالح لمن يديرون البلاد ، ومنظومة مصالح أخرى للشعب العامل. امننا القومي لا يضمنه العسكريون ، إنما بالوظائف الجيدة والرعاية الصحية والتعليم ، وعن طريق إشباع الحاجات البشرية وبالمقاربة الجادة للتغير المناخي. نحتاج مجتمعا بمزيد من المساواة في توزيع الثروة. وهذا سوف يوقف نزاعاتنا وطنيا ودوليا.
    -واضح انك والعديدون ممن يتبعونك ويدعمون عملك تؤمنون ان الممارسة الأميركية
    في المجال الديبلوماسي وفي مناطق النزاع الراهنة يمثل ممارسة سلطة حكومة تمضي باتجاه منحرف. هل تستطيع أن ترسم لنا بخطوط عريضة التغيرات النوعية في اولوياتنا وسياستنا الوطنية التي تراها ضرورية للولايات المتحدة كي تتعايش سلميا مع الدول الأخرى ، وفي نفس الوقت تجعلنا آ منين من هجمات حاقدة على امننا ومكانتنا اللائقة في المجموعة الدولية؟
    • *على الولايات المتحدة ان توقف استغلالها للدول الأخرى وكذلك للطبقة العاملة في الداخل . توزيع اكثر عدلا للثروة الوطنية وعلى الصعيد الدولي، مقرونة بهجوم جاد على وباء تفوق العرق الأبيض وهيمنة الذكور في مجتمعنا ، مع وضع حد لكل تمييز، تلك هي الطريق الوحيدة كي نستطيع التعايش مع الآخرين في الداخل والخارج. بصفتنا نشطاء في قضية السلام فنحن أكثر انسجاما من الممسكين بأعنة الحكم ، مع غالبية المدنيين في قضايا الحرب والسلام.
    -ماذا يحصل لو قررنا ان أولئك الذين يشكلون سياسات الولايات المتحدة لا يهمهم ماذا يفكر المواطنون، وهم ببساطة لا يصغون إلينا؟ ماذا لو استخلصنا أن الكونغرس الأميركي ، على سبيل المثال، أصم تماما لايسمع صوت الشعب؟ ماذا نفعل ؟ ماهي خياراتنا بعد ذلك؟ وما هي خطواتنا الملموسة كنشطاء سياسيين في العمل من اجل مستقبل سلمي؟
    *أرى اننا، من خلال التركيبة السياسية الحالية، سوف لن ننجز التغييرات الأساس التي نحتاجها كي نحصل على عالم وبلد يسوده السلام والثراء. امام أعيننا يحصل المزيد والمزيد من الناس نفضت أيديها من نظام الحزبين؛ واحتكارات الميديا الأميركية تبقينا في العتمة ، وامام أعيننا المزيد من المراقبة والهجمات ضد اولئك الذين يقولون الحقيقة عن طريق التعبير عن آراء تختلف عن رواية الحكومة. تستهدف الهجمات جهات عديدة ، منها ما يوجه ضد جوليان أسانغ ودانييل هيل والغارة التي قام بها مؤخرا مكتب التحقيقات الفيدرالي على الحزب الاشتراكي للشعب الإفريقي. إذا ما توصل الشعب الى الاستنتاج اننا بحاجة الى تغيير اساس في النظام، وبتنا عاجزين عن إنجاز ذلك من خلال البنى السياسية الحالية سيكون علينا ، حينئذ، ان نكافح من أجل التغيير بطرق أخرى . يوجد عدة سبل كافح الناس في الماضي من أجل التغيير وفازوا بتغيرات هامة. من هذه السبل الحشد الشعبي ، العصيان المدني الجماعي، والإضرابات العامة. جمييع الخيارات ربما تحاتاج للتفكير بها . يجب أن نحصل على الحرية والسلام “بأي وسيلة” ، بتعبير مالكولم إكس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى