رأي

درء المفاسد اولى من جلب المصالح

 
ضرغام الدباغ
هذه فقرة هامة من فقرات الفكر السياسي الإسلامي، ولا نضعها في باب أخلاقيات السياسية كما قد يعتبرها البعض، تأسيسا على قاعدة أن علم السياسة هو المصالح فقط. ولا نختلف في أن علم السياسة الحديث هو علم تحقيق المصالح، ولكن درأ المفاسد يصب مباشرة في المصالح العليا للدولة، وسنشرح مقصدنا هذا.
علماء السياسة والاقتصاد المعاصرون يدركون بصورة تامة، أن الفساد (Corruption) الإداري والمالي هو المدخل الرئيسي والحقيقي للفساد الهيكلي العام (Structural Corruption) الذي إذا ما ضربت أمواجه العاتية مفاصل الدولة، فسينجم عن ذلك شلل تام يصيب الدولة بالوهن ليس في قراراتها الاقتصادية / المالية فحسب، بل وحتى في قراراتها السياسية.
واليوم يؤكد علماء السياسة والاقتصاد بمختلف مناهجهم ومشاربهم الفكرية والسياسية، أن الفساد الإداري والمالي (Corruption) صعوداً إلى الصنف الأسوء من الفساد وهو الفساد الهيكلي (Structural Corruption) يمثل العائق الأكثر شراسة وعدوانية بوجه خطط التنمية، ليس في البلدان النامية فحسب، بل وحتى في البلدان المتقدمة.
وفلسفة درء المفاسد كأولوية مرجحة أمام القادة من رجال السياسة وإدارة البلاد، هي أولوية مستحقة بفعل المخاطر الجسيمة حين يتغافل رجال السياسة عنها، والمفاسد سوف تلتهم مكاسب المصالح إن تحقق نتاجها، لذلك فجلب المصالح مع تغافل درء المفاسد هي بالضبط كمن يلقي في أتون نار مشتعلة بالمكاسب المحتملة من جني المصالح، مع بقاء الفساد والفاسدون بالمرصاد لكل تقدم يحرزه المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى