تعاليقرأي

سنكون يوما ما نريد

مهند طلال الاخرس

سنكون يوما ما نريد، كتاب عن محمود درويش؛ حياة محمود درويش الانسان والمثقف ونتاجه الشعري أغنى من ان تلخص في دفتي كتاب، وأعمق من أي حديث عابر، وأوسع من أن يحده إطار. لكن هدا الكتاب – وهو من اعداد واصدار وزارة الثقافة الفلسطينية بمناسبة القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 والذي يقع على 320 صفحة – جاء ليسلط الضوء عبر اضائات سريعة على محطات ومواقف مهمة في حياة ومسيرة درويش الانسان والمثقف.

أنه وبلا جدل من اجمل وافضل الكتب -الى الان- التي تناولت تجربة وحياة محمود درويش الانسان والمثقف والسياسي والشاعر، وهذا الكتاب مجبول بالحب لدرويش ومولع بالتفاصيل الدقيقة عن حياته وشعره ؛ فعبر فصول الكتاب الاربعة والتي تم توزيعها بمنهجية رائعة وبإيقاع درويشي أروع يتناغم وروعة درويش بحيث تجد فيه كل ما يبهرك ويدمعك ويدميك .

تناول الكتاب في الفصل الاول السيرة الذاتية لدرويش مبتدءا من الولادة ومحطة موسكو والقاهرة وبيروت وتونس وباريس وعمان ورام الله، وحياته البيتية وطقوسه اليومية في الكتابة وهواياته وعالم القهوة تلخاص به وتوقيع كتبه.

وتناول الكتاب في فصله الثاني اربع واهم حوارات معمقة لمحمود درويش تناولت الثقافة والسياسة والشعر والحداثة والصراع مع الآخر والانسان والارض والوطن والهوية ومفاهيم كثيرة وعميقة كنا بأمس الحاجة لفهمها من المنظور الدرويشي ان صح التعبير ،ولكي نقترب اكثر من مساحة تفكيره علنا نحيط به ما إستطعنا الى ذلك سبيلا.

وفي الفصل الثالث تناول الكتاب شهادات لما يقرب الخمسين شاهدا على مسيرة درويش وعطائه المتميز ، وتميزت هذه الشهادات بنخبويتها وعمقها وهي توثق وتؤرخ لمحمود الشاعر والانسان وتسلك الضوء على كثير جدا من المواقف المجهولة والمخفية عنا نحن العامة او نحن الخاصة من محبي محمود درويش ،وهذه الشهادات النخبوية من كتاب وادباء وروائيين وشعراء وناقدين وصحفين ومغنين وسياسين ومثقفين جائت حافلة وغنية وعميقة وعظيمة وجليلة بجلال وعظمة صاحب الذكرى أيقونة فلسطين وصاحب الكرمل والجليل والتين والزينون والسنديان وصاحب فاطمة وخديجة وريتا ، صاحبنا الذي أتقن فن البقاء بيننا ونسج أزلية المكوث فينا…فأنا لست لي ،لست لي ،لست لي….

وفي الفصل الرابع يتضمن الكتاب صور فوتغرافية من مراحل متعددة ضعيفة وركيكة وبعيدة عن متانة الكتاب وعمقه وكادت ان تدنوا في مستوى الكتاب وروعته وتألقه ، لكنها هكذا جائت لتعلق ذائقتنا الشعرية والوطنية بذائقة صاحب الصورة البصرية الباقي فينا والمعاندة لصورة الموت الذي داهمنا جميعا بفراق درويش.

إنه الموت الذي يأخذ منا أجمل ما فينا،
إنه الحزن الذي سيظل مقيما،
نستشعره ، كلما إستل طفل كلماته الاولى.. ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى