أخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

حرب الأغنياء و الأقوياء و حرب الفقراء و الضعفاء

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

من المعروف أن أجهزة الدعاية و الإعلام ، المهيمنة عالميا ، تطبق معايير مختلفة في نعت حروب دول المعسكر الغربي عن غيرها في إبراز الصفات التي تدمغ بها ردو فعل الفقراء و الضعفاء . علما أن الأخيرين لا يعتدون عادة على الدول الغربية التي ما تزال تتبع سياسات استعمارية و توسعية و إحلالية نجم عنها استعمار البلدان واحتلالها وصولا أحيانا إلى إبادة السكان الأصليين أو ترحيلهم عن أوطانهم تمهيدا لجلب مستوطنين للحلول مكانهم ، أو إلى مزاعم بأنها منحت المستعمرات ” استقلالات مشروطة ” بعد تعليم و ” تحضير” أهلها ، و بالتالي فإن من حقها ممارسة دور ُشرطي على الصعيد العالمي ، بحجة المحافظة على الأمن الدولي وعلى حقوق الإنسان ، التي سبق و أن داستها في البلدان التي احتلتها أو انتزعتها من أصحابها، ما يعني أنها في الواقع وضعت نظاما عالميا يلائم مصالحها و تفوقها ” عنصريا ” و “ربانيا ” ، دفاعا عن امتيازاتها ، ما يجعل حروبها ، من و جهة نظرها ، مبررة وشرعية ، على عكس حركات التحرر المعترضة و المقاومة الموسومة عادة ، بالإجرام و الإرهاب و البربرية .

مجمل القول ، تنم ضمنيا تصرفات الدول التي تنشط تحت إدارة الولايات المتحدة الأميركية حفاظا على ” النظام الدولي ” إلى حد إنزال العقاب الذي تراه مناسبا بالذين ينتهكونه ، عن ذهنية غاشمة متجبرة تريد إكراه الناس التواقين للحرية و المساوة والسلام على التسليم بأنها تمثل شعوبا مختلفة عنهم لجهة الأصل العرقي و الحضاري ، الأعلى تراتبيا ، و بالتالي هي تتبع نهجا خاصا في خدمة أهداف خاصة سامية ، دون أن يعني ذلك أن من حق الشعوب الأخرى تقليد هذا النموذج . خذ مثلا على ذلك أن ما قامت به هذه الدول في يوغوسلافيا و العراق و سورية و ليبيا كان مبررا ، بينما يتحول إلى إرهاب و جريمة ضد الإنسانية ، لو أقدمت عليه دول غيرها .

و ما يدهش إلى حد الذهول ، في هذه المسألة هو أن المعسكر الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ، لا يتورع عن توظيف المعذبين في الأرض ، الجهلة ، و إيهامهم بأنه يمد لهم يد المساعدة ، بالمال و السلاح ، دفاعا عن عاداتهم و معتقداتهم ، ضد جماعات و أحزاب “مارقة ” في بلادهم ، لانها ترفض الإنصياع لشروط هذا المعسكر ، فلا مفر بحسب هذا الأخير من اللجوء للعنف من أجل إبطال خطتها .

ليس من حاجة هنا للتذكير بأمثلة واقعية ملموسة في الحاضر ، و لكن الغريب هو أن بعض التنظيمات التي خلقتها الولايات المتحدة و حاربت معها ، تحت نعوت من فصيلة ” ثورية ” ، ” مقاتلو الحرية ” ” ديمقراطيون ” إلى ما غيرها من النشاطات “النبيلة ” الوطنية و الإنسانية ، جردت فيما بعد من هذه الصفات ووضعت على لائحة الإرهاب . كانوا أخيارا فصاروا اشرارا . ويل للجهلة من المخادعين !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى