أحوال عربيةأخبار العالمأمن وإستراتيجية

رسالة صواريخ المقاومة…هل تفتح مسار الحرب مع اسرائيل؟

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

فعلتها المقاومة، وضربت في العمق الاسرائيلي، في أول رد لها على عملية إستهداف أحد رجالها، ففاجأت الجميع، وغيّرت بسرعة فائقة خطاب عدم الجرأة والخوف إلى خطاب القوة والإنتقام، رافضة بذلك تكريس معادلة تقول أن الضربات الإسرائيلية يمكن أن تمرّ مرور الكرام دون ردّ، فارضةً في المقابل معادلة من نوع آخر، معادلة عنوانها “من يعتدي على المقاومة سنحرقه ونجعل منه عبرة للعالم”، في إطار ذلك إن العملية النوعية التي نفذها رجال المقاومة تدل على أن العدو ضعيف وهش ودليل آخر على قدرة المقاومة على تلقينه الدروس القاسية.

قرع حزب الله طبول الحرب مع إسرائيل بعد أن استهدفت قادة في المقاومة، والصراع بين الجانبين طفا على السطح من جديد، وبدأ يكشر عن أنيابه، وبعد توعد إيران وحزب الله بالإنتقام، أعلنت فصائل المقاومة مسئوليتها عن إطلاق عدة صواريخ “الكاتيوشا وغراد” على تل أبيب فشلت القبة الحديدية في اعتراضها، هذا مما دفع الإسرائيليين إلى العيش في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله وحتى مع إيران وسورية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية.

اليوم باتت المواجهة بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة قاب قوسين أو أدنى، فالردود الأخيرة المتبادلة بين الطرفين كانت عبارة عن رسائل أولية محسوبة بينهما، قد تتدحرج الكرة وتنزلق إلى معركة كبيرة كما حدث في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وهنا يمكنني القول إن إنجاز رجال المقاومة هذه العملية تحمل رسائل متعدّدة، وموجهة للكيان الصهيوني وحلفاؤه القدامى والجدد في الوطن العربي ، وأهم هذه الرسائل هو تكريس مقولة أن حزب الله لن يسكت على دماء مجاهديه، وأن ثأره لهم آتٍ لا محالة، مهما طال الزمن، وإنه على جهوزية كاملة لردع الإحتلال.

في سياق متصل هناك سؤال يردده معظم الإسرائيليين اليوم هو، هل تتورط إسرائيل في حرب شاملة مع محور المقاومة ؟ وهل تكون هذه العملية سيناريو تمهيدي مماثل لحرب تموز بين حزب الله وإسرائيل عام 2006؟ ﻻ يبدو أن هناك إجابات قاطعة على هذا السؤال، فرئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو الذي توعد برد قاس وشديد خلال ترؤسه إجتماعاً طارئاً لحكومته، قد يكون متردداً في الإقدام على خطوة ربما يدفع ثمنها غالياً من خلال الغامرة في مستقبله السياسي ، فأجواء حرب لبنان الثانية عام 2006 لا تزال ماثلة وعالقة في أذهان الإسرائيليين في الشمال، ولا تزال ذكريات الملاجئ وأصوات صافرات الإنذار وصواريخ حزب الله، تقض مضاجع سكان عكا وحيفا ونهاريا وكريات شمونة وصفد والناصرة والخضيرة وطبرية، وغيرها من المناطق التي طالتها صواريخ المقاومة اللبنانية، وبالتالي فإن جبهة إسرائيل الداخلية غير مهيئة وغير جديرة بالدخول في حرب جديدة مع حزب الله الذي طور نفسه كثيراً عن حرب 2006، ومن هنا فإسرائيل ستتردد كثيراً في الرد على عملية حزب الله الأخيرة، والسبب طبعاً هو خوف إسرائيل من صواريخ حزب الله التي لديها القدرة للوصول الى قلب تل أبيب ومن أجل ذلك لا بد من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة إلى أن يزول عن كامل الأرض العربية.

بات من الواضح أن نتنياهو إرتكب حماقة كبيرة، وأوقع نفسه في دوّامة لن تنتهي بسهولة، فلم يعد يبحث عن “صورة انتصار” في الحرب على دول محور المقاومة، وإنما عن “صورة خروج”، ليس سوى حلقة من حلقات استهداف محور المقاومة عموماً في المنطقة.

مجملاً… إن إسرائيل العدوانية ستزول لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب العربي … وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك ففناء الكيان العبري باتت وشيكة، وأنا على يقين بأن الذين يحلمون بالقضاء على المقاومة في فلسطين يعيشون في وهم كبير، بعضهم ليس لديهم قدرة على الفهم ولا إستيعاب حقائق الواقع لأصحاب العقيدة، فأصحاب العقيدة الذين هم على إستعداد للتضحية بأنفسهم في سبيل عقائدهم يستحيل القضاء عليهم، ومن هذا المنطلق كلي أمل أن يعم الأمان والأمن في سوريا والعراق وغـزة واليمن وليبيا وتونس ومصر والجزائر لأنها كلها تعاني أو “صورة إنهاء” تسمح له أن يدعي أمام الجمهور الإسرائيلي بأنه انتصر، فإدارة نتنياهو الفاشلة والمجرمة بحق الإنسانية والمتعارضة مع كافة المواثيق الدولية ما تزال لا تستخلص العبر ولا تقرأ تجارب التاريخ من أن الشعوب لا يمكن أن تقبل باستمرار سياسة الإذلال والحصار وهذا ما يضع محور المقاومة أمام موقف الدفاع عن قضاياه، لذلك فأن استهداف اسرائيل الشمال الفلسطيني المحتل

من مؤامرة ليست خافية عن تفكيرنا، مؤامرة أدواتها الإرهاب الإسـلامي التكفيري المتطرف والتي سوف تحرق الجميع لتستفيد من نيرانها “إسرائيل ودول الغرب وأمريكا”لذا علينا أن نشمر سوعدانا ونستنهض الهمم لبناء الوطن ونبذ كل ما من شأنه تعكير الحياة التي يرنو لها شعبنا للعيش فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى