إقتصادفي الواجهةمال و أعمال

توقعات الاستثمار العالمي في الهندسة والبحث والتطوير

الاستثمارات العالمية في الهندسة والبحث والتطوير مرشحة للنمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10% رغم التباطؤ الاقتصادي

الهندسة الرقمية تمثل محور وأساس نماذج العمل الجديدة في الشركات
تسريح موظفي شركات التكنولوجيا يمكن أن يسهم في سد نقص الموظفين في شركات البحث والتطوير الهندسي
الإمارات العربية المتحدة، دبي – 08 مايو 2023: من المتوقع أن ترتفع الاستثمارات العالمية للشركات في المجال الهندسي وفي مجالات البحث والتطوير الهندسي، بحيث تشهد نموًا كبيرًا خلال السنوات الخمسة الماضية وبمعدل نمو سنوي مركبّ يبلغ 10% حتى العام 2026، وذلك على الرغم من ضبابية المشهد الاقتصادي الحالي، وفقًا لأبحاث أجرتها بين آند كومباني حديثًا.

وسيكون من أهم ركائز هذا النمو المتوقع في الاستثمار تسريع وتيرة استثمارات القطاع في الهندسة الرقمية والقدرات المرتبطة بها، فيما تسرّع الشركات من إنفاقها على التحول الرقمي. ومن المتوقع أن تسجل الاستثمارات الرقمية معدل نمو سنوي مركب بواقع 19% بين عامي 2022 و 2026 – أي حوالي ضعف معدل نمو الاستثمارات الكلية للإنفاق على البحث والتطوير الهندسي، بحسب مسح أجرته بين وشمل ما يزيد على 500 مسؤول تنفيذي عالميًا.

وكشفت النتائج التي حصلت عليها بين آند كومباني في أحدث تقرير عالمي للهندسة والبحث والتطوير أن غالبية المسؤولين التنفيذيين الذين شملهم البحث يخططون لزيادة نفقات البحث والتطوير الهندسي، على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية الحالية. ومن القطاعات التي ما زالت تتطلع إلى زيادة الإنفاق كل من السيارات والتنقل، وصناعات الطيران والدفاع، والأجهزة الطبية، والتصنيع والخدمات المتقدمة، والطاقة والموارد الطبيعية، والاتصالات.

وقال الشريك دانيل سوتر، ومقره زيوريخ: “تنظر الشركات اليوم إلى البحث والتطوير الهندسي على أنه ميزة استراتيجية ستحدد مدى نجاحها المستقبلي وترسم ملامح نماذج الأعمال الجديدة. فالاستثمار في البحث والتطوير الهندسي لا يقتصر على تحسين المنتجات بل يحقق تطورات ضخمة في جوانب عديدة من الأعمال.”

يعرّف البحث والتطوير الهندسي بأنه مجموعة واسعة من الأنشطة التي تهدف إلى تطوير منتجات وخدمات جديدة وتحسين الخدمات القائمة، فيما يشير مصطلح الهندسة الرقمية إلى مجال تطوير المنتجات والخدمات الجديدة المترابطة ذات الإمكانات الرقمية باستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والحوسبة السحابية.

ومع ارتفاع الإنفاق، تضاعف فرق القيادة جهودها لتحقيق عائدات قوية – وهو أمر يصبح أكثر صعوبة في ظل الركود.

فقد شهدت فترات الركود الأخيرة مثل الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و 2009 مرونة أكثر في الإنفاق على البحث والتطوير الهندسي مقارنة بنمو إجمالي الناتج المحلي، وذلك بحسب أبحاث بين. وفي الفترة بين عامي 2014 و 2021، حقق الإنفاق على البحث والتطوير الهندسي نموًا أسرع بحوالي أربعة أضعاف نمو إجمالي الناتج المحلي. ومن الأسباب التي توضح ذلك أن مشاريع العمل الكبيرة للبحث والتطوير الهندسي تتطلب عادة فترات زمنية أطول، ولهذا فإنها تكون أقل قابلية للاستبدال من أنواع الإنفاق الأخرى.

وقال سوتر: “تستخدم أنجح الشركات سنوات الركود في التفوق على منافسيها من حيث الابتكار، وذلك بالاستحواذ على الشركات بتكاليف أقل واستقطاب أصحاب المواهب المتميزة والاستثمار في الملكية الفكرية وفي البحث والتطوير.”

إغلاق فجوة المواهب في مجال البحث والتطوير الهندسي

أظهر تقرير بين أن 73% من شركات البحث والتطوير الهندسي لديها نقص في أصحاب المهارات، وأن هذه الفجوة ستتسع عندما يتقاعد جيل الموظفين الكبار بسرعة لا تضاهيها سرعة تدفق الخريجين الجدد كي يملؤوا أماكنهم، فيما ينتقل المهندسون في منتصف مسارهم المهني إلى وظائف غير هندسية. فقد ارتفعت النسبة العالمية للمهندسين الذين يتركون وظائفهم في شركات الهندسة إلى ما يتراوح بين 16% و 17%، – مرتفعة بنقطتين مئويتين عن النسبة المسجلة قبل ثلاثة أعوام.

ومن جانبه قال كريم شريف، الشريك لدى بين آند كومباني في الشرق الأوسط: “تظهر تحليلاتنا بأن هناك نقصًا في أعداد المهندسين من أصحاب المهارات، وهذا تحدٍ لا يؤثر على منطقة الشرق الأوسط وحدها بل يمثل مشكلة عالمية ستواصل تأثيرها على العالم بأسره الآن وخلال العقد المقبل. وفيما تدرك كبرى الشركات وجود فجوة في المهارات تؤدي إلى منافسة كبيرة على الموظفين المؤهلين، فإن من المهم للغاية تطوير وتحسين الوظائف الهندسية بشكل يجذب الموظفين الموهوبين ويتيح الاحتفاظ بهم.”

استخدام البحث والتطوير الهندسي الرقمي لتحقيق القيمة وتحسين المخرجات المتحققة للعملاء

لطالما اعتبرت الشركات البحث والتطوير الهندسي بمثابة وظيفة جوهرية لجعل المنتجات أفضل وأقل ثمنًا، واليوم أصبحت هناك مجموعة من القادة ممن يضعون التقنيات الجديدة والبحث والتطوير الهندسي في محور أعمالهم ليتمكنوا من ابتكار نماذج الأعمال وإعادة صياغتها بشكل فعال. فهم بذلك ينتقلون إلى حلول قائمة على المخرجات لتمكين العملاء من الدفع بناء على تحقيق النتائج المتفق عليها – مثل فترات عمل الآلات دون تعطل.

وأضاف سوتر: “تفرض التطورات التقنية الهائلة طابعًا عاجلًا للبحث عن مصادر جديدة لتحقيق القيمة، فالشركات العاملة في البحث والتطوير الهندسي للصناعات الثقيلة، والتي لا تستثمر وتبتكر لتحسين تجربة العملاء، قد تجد نفسها متأخرة عن منافسيها الأكثر ابتكارًا.”

يذكر أن حوالي ثلاثة أرباح المدراء التنفيذيين للتقنية ممن شملتهم أبحاث بين قالوا أن تقليل الزمن اللازم لدخول الأسواق أولوية بالغة الأهمية للإدارات الهندسية، فيما قال 70% منهم أن دمج التقنيات الجديدة في المنتجات والخدمات أولوية أساسية.

وعملت الشركات في معرض انتقالها إلى نماذج عمل جديدة على دمج الاستراتيجيات، كالاستثمار في التقنية ومنها تقنية التوأمة الرقمية للعثور على الأخطاء وتقليل الزمن اللازم لدخول السوق، وكتوسعة نطاق عمل الفريق الهندسي عبر دورة حياة المنتجات والحلول، والفرق متعددة التخصصات التي تتيح الوصول إلى الأصول الاستراتيجية كالخبرة التقنية لجميع الإدارات، والانتقال من تطوير المنتجات الدوري إلى تطوير مستمر للتقنية، ومنظومة من الشركاء لدعم الابتكار والتوسع في القدرات.

القطاعات الثلاثة الأبرز في مجال التعهيد: التصنيع والسيارات والأجهزة الطبية

في نقلة استراتيجية، تخطط 60% من الشركات لزيادة تعهيد أعمال البحث والتطوير الهندسي خلال السنوات الثلاثة المقبلة وفقًا لأبحاث بين. ومن الجدير بالذكر أن الشركات الكبرى قامت في السابق بتعهيد 18% من أعمال البحث والتطوير الهندسي من حيث القيمة – وهو مستوى أقل بكثير منه في قطاع خدمات تقنية المعلومات الذي شهد تحولًا مماثلًا في بدايات القرن الحالي، ويقوم الآن بتعهيد 46% من أنشطته.

وبالإضافة إلى تسريع الابتكار، يساعد التعهيد فرق القيادة في التعامل مع النقص الحاد في المهارات وضغوطات التكلفة المتزايدة. فقد قال أكثر من 80% من المسؤولين التنفيذيين الذين شملتهم الأبحاث أن هناك فجوة في المواهب في مجالات تتطلب الخبرات الرقمية، بما فيها هندسة البيانات وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء والاتصال، إلى جانب مجالات حيوية أخرى كهندسة النظم. وتأكيدًا على ذلك التوجه، قال 73% من المشاركين في المسح أن الخبرة في القطاع أو الخبرة التقنية هي العامل الأكثر أهمية عند اختيار شريك التعهيد، وذلك بالمقارنة مع 59% من المشاركين الذين قالوا أن التكلفة هي العامل الأكثر أهمية بالنسبة لهم.

وقال جواد عبد الصمد، الشريك المساعد لدى بين آند كومباني في الشرق الأوسط: “أظهر استطلاع Bain أن التعهيد الخارجي في مجال البحث والتطوير الهندسي يشهد مزيداً من التطور والازدهار خلال السنوات الثلاث القادمة، وتحديداً في قطاعات التصنيع والسيارات والأجهزة الطبية والطاقة والفضاء والدفاع. يتم الآن البحث عن موفري الخدمات للحصول على القدرات الجديدة التي تحتاجها الشركات. كان الطلب في السابق على التعهيد الخارجي يتعلق بشكل أساسي بالمهارات الميكانيكية والهندسية الأساسية. ومع ذلك، يخطط المسؤولون التنفيذيون الآن للاستثمار بكثافة في قدرات الهندسة الرقمية، مع التركيز بشكل خاص على مجالات مختلفة، ومن ضمنها الأمن السيبراني، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، والبرمجيات الضمنية، وهندسة وتحليل البيانات”.

وأخيرًا، هناك تغير في أنواع المشاريع كذلك. فقد كانت المؤسسات البحثية الكبرى في السابق تقوم بتعهيد أنشطة الاختبار والتحقق والامتثال فيما تحتفظ بالأنظمة والمنتجات الأساسية. أما الآن، فقد أصبحت الشركات ذاتها تشمل نشاطات أوسع في التعهيد، ومنها التصميم المتكامل للمنتجات وتطوير الأجزاء الرئيسية كمحركات الاحتراق، والتي كانت في السابق وظيفة رئيسية لدى مصنعي القطع الأصلية للسيارات.

ملاحظة: يشمل الاستثمار في البحث والتطوير الصناعي نفقات البحث والمنتجات والهندسة والمحتوى والتقنية وتطوير البرمجيات واختبار المنتجات والتجارب التنظيمية والسريرية وغيرها من التكاليف المرتبطة بالبحث والتطوير الهندسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى