مجتمع

النرجسية كإضطراب نفسي خطير

جواد الديوان
ميثولوجيا اغريقية عن شاب يقع في حب نفسه ومظهره، ويتمعن بصورة وجهه على سطح ماء بركة! تحولت لتصف نوع من اضطراب الشخصية النرجسية. ويتصف هذا الاضطراب بالشعور باهمية النفس (العظمة) وفقدان العواطف والبحث عن الاعجاب في احاديث وعيون الاخرين.
اهمية النفس تتجلى في بعض مفاصل الحياة ومنها القوة والذكاء والجمال والانجازات وغيرها. شعور غير واقعي بانه الافضل من بقية الناس، وتميزه صفات يتوحد فيها. ومنه تظهر الغطرسة والتعامل مع الناس بفوقية وتعالي واضح، وعلى سبيل المثال ان يبادر الناس لتهنئته في العيد او المناسبات الدينية او زيارته للاطمئنان عليه. ومن المظاهر الشائعة في العراق تجاوز طابور انتظار الناس في مؤسسات الدولة لانجاز معاملات او المخابز او امام السيطرات، والسبب شعور المتجاوز بانه الافضل ويحق له ذلك. وموضوع الافضل امام السيطرات شطارة السياقة مثلا او القابلية على اثارة المشاكل او يشعر باسناد خاص وغيرها. وهذه التصرفات تثير النزاعات والخصومات.
ينصرف ذهن المصاب بهذا الاضطراب الى فنطازيات (توهمات غير حقيقية) عن نجاحات غير محدودة تؤكد الذكاء الخارق (استاذ جامعة يقدم اثنا عشر بحثا في مؤتمر واحد سنويا! او تقديم قوانيين لحل اشكالات مزمنة في البلد) او المظهر الجميل القاتل وغيرها. وتحول هذه الفنطازيات بينها وبين اي توجيه للطاقات للانجاز.
ورغم تبجح المصاب بالنرجسية فهو يحتاج الاعجاب من الاخرين ليسند به كرامته الهشة، وما اشعار المديح الا جزء من هذا الجانب ومنها قول المتنبي لسيف الدولة:
وقفت وما في الموت شك لواقف……….كأنك في جفن الردى وهو نائم
وقول الجواهري في الملك الحسين
يا ابن الـذين تـنزلـت بــبـيـوتـهـم ………. ســـور الـكـتــاب ورتـلــت تـرتيلا
الحاملين مــن الأمـانــة ثـقــلـهـا ……….. لا مصـغرين، ولا أصــاغـر مـيـلا
ويعمل ذو الشخصية النرجسية على الحصول على ذلك الاعجاب باشكال شتى ومنها التصفيق اثناء الخطابات والاستعرضات وغيرها. ان حمل القاب من التاريخ البعيد والتشبه بالابطال جزء من هذه الظاهرة كما يشعر كل العراقيين هذه الايام.
المصاب بالنرجسية يلوم الاخرين لكل اخفاق، وتتردد كلمات وضعوا العصا في الدولاب، او عملوا لتاخير اصدار قانون وغيرها. والتفسير في المؤامرة لافشال الجهود.
وهتلر (اوهامة بالقوة والسيطرة على العالم وعظمة العنصر الالماني) وستالين (القضاء على المعارضة والقوة والسيطرة وقتل تروتسكي بعