ثقافة

انتقام الملوك

يعالج خلفان الحنظلي في روايته “انتقام الملوك” طبيعة الصراعات بين البشر والدوافع التي تحركهم إليها، ويكشف ما يعتري الإنسان من أطماع تقوده إلى الغدر والخيانة وسائر صنوف الأخلاق الذميمة..

وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 246 صفحة من القطع المتوسط، ودارت أحداثه في عالم مُتخيَّل مبهم الزمان والمكان. ورغم أن الكاتب حاول أن يسمّي مجموعة من الأماكن التي دارت فيها الأحداث، أو يطلق على الممالك القائمة داخل الرواية أسماء تميّزها عن غيرها؛ إلا أن التسميات نفسها كانت متخيلة ولم تشر إلى مكان واقعي أو ممالك معروفة، وهو ما منح الرواية قدرة أكبر على توليد التأويلات؛ إذ تتجاور ممالك عديدة، وتنشأ بينها حروب، وتُحاك مؤامرات في سبيل تحقيق السطوة والاستئثار بعنصر القوة.

ولا تقتصر الصراعات على الممالك بين بعضها بعضا، لكنها تمتد إلى داخل كل واحدة منها، بل تُحاك المؤامرات بين الأخ لأخيه، والزوجة وزوجها، الأمر الذي جعل حبكة العمل ذات مسارات مركبة، وكشف في الوقت نفسه عن خفايا النفس البشرية في لحظات خوفها، وطمعها، وحقدها، ونقائها، على حد سواء.

وجاء في الرواية وصف ممهد لطبيعة المكان الذي انطلقت منه الأحداث (نبض المعاني):

في الشِّتاء، ومع إحساسها ببعض الكدر، تبقى وفيَّة لمن حولها في إكسابهم ما يحبّون من فيض جمالها، فهيَ تنبض حياة منذ عرفها سكّان هذه البقعة من الأرض، وكلُّ المخلوقات تهيم عشقاً بنبض الحياة، فكيف بالإنسان وقد نصَّبَ نفسه السيَّد هنا، وأطلق على البحيرة اسم “نبض المعاني”، وانسحب الاسم على المكان دون معارضةٍ من أيِّ مخلوق، وأصبحت هنا مملكة متمركزة بقوَّة وصلابة، فلا يغرنَّك جمالها وشعورك برقَّتها، فحين تُسَلُّ السُّيوف تتحوَّل هذه المملكة إلى عفريت من الجنِّ، وإن آمنَتْ بشيء ما ستهلك دونه”.

وقدمت الرواية كذلك وصفا دقيقا لطبيعة العصر الذي سبق تلك الصراعات:

“انجلَت ظلمة عصر هو الأسوأ من بين العصور، عصرٍ أسودَ حالك السَّواد، لم يَسلَم فيه من الشَّرِّ أحد، ولم ينعمْ فيه بالخير أحد، كلٌّ أخذ نصيبه من الألم النفسيِّ، وعانى الويلات كأنَّه أكثر من يعاني.

خلالَ ذلك العصر، بلغ الظُّلم مبلغه في أغلب الممالك، وانتشر الاستبداد كالنَّار في الهشيم، وبرز الطُّغاة وأمسكوا بمقاليد الأمور، وتعسَّفوا بقراراتهم بحسب شهواتهم ونزواتهم ومصالحهم الشَّخصيَّة الَّتي كانت تتقلَّب وتختلف من حين إلى آخر، فجاروا وبطشوا بعامَّة النَّاس، وجشَّموهم المشقَّة والعناء، وساموهم سوء العذاب”.

ومن الجدير ذكره أن خلفان الحنظلي كاتب من سلطنة عمان، وقد صدرت له رواية مع مجموعة قصص قصيرة بعنوان “شظايا الماضي” في العام ٢٠٠٥، وسبق له الفوز بالمركز الثاني في مجال القصة القصيرة على مستوى وزارة الدفاع والحرس السلطاني العماني، وهو يكتب سيناريوهات قصصية لمجلة العين الساهرة لشرطة عمان السلطانية منذ العام ٢٠١٠.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى