أحوال عربية

حكومة الخدمة

حسين رشيد

طوال سنين التغيير النيساني 2003 ظل المواطن يسمع ويقرأ فقرات البرامج الحكومية دون أن يلمس أدنى تحقيق لها، وأغلب تلك البرامج كانت مستنسخة من حكومات سابقة مع إضافة بعض اللمسات والتعديلات التي تداعب مشاعر الناس، وبشكل خاص شعارات مكافحة الفساد وتوفير فرص العمل ومحاسبة المفسدين واسترجاع الأموال المسروقة لكن ما أن تأتي حكومة جديدة حتى تثير ملفات فساد وسرقة الحكومة السابقة، وهكذا تدور رحى الحكومات منذ نيسان 2003 إلى اليوم وسط تصاعد أرقام الأموال المسروقة واختفاء أرقام الأموال المسترجعة.
ونأمل كشعب ونتمنى أن يتم كبح جماح الفساد وينال كل فاسد جزاءه وفق القانون الذي يجب أن ينفّذ على الجميع دون تمييز حزبي أو مذهبي أو مناطقي، والمرحلة المقبلة قد تكون مفصلية في محاربة الفساد والحد منه، والكشف عن السرقات الكبيرة التي يجب أن تكون تحت ضغط الرأي العام، والمدعي العام الذي عليه أن ينشط في ظل الحراك الحكومي لمكافحة الفساد، وأن يكون بمستوى طموحات الشعب وبرنامج الحكومة الجديدة المُعلن، وتطلعات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وما يقوم به من خطوات إلى الآن، ونتمنى أن تتصاعد لتنقضَّ على مفاصل الفساد والإفساد، وأن تتم المحاكمات وفق مبدأ استعادة الأموال المنهوبة ووضع اليد على الأملاك المشتراة بتلك الأموال للمتهم وعائلته وأقربائه حتى الدرجة الرابعة إذا ثبت ذلك الأمر.
الفساد في البلاد متنوع ولكلّ نوع أذرع متسلّلة إلى جميع المفاصل، فثمة الفساد المالي الأخطر ألا وهو السرقة، والاستيلاء بمختلف أنواعه، واستغلال المال العام، والرشوة، والكومنشنات والإتاوات، وهناك الفساد الإداري من توزيع المناصب والدرجات الخاصة دون رؤية أو ستراتيجية تأخذ بالحسبان المصلحة العامة، والامتيازات المفرطة، واستغلال المنصب لمآرب ومنافع شخصية، وعائلية، وحزبية، وفساد التزوير للكتب الرسمية أو الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية التي من خلالها يتم نيل المناصب، ثم الوصول بكل سهولة إلى الفساد المالي ونهب الأموال العامة، ناهيك عن الفساد والافساد فيما يسمى بالاستثمار ومزاد بيع العملة اليومي.
تحظى الحكومة الحالية بدعم وتأييد من أغلب القوى السياسية، وبدعم عربي ودولي أُعلنَ عنه في أكثر من مناسبة، وهذا ما يسهل عملها خصوصا في محاربة الفساد الذي يفترض أن يأتي عبر تشخيصه أولا، وتحديد مكامنه حسب الخطورة والأهمية، وتطويقه لأجل الحدّ منه، من ثم الانقضاض عليه وضربه بقوة القانون والعدالة الاجتماعية التي يتمنى الشعب أن تأخذ مسارها في المرحلة المقبلة، مثلما يتمنى الناس أن تعلو أرقام مبالغ الأموال المسترجعة على بقية الأرقام، لتساهم في تعضيد عمل حكومة الخدمة كما أطلق عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى