أحوال عربيةأخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

زيارة بايدن الفاشلة

ضرغام الدباغ


أستبعد تماماً، أن تقوم الإدارة الأمريكية الحالية (لكن ربما في المستقبل) بتحليل زيارة الرئيس بايدن
ونتائجها للمنطقة وإدارك العوامل الجوهرية ليس لفشل لزيارة الرئيس بايدن، بل لعموم الترجع الأمريكي
وعلى العديد من الاصعدة.
ليس الوطن العربي فقط من يتململ، فقبلهم الحلفاء الأوربيين يبدون سرا وعلنا ضيقهم وتبرمهم من
السطوة الأمريكية، رغم أنه يركبون قاربا واحداً، الضيق بلغ ذروته حين ينوه قادة أوربيون ” وهم لا
يفعلون ذلك عادة، فلديهم قابلية مدهشة على كتم الغيظ ” معبرا عن إدراك الأوربيين أن أمريكا سوف لن
تستطيع تدمير روسيا، بل هي تريد أن تدمير أوربا وإذلالها وإركاعها…!
إذا كان الأوربيون المساهمون في الجانب الاوربي للحضارة المسيحية، والمتشاركون مع الولايات
المتحدة في السراء والضراء قد ضاقوا ذرعاً بالسطوة والهيمنة، فما يفعلون في أفريقيا الذين يتجهون
صوب معسكر الصين / روسيا، وبلدان الشرق الأوسط الذي أتعبته الولايات المتحدة وأنهكته في نزاعات
وصراعات وتوترات لا تخمد بلغت حد أستخدام القوة المسلحة، وحرب اوكرانيا هي الثانية في غضون
عقدين، بعد الحرب اليوغسلافية. هذا غير الصراعات والحروب خارج القارة وزجهم في توترات وأشباه
الحروب، وهو ما يهدد استقرار البلدان الأوربية، وتضيف لها هموما ومشكلات فوق ما تعانيه هي من
متاعب. فسياسة الغرب (بقيادة الولايات المتحدة) أوصلت لأوربا ملايين المهاجرين من مناطق
الصراعات والتوتر، من الفيثناميين، والأفغان، والإيرانيين، والعراقيين، والسوريين، وهو وضع ينذر
بالعديد من المشاكل وعلى أصعدة عديدة.
يصعب على صناع القرار معرفة ما تريده الولايات المتحدة، وهي في النهاية تريد بسط الهيمنة التامة،
وحكومات تدار بالهاتف، وبالبرقيات …! وحتى الأنظمة الحليفة لها لا تسلم من التآمر والدس والخبث
وتشك بالجميع، فليس من حليف يضمن أن الولايات المتحدة لا تتجسس عليه، ولا تخلق بؤر للنفوذ داخل
الدول الصديقة، وتشتري الشخصيات السياسية كجواسيس، ففي الوقت الذي تتظاهر فيه أنها حليفة للمملكة
العربية السعودية، تغض الطرف … لا بل تغمض عينيها عن أعمال تخريبية كثيرة مورست ضد المملكة،
بل ومولت بعض عمليات التخريب في اليمن وتدفع للحوثيين الرواتب والمساعدات، وتسمح بإبقاء طرق
امداهم بالسلاح مفتوحاً وتغمض عينيها عن عمليات تخريب بالصواريخ والدرونات .. وفي غير اليمن
أيضاً، وهناك بعض التخريبات يستبعد أن تكون بلا تنسيق ..!
لماذا … الإجابة بسيطة ولأمر لا علاقة له بالاخلاق ..
 الولايات المتحدة لا تحب أن تتحالف مع أقويا، لأنها ستخشى على المركز القيادي …
 الولايات المتحدة لا تحب أن تتحالف من من يحافظ على كرامته …!
 الولايات المتحدة تحاول أن تتحالف مع أطراف وعندهم جرح مفتوح (أزمة) لكي تلعب دور
المضمد ..!
 الولايات المتحدة لا تفضل أن يكون حلفاؤها مرتاحين، لأن الراحة مجلبة للمشاكل برأيها ..!
 مبدأ الربح والخسارة يسود علاقاتها السياسية، ولكن هناك مرجحات لكفة الميزان: الدين، العرق.
المنظرون لفلسفة السياسة الخارجية الأمريكية : فوكوياما، وهينتغتن، عبارة عن شوفينيين
عنصرين معادين للمبادئ الإنسانية.
 لا تحتقر الولايات المتحدة شيئا بقدر احتقارها لحقوق الإنسان …
 ولكي تخفي احتقارها الواضح، نصبت نفسها (بدون طلب من جهة) مدافعا عن حقوق الإنسان.

 الولايات المتحدة تدعم لدرجة التدخل المسلح، الأنظمة الرجعية والثيوقراطية، والطغيانية، والدول
المتوسعة بالسلاح، والعنصرية، وتزعم أن هذه الدول ديمقراطية.
 درجة رضوخ أي نظام حكم التعليمات والأوامر الامريكية هو من يحدد درجة ” ديمقراطية /
حقوق الإنسان “.
بعد كل هذه المقدمات السريعة، هل من المستغرب أن تفشل زيارة بايدن العربية، وهو القادم وفي جعبته
إملاءات … وكاد أن يطلب من القادة العرب أن يحاربوا في أوكرانيا …! وتمويل الحملة ضد روسيا، لماذا
..؟ وبوقاحة لا حدود لها يعاتب على مقتل صحفي، قيل له نعم أنه قتل خطأ، وحوكم القتلة ونالوا جزاءهم،
ولكن هذا لا يرضي بايد، فهو يريد أن يستخدم الملف كأداة ضغط سياسية، وعيل صبر مستمعيه، فقيل له
لماذا لا يبدي حرصا مماثلا بقدر 1% على صحفية أمريكية الجنسية قتلت على أيدي الصهاينة ..؟
تعالوا نشكل حلف عسكري معاد لإيران بقيادة إسرائيل …هل هناك وقاحة أكثر من هذا الطلب ..؟ وفي
نفس الأسبوع الصهاينة يوسعون بناء المستوطنات ..!.
ضاعفوا ضخ النفط لإضعاف روسيا، ولتخفيض أسعار البنزين في الولايات المتحدة …
عدا بلاهة بايدن، ومن يراه يترحم على طغاة الشرق الأوسط …. هل يقبل بايدن والولايات المتحدة
الاستماع إلى هواجس الآخرين .. هل هم مستعدون لمراجعة سياساتهم الفاشلة في العالم كله وليس في
الشرق الأوسط …. أين فعلتم طيب لتحصدوا الطيب …؟ ألا يشاهدون ويلمسون أنهم محتقرون في العالم
كله ..؟
الولايات المتحدة قوية … نعم، وثرية … نعم أيضاً، وقوة عظمى .. نعم للأسف، ولكن لا أحد يحترمكم ..لا
تسأل عن الحب فالقضية ليست غراميات … أنتم لم تحترموا مشاعر ومصالح كل شعوب العالم لذلك لن
تجدوا من يقف بجانبكم حين تحين ساعة الهول ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى