أحوال عربيةأخبار العالم

بين فلسطين ولبنان وسورية…توحيد الساحات والجبهات لم تعد شعاراً

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

اليوم تتجه الأنظار الى بؤرة الصراع الملتهب في فلسطين وجنوب لبنان والمذابح التي يرتكبها الإستيطان الصهيوني في غزة، وتتوارى قضايا كثيرة أمام بشاعة ما يجرى هناك، فقد إعتادت إسرائيل على إرتكاب مجازر جماعية ضد الأبرياء والأطفال العزل، حيث يتّخذ الإسرائيليون أشكالاً متعددة لتحقيق أهدافهم، فمن عمليات الإغتيال والتصفية الجسدية إلى المجازر والمذابح الجماعية التي باتت أوسمة تُعلّق على صدور القادة الإسرائيليين وجنوده، فى حين أن هذه القضايا لا تقل أهمية ما يرتبط بها من دلالات خاصة بالأمن العربي ومستقبل خريطة المنطقة ككل.

في إطار هذا ومنذ الإعلان عن استهداف الكيان الصهيوني أحد قادة المقاومة تعيش إسرائيل حالة متنامية من القلق والخشية غير المسبوقين، فإسرائيل متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات إستخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقة بالنسبة لتل أبيب.

وبناء عليه، إن حالة الرعب التي تعيشها إسرائيل اليوم بفعل التقارير الكثيرة التي تتحدث عن الصواريخ الموجودة لدى حزب الله والفصائل الفلسطينية ومداها البعيد والتي قد تودي بإسرائيل إلى الزوال، فإن عيني رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه شاخصة نحو الساحة اللبنانية والفلسطينية، وخاصة بعد زيادة قوة حزب الله التي تختلف تدريجياً عن الحزب الذي حارب جيش الإحتلال في العام 2006، من حيث تنظيمه الديناميكي الذي يفهم ويتفهم المتغيرات التي دخلت على الساحة الإقليمية والدولية، لذلك فإن الإحتلال يقف الآن أمام عدو صلب وعنيد كونه يملك الخطط العسكرية الحديثة والمتطورة التي ستمكنه من إلحاق ضربة قاسية بإسرائيل، ومن جهتها تدرك إسرائيل إن المواجهة مع حزب الله غير بعيدة، وإنها لا تستطيع الصمود في حرب طويلة لإفتقادها للعمق الإستراتيجي، وهي لذلك تحشد الرأي العام العالمي وتقوم بالمناورات العسكرية لمواجهة هذه الإحتمالات وتركز من جهة أخرى على تنبيه المجتمع الدولي لخطورة إستمرار إيران في برنامجها النووي.

ومن جهة أخرى عكس الرد الإسرائيلي المحدود على الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان وقطاع غزة هواجس المؤسسة الإسرائيلية من حرب شاملة مع فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية، وحملت في طياتها العديد من الرسائل التي توحي بعدم جاهزية الجبهة الداخلية في اسرائيل لحرب على عدة جبهات التي تفضي الى توحيد الساحة اللبنانية مع جبهتي غزة والضفة الغربية، فضلاً عن استعداد ايران وحزب الله للتصعيد في مواجهة الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سورية.

وهنا يمكنني القول إن نتنياهو يلعب بالنار سواء في لبنان وفلسطين وسورية، ومن المؤكد انه سيدفع ومستوطنوه ثمناً غالياً في نهاية المطاف، ولا نستبعد ان نرى المقاومة اللبنانية والفلسطينية والسورية الوطنية تتوحد ضده بطريقة مباشرة او غير مباشرة في المرحلة القادمة، وبالتالي فإن مساعدة كل من إيران وسورية لحزب الله في لبنان وفصائل المقاومة في فلسطين، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي يمتلكها والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في ارتفاع مستمر من ناحية الكم والكيف، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع حزب الله، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع حزب الله سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.

إن المنطقة تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسيتمخض عن المعركة الدائرة مع العدو ولادة شعب عربي متحرر من خوف الأعداء، وسينتج عنها استعادة المحور المقاوم لدوره، وتعزيز ثقافة المقاومة بين شعوب المنطقة، المستندة إلى برنامج وطني نضالي واحد هدفه تحرير الأراضي المحتلة، بالمقابل هناك توقعات بانفجار المنطقة برمتها التي أصبحت معرضه لمخاطر الحرب نتيجة المواقف المتعنتة للدول المتآمرة على لبنان وفلسطين وسورية، فالحقيقة التي يجب أن ندركها إننا الآن أمام تحدي كبير يتطلب منا التغيير في الاستراتيجيات والأدوات والعودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة إسرائيل الحاقدة على العرب.

وأخيراً ربما أستطيع القول إذا كانت إسرائيل تتصور بأنها ستكسب شيئاً من تلك المجازر والمحارق التي تقوم بها في فلسطين فهي واهمة، ومن الغباء ألا تدرك إسرائيل إن عدوانها قد زاد من رصد الكراهية والبغضاء تجاهها في نفس كل فلسطيني وعربي، ومن قصر النظر ألا تدرك إسرائيل ما ألحقته بأهل فلسطين من إصابات وجراح ستكون بمثابة جرس إنذار يدق على الدوام مستنهضاً كل الفلسطينيين وسائر العرب لتحرير فلسطين من الصهاينة، وكل أرض عربية سلبت من أهلها ولن يغيب عنها أن الأرض التي دفن فيها الشهيد ستنبت مقاومين ومناضلين أشد بأسا وأشد إصراراً على دحر العدو واستعادة الحقوق. لذلك إن الانتفاضة قادمة لا محالة، كون التاريخ يشهد على أن الفلسطينيين وإن صمتوا لسنوات عن جرائم الإحتلال، لا بد أن تدق ساعة الإنتفاضة على كل جرائمه ضدهم .

وبالتالي أرى أن المرحلة القادمة هي مرحلة الصمود وهي مرحلة تتطلب توفير حاجاتها وشروطها عربياً حتى يتغير ميزان القوى ويكون هناك نظام عربي مقاوم قادر على تحرير الأراضي المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى