ثقافة

النصف الاخر من قلادتي

احمد جابر محمد

بقلب مكسور وعيون ترتقب الابرة تحت اكوام القش ببصيص امل ينذر بشيء جديد ولا جديد يذكر فلا ضياء ولا بوصلة عتمة في عتمة خضعنا لنكون كاحدى الالات نسير وفق خارطة طريق لايمكن ان نحيد عنها بملامح تبدو علينا معالم السلطنة ونسائم من العطر توحي بان لا هوية داخلية لها نظرات منسكبة وجروح من الداخل تحاول الاندمال بشتى انواع المسكنات لكنها تنشط و تعاود من جديد ولا احد يراها فهي مجرد صورة وضعت للضرورة في ذلك البرواز ضنا بانها بمكانها الصحيح متسائلين عن نضوجها وحيويتها رغم انها رهينة لا يضع ابهامه عليها احد ويكتفون بلمسها بعيونهم لعل هنالك اجابة لكل تلك الاستفهامات .. بخطوات متثاقلة وعيون كالسدود محملة بالمنسوب لم يحن وقت ثورتها فهي تطمح ان تتناثر تلك المياه على اعتاب ارضا شحت عليها المياه هو حلمٌ راودني كانه حقيقة ولا صوت ولاصدى تتكأ نفسي على جسدها حينما تيقنت بان كل السبل لديها قد تقطعت واخذت امضي حيث المجهول كانني اريد ان اكتب نهايتي المأساوية على حجر الاساس بكل ما عانيته في رحلتي وسط الغابة على مدار اربعة فصول وفجأة وبدون سابق انذار اشتدت ريح طيبة نسمات لها اكثر من نكهة تتطايرحولي كالفراشات من ذلك العالم الموحش الذي اتعب اصابع يدي وقضى على لمعة الفرح بعيني طويلاً وقرأ الفاتحة على الترقب عندي حتى ساعات متاخرة من الليل عليّ اجد و لو صورة او دليل يؤنس بحثي عن نصف قلادتي المفقود وكان نصيبي الخذلان دوما… ولبرهة ضهرت مباغتة واجهة تضهر منها العبارات كالضياء توهج قناديلا بضوء وهاج وعزف لسمفونية المطر على اوراق الشجر اما الحنان كعين جارية تنبع من عباراته تغريدا وتتراقص الاشواق طامحة ان تطوى الارض ويختصر الزمن كان كل شيء من حولي يرقص حتى اطراف ثوبي رغم الغموض الذي كان سحابة على كلامه اكتفى بالقليل لكنني علمت بان خلف كل حرف من كلامه قصة ورواية وابطال وتلك السحابة محملة من الخير الكثير.. جاهدت دعاءاً ان يختفى كل هذا ويزول لربما بنبرة مني او لربما بحرف منه وفي حقيقة الامر كان كل منا على الشاشة الاخرى قلبا ينبض وروح تزهر حنينا للقاء يسقي احدنا الاخر وكالعادة ربيع الانتفاضات بداخلي ينشأ وتطرق طبول الحرب وتبدأ معارك البسوس بين القلب والعقل لكل منهما وجهة نظر مغايرة والاقدام منتفظة تتمنى ان تكون هنالك مركبة بالسنين الضوئية لتصل الى المكان باسرع وقت ممكن وحتى ميل الدقائق كان هو الاخر له رأي حكيم فاخذ يهمس لقلبي (لاتقلق ستصل قبل الموعد لكن اعذرني ان اخفقت مرة اخرى ففي العجلة الندامة ) بكل هذه الاصوات والحروب وكل جزء مني يريد سحبي الى مكان ومرسى اخر وقفت قدماي وشعرت انني كنت اركض مرتفعا نحو جبل ودقات قلبي تتسارع فقد وصلت الى مرتكز ونقطة الصفر من اللقاء لكن عقلي اخذ يربت على روحي ويهون عليها كي لايحدث ما يحمد عقباه من الخيبة قبل وقوع الكارثة والاصطدام بواقع مغاير للحقيقة كانت نضراتي تتسابق بالاتجاه الاخر ضنا مني بان خارطة مسيره و اقدامه ستحمله نحوي عبر هذا التيار وكنت متجمد داخل محيط ذروة شتاء خوفا وقلقا وحزنا وفرحا بخليط لا يمكن تفسيره كظاهرة مبهمة وبثانية واقل لامس جسدي حنين مد ذراعيه من خلفي وعانقني بلهفة عودة وطن واخذ يشم انفاسي ليخبرنني بانني هوائه ونسيمه المفضل ولا يريد ان ينتهي من عناقي وكانه يطرق باب صدري كي يدخل فيه التفت ولم يكن بالحسبان نضرات رقيقة يتفايض منها حنين وليل خالطه شهب ادار