أمن وإستراتيجيةفي الواجهة

تجارة السلاح .. وصناعة الحرب

عدنان الصباح

ابدا لا يحتاج الامر الى الكثير من اعمال الفكر لتدرك ان من يصنعون السلاح يسعون اولا الى تسويقه وان لا تسويق للخبز إلا الى افواه الجياع وكذا لا تسويق للسلاح الى الى ايدي المتقاتلين وبالتالي فلكي تروج سلعتك عليك اولا ان تصنع الحاجة الى هذه السلعة وعليك اذن ان تؤجج النزاعات والصراعات والفتن في كل مكان يمكنك ان تفعل ذلك فيه بعيدا عنك انت بالذات وهو ما يفعله صانعي الاسلحة عبر وكلاء التحضير وخلق الحاجة للسلعة وعبر الموزعين والمروجين ويكفي ان نعلم ان السعودية وحدها اشترت في عام 2014 فقط اسلحة بقيمة 80 مليار دولار وفي العام 2017 شملت صفقة ترامب شراء السعودية اسلحة بقيمة 110 مليار دولار وكذا تم شراء طائرات في عهد اوباما بقيمة 30 مليار دولار في عام 2012 وهذه الارقام وحدها وهي حوالي 6 سنوات اشترت السعودية ما قيمته 220 مليار دولا امريكي اسلحة فقط من الولايات المتحدة الامريكية واذا اضيف الى ذلك مشتريات الاسلحة الاخرى فان الارام تصبح خرافية.
السؤال اين تذهب هذه الاسلحة وما حاجة السعودية بها والحقيقة ان الحرب على اليمن وحدها تكلف السعودية حسب صحيفة التايمز البريطانية ما يقارب 200 مليون دولار يوميا ويمكن تخيل الارقام بتحويل السنوات من عام 2015 حتى اليوم الى ايام ومقابل كل يوم 200 مليون دولار في حين تقول الاحصائيات لعام 2017 ان معدل الفقر في السعودية يصل الى حوالي 13% وتعتبر السعودية الاولى في معدل الفقر في الشرق الاوسط والعاشرة على مستوى العالم.
لقد اكتشف العالم نوبل الديناميت بهدف التخفيف على عمال المناجم الا ان الاشرار ذهبوا به الى الحرب وهكذا لا زال الامر حتى يومنا هذا كذلك فيكتشف الاخيار ما يمكن ان يستخدم لرفاهية البشر فيحوله الاشرار الى ادوات موت والطاقة النووية اليوم اكبر مثال على ذلك اذ يتحول الفعل الخير لإنتاج الكهرباء وانواع الطاقة الى سلاح فتاك ومدمر للبشر والحضارة.
ليس الربح هو العنوان الرئيس لصناعة السلاح فان مبيعات شركة كزكا كولا في العالم تصل الى حوالي 2 مليار حصة يوميا ومثلها العديد من شركات الكولا والمشروبات الغازية حول العالم ويمكن لأي تجارة ان تعطي ارباحا اكبر بكثير من تجارة وصناعة السلاح فقد بلغت تجارة السلاح حول العالم في العام 2020 حوالي 530 مليار دولار في حين ان اجمالي مبيعات شركتين هما كوكا وبيبسي كولا قد تفوق ذلك بكثير.
في الحرب الاستعمارية الثانية وحدها قتل حوالي 85 مليون شخص في حين يموت من بسبب صناعة السلاح وتجارته الرائجة وفي حين يكلف العالم محاربة المخدرات ملايين الدولارات فان احدا لا يفكر عمليا في مكافحة الحروب وفي حين يعتبر الموت بالمخدرات جريمة يطال صاحبها الخزي في الحالتين ان كان قاتلا او مقتولا يصنف من يقتل في الحروب من جانب جماعته على انه شهيد ويصنف القاتل من الجانب الآخر على انه بطل.
الحرب الحقيقية اليوم هي حرب الفقراء على الحرب التي تسرق خبزهم وامنهم وارواحهم وتجعل منهم طعاما لإطعام طواحين الموت لا لإطعامهم انفسهم ويتحول الجنود وصغار الضباط الى بروليتاريا العصر الحديث الذين لا يقبلون الاضطهاد على انفسهم فقط بل يمارسوه ضد اناسهم من صنفهم ويتفاخرن بذلك ويقيمون الاحتفالات فوق كل جثة تموت وهي بكل الاحوال لا فرق بين فعل القاتل بالسلاح او القاتل بالأفيون فكلاهما تاجر السلاح وتاجر الافيون لا هم له سوى الربح أيا كان مصدره وأيا كانت نتائجه وبذا فان انتظام الفقراء عامة وفي طليعتهم الجنود وصغار الضباط في جيوش العالم في عصيان حقيقي يرفض قتل الانسان لأخيه الانسان هو وحده القادر على جعل دواليب مصانع السلاح وبالتالي الحروب تتوقف عن الدوران كليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى