أحوال عربيةأخبار العالم

دمشق: إبراهيم رئيسي …. “خوش آمديد”

الدكتور خيام الزعبي – جامعة الفرات

التطور التي تشهده العلاقات السورية- الإيرانية في المرحلة الراهنة يثلج القلب وينعش الأمل لبناء استراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية، هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود المحور السوري والإيراني في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل، ومن هنا يبدأ الرئيس الايراني زيارة رسمية وتاريخية الأيام القادمة الى سورية تتسم بأهمية بالغة، إذ هناك الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية المشتركة التي تتطلب الحوار والتنسيق بين دمشق وطهران. بالتالي إن هذه الزيارة تؤكد أن هناك تفاهمات تصل إلى حد التطابق بين سورية وإيران وأن طهران مع دمشق في خندق واحد.

في هذا السياق إن قدوم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدمشق كأول زيارة رئيس يزور سورية منذ بدء الحرب على سورية عام 2011م، تعكس تقديراً لافتاً لمكانة سورية في الساحة الدولية، فالملفات التي ستناقش في هذه الزيارة وما سيصدر عنها من رسائل وإشارات هي كثيرة، خصوصاً ما يتعلق بالانتصارات الميدانية في سورية، وتعزيز المحادثات الرامية للتوصل إلى حل سياسي فيها لتحقيق امن واستقرار سورية وعودة الحياة في هذا البلد إلى ظروفها الطبيعية، وتنسيق سياسات دول المنطقة والدور الذي يمكن أن تلعبه إيران في بناء واقع جديد بما يخدم هدف السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

وقد يبرز من خلال هذه الزيارة أيضاً عدة عناوين ورسائل إلى الغرب والى من يدعم الإرهاب تحمل مساراً للمرحلة المقبلة أهمها، استمرار الدعم الثابت لسورية، وتعزيز التنسيق العسكري في الحرب على الإرهابيين، وتفعيل الطاقات السياسية لدى سورية وإيران للتوصل إلى آلية شاملة لوقف الحرب في سورية ودعم سورية في مرحلة إعادة الأعمار، بالإضافة إلى دعوة للغرب إلى عدم الازدواجية في الملف السورية، فضلاً عن تأكيد على استمرار دعم سورية حتى اجتثاث الإرهاب، كون إن التعاون الوثيق والمتنامي بين ايران- سورية هو العامل الرئيسي لهزيمة الإرهاب واجتثاثه من جذوره في المنطقة.

لذلك يمكن القول إن توقيت زيارة الرئيس الايراني لدمشق مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بالإنتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين سورية وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات، ولا يمكن أن يعكر صفوها ازدياد حجم التحديات، كما تعد هذه الزيارة ضربة سياسية كبيرة تعكس جدية المواقف الإيرانية تجاه سورية، ورسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن طهران ثابتة في مواقفها بالنسبة لسورية.

مجملاً…. إن العلاقات السورية الإيرانية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة الراهنة، بالإضافة إلى أن الإنفتاح الدبلوماسي على دمشق سيأخذ شكلاً علنياً حيث تتهيأ السفارات العربية والغربية لإستئناف نشاطاتها في سورية، لذلك آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا الكبير “سورية” نحو المستقبل الزاهر، وبالتالي فإن كل هذه المعطيات تشير إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، ما يعني نتائج جديدة ربما تكون إيجابية لبعض دول الإقليم في المنطقة وعلى الأخص سورية.

وفي الختام بقي أن نترقب إعلان الإنتصار الكامل للشعب السوري في مراحل لم تعد ببعيدة، وبعد هذه السنوات تستحقّ دمشق تحية احترام وهي تخوض المعركة عن كلّ الأمة العربية والذي ستنعكس آثارها بطبيعة الحال على منطقة الشرق الأوسط وربما على الحالة الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى