روسيا حصلت على إمكانية الوصول إلى البحار الدافئة
حول إتفاق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران – ملف خاص – 2
زياد الزبيدي
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا
1) روسيا حصلت على إمكانية الوصول إلى البحار الدافئة
ستانيسلاف تاراسوف
مؤرخ وباحث سياسي روسي
خبير في شؤون الشرق الاوسط والقوقاز
وكالة أنباء REX الروسية
18 يناير 2025
وقعت روسيا وإيران اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة في موسكو. وهي تشمل التعاون في السياسة والتكنولوجيا والمعلومات والأمن السيبراني والطاقة النووية والدفاع ومكافحة الإرهاب وغسيل الأموال والتعاون في بحر قزوين، إلخ. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأهمية الخاصة لزيارة الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى موسكو، حيث تحدث ليس فقط عن آفاق توسيع التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، ولكن أيضًا في مجال السياسة الإقليمية والدولية في سياق المواجهة الصعبة مع الغرب. تنظر طهران إلى هذه الاتفاقية باعتبارها تحولًا استراتيجيًا في سياستها الخارجية وتأكيدًا على توسيع العلاقات مع الشرق.
يجب أن نلاحظ على الفور أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين كانت نتيجة لثلاث سنوات من المفاوضات المكثفة بين البلدين. كانت فترة صعبة من الشكوك والتنافس في العلاقات، وخروج تدريجي من أزمة الثقة، والخلافات الداخلية، الإيرانية في المقام الأول، في تقييم الأحداث الإقليمية والدولية. في الوقت نفسه، ورغم أن الوثيقة مشبعة بالتفاصيل الفنية حول التعاون في مختلف المجالات (تتكون من مقدمة و47 مادة)، فإن موسكو وطهران تؤكدان بشكل خاص أنهما لا تبنيان تحالفاً أو معاهدة موجهة ضد بلدان أخرى، بل إنهما تحددان في المقام الأول مشاكل تعزيز الأمن المشترك. وبدون ذلك، لن يكون لأي تعاون آخر أي آفاق.
وفي الوقت نفسه، أكد بيزيشكيان في مؤتمر صحفي عقده في موسكو أن “الاتفاقية الموقعة مع روسيا ستفتح أبوابًا جديدة في العلاقات بين البلدين”، ما يعني أوسع نطاق للتعاون مع التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية الإيرانية، وخاصة في مواجهة الضغوط الغربية والعقوبات الأمريكية. ويجري وضع أساس جدي لهذا: بناء ممر شمال-جنوب (من روسيا إلى بحر عمان والخليج)، وتبسيط التجارة من خلال البنية التحتية للنقل، وتعزيز خطوط السكك الحديدية والطرق البحرية. وينبغي توسيع التجارة الثنائية، وتقليص الاعتماد على الدولار في المعاملات، وتعزيز التعاون المصرفي لمواجهة العقوبات. وليس من قبيل المصادفة أن الغرب بدأ بالفعل في إظهار رد فعل سلبي قوي، مدركًا أن إيران وروسيا تعززان مكانتهما في المنطقة معًا، وإيران تكتسب القدرة على الوصول إلى أسواق أوراسيا، وروسيا تكتسب القدرة على الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج وبحر عمان وإمكانية تصدير موارد الطاقة عبر طرق جديدة بعيداً عن الغرب. ولكن مثل هذه الشراكة قد لا تكون خالية من المشاكل في مرحلة معينة، خاصة وأن بعض القوى داخل إيران تعرب عن “قلقها” إزاء اعتمادها المفرط المزعوم على روسيا. وفي هذا الصدد، يعتقد الخبير السياسي الإيراني فرشيد باقريان أن “لعبة كبيرة جديدة بدأت”، حيث ستعمل إيران وروسيا “كشريكين” في علاقاتهما مع الغرب، وخاصة من خلال التحول نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ. عامل آخر هو المشاركة في مشروع النقل الصيني “حزام واحد، طريق واحد”، والذي يمر أحد فروعه عبر منطقة القوقاز. لذا فإن الأحداث الرئيسية لم تأت بعد.
2) ترامب يحاول دق اسفين بين إيران وروسيا
ستانيسلاف تاراسوف
24 يناير 2025
تريد الإدارة الأميركية الجديدة تجربة الدبلوماسية مع إيران قبل زيادة الضغوط على طهران، بحسب ما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز. وبحسب المقال، يعتزم الرئيس دونالد ترامب تعيين ممثله الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للتعامل مع مشاكل واشنطن مع إيران، وهو ما يشير إلى رغبة الرئيس في تجربة الدبلوماسية قبل زيادة الضغوط على طهران. وقد اقترح فريق ترامب بالفعل تدابير مختلفة كجزء من حملة “أقصى قدر من الضغط” ضد السلطات الإيرانية، بما في ذلك فرض عقوبات جديدة وتشديد القيود الحالية. لكن ترامب ومستشاريه تحدثوا أيضًا عن الرغبة في تجنب تصعيد المواجهة مع إيران. ويقول بعض مستشاري ترامب الآن إنهم يتوقعون أن يختبر ويتكوف ما إذا كانت الدبلوماسية قادرة على تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
في الواقع، تراوحت التعليقات الأولى من مستشاري ترامب الجدد على السياسة الجديدة المفترضة للبيت الأبيض تجاه طهران بين موقفين: إما “صفقة كبرى” أو “تصعيد متجدد”. وهكذا، زعمت قناة سكاي نيوز عربية أن ترامب الذي انسحب سابقًا من الاتفاق النووي، “سينظر أكثر إلى إسرائيل، التي تفضل عدم التوصل إلى أي اتفاق جديد مع إيران، التي يعتقد أنها على وشك تطوير أسلحة نووية، وتدعو إلى استمرار العقوبات وتعزيزها لإضعاف النظام الإيراني من الداخل وتؤدي إلى انهياره”.
في الوقت نفسه، يُطلب من إسرائيل البدء في تنفيذ مثل هذه العملية “في أقرب وقت ممكن، قبل أن تصبح إيران تحت تأثير روسيا والصين بالكامل”. لكن ترامب بدأ يتصرف وفقًا لنص مختلف. لقد اتخذ الخطوة الأولى واتخذ قرارًا مفاجئًا بإلغاء التدابير الأمنية لوزير خارجيته السابق مايك بومبيو ومساعده الكبير السابق للشؤون الإيرانية برايان هوك. ويشير الخبراء إلى أنهما متورطان في اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
الخطوة الثانية: عيَّن ترامب المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايكل ديمينو Michael Dimino لقيادة سياسة البنتاغون في الشرق الأوسط. وهو معروف بدعوته إلى تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق وسوريا، قائلاً إن “الولايات المتحدة ليس لها مصالح حيوية أو مهمة في المنطقة”. لكن المفتاح هنا هو أن ديمينو ينظر إلى إيران باعتبارها تهديداً “ثانوياً” و”قابلاً للسيطرة”.
وأخيراً، الخطوة الثالثة: إشراك المبعوث الجديد إلى الشرق الأوسط ويتكوف، الذي لعب دوراً رئيسياً في اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس، في “لعبة” إيران. ومن المتوقع الآن أن يقود الجهود المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، ولكن في سياق رؤية ترامب الأوسع للخيارات “لإنهاء الحروب في المنطقة”. ويقترح ضابط الاستخبارات الأميركي السابق سكوت أولينجر Scott Olinger أن ترامب “سيبدأ في تحديث دبلوماسيته الضاغطة على طهران، مع التركيز بشكل أكبر على الاقتصاد وقدرة إيران على تصدير النفط”. ووفقاً له، يخصص ترامب فترة “أكتوبر 2025” لمثل هذه الدبلوماسية. وفي هذا الصدد، صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد معصوم بأن بلاده مستعدة، إذا لزم الأمر، للعمل كوسيط بين إيران وأميركا.
ويشير موقع أكسيوس الأميركي إلى أن “ترامب يحاول دق اسفين بين إيران وروسيا من خلال اتفاق نووي جديد”. وفي هذا الصدد، صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن “طهران لا تنوي التفاوض مع واشنطن حتى تعود الولايات المتحدة إلى الالتزام ببنود خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني”. وفي الوقت نفسه، أعربت إيران خلال الجولة الثالثة من المحادثات بين إيران ودول “الثلاثي الأوروبي” (بريطانيا وألمانيا وفرنسا)، التي جرت في جنيف في 13 يناير، عن استعدادها لاستئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، “ولكن ليس بموجب بنود اتفاق 2015”.
ولا يزال من غير المعروف ما ستسفر عنه مثل هذه المناورات.