البدر من اعلاه ومن جانبيه كان لامعا كبريق الماس ادبا وخُلقا وركوزا وهدوءا يخفي خلفه الف شخص يحمل كل منهما شخصية مغايرة ولهفة ترى خلفه اجنحة يود بها التحليق عاليا بعيدا عن اعين الناس ارتعدت وتثاقلت اكثر اقدامي وقلت (يا ليته هو) عاود النظر بخجل متردد ونطق بالاسم الذي اختفي خلفه بنبرة افقدتني وعييي على الرغم من عيني العاهرة كانت مفتوحة فعلمت حينها انه جاء عكس التيار كقصص النبلاء و ان قلبي كان ع حق فانهمرت بتأنيب نفسي لانني لم اصدق قلبي وتكاسلت وجاهدت بلحظة غباء ان اخسر ما كنت اعيش للقياه نهضت بخطوات اقرب بالوصف الى العاصفة وصافحته بتردد لاني احتاج لاكمل الصورة كما يجب ووقتها احسست كأن سحرا انساب الى جسدي نثر بذوره وبدا بالسقي فلا يريد اضاعة الوقت سارت اقدامنا الى لا وجهة محددة ولساني يتلعثم وقلبي يدق وودت السكوت لاستمع لكن قلبي اشار للساني انطلق… فتجاذبنا اطراف الحديث الذي كان سلسا بلا تكلف او تصنع وكان العالم حينها اختفى وبقينا سوية على اعتاب مدرجات محلقة باجنحة التفاؤل وكانت لعيوني قصص اخرى تهرب من عيناه تارة وتعاود الغوص عميقا في تفاصيل وجهه وجسده واسترق بحركة خبيثة لكنها لااثم عليها لمسه بين الفينة والاخرى كي استمد طاقتي من حنانه واشحنها كان كل منا كتاب مفتوح وبدانا ندون فيه ما يرغب الاخر بمعرفته رغم انني لم اشعر باني اراه لاول مرة احساسا كان يؤكد بانه ليس اللقاء الاول فلقاؤنا الاول كان بعالم الارواح قبلا .. وللوقت هنا فعله و كلمته حاول ان يبطىء كي يطول الحديث لكته كان ملعونا بعض الشيء و سرعان ما بدا اللقاء بالنفاذ كساعة رملية بيد جلاد ونظر لساعته ك(صاح الديك مولاي) اخذنا كل احلامنا وآمالنا وفرحنا والعشق الذي بدا ينمو داخلنا ولم نرغب بالرحيل حتى سار بالقرب مني ومسك يدي فسمعت صوتا من الفرح ينبع من داخلي كاد يشطرني نصفين وغُمرت خجلا ممزوجا بلهفة ولولا قانون هذا العالم لمنحته جوازا الى حضني لكنني تماسكت نفسي وسرت بقربه وكانت رغبتي ان يطبع حنينه على شفتي وان أشُم انفاسه عطرا وكأن روحي خاطبت روحه وهو من طلبها لكن نُحرت تلك الرغبة على مقصلة العيون المفتوحة واكملنا المسير حتى حملتنا كلماتنا وعشقنا وهيامنا واللهفة فوق السحاب حتى اوصلته لوطنه ولم اكن قد اكتفيت منه اطلاقا توادعنا وداعا شكليا وارواحنا تأبى الرحيل تسارعت بالرحيل وداخلي يقول لا تتورط مرة اخرى اكتفي بنفسك وانأى عنها بما يسبب لك المزيد من الجراح فسكان جراحك لا تتناسب مع مساحة روحك وعادت الحرب داخلي حتى صدعت منها واصممت وعاودنا نشكر ذلك الاختراع الذي قرب لنا المسافات وربط قلوبنا وارواحنا بقانون عجيب وتبادلنا الاراء حول ما دار بينا علنا قد خجلنا هنالك على ذلك الرصيف المسكين من كسر النفوس بالرفض وهنا لابد ان نحسم الامر فوجدته يتحدث عن لسان حالي وكاني اتحدث لمرآتي بكيت جدا حتى تبللت يداي وانا اردد بلساني (الله لايحرمني منك) وخانتني اصابعي لترسلها له دون علمي ولم تمضي فترة طويلة خجلت وانا انظر الى الساعة فالوقت تجاوز منتصف الليل استاذنت وتوادعنا وهو يسقيني الامل في غدا واحسست بان على روحي بدء رحلة الرحيل لان طلب اللجوء الى جسده قد تم ولابد من حزم الامتعة واوصيتها ان تفتح عيناها ولاتغمضها لكي يكون دوما بآمان واستحلفتها بربها ان تكون ملاكا حارسا له تنثر من حوله المعوذتين طلبا من الرب ان يخلق حوله سورا كسور سليمان…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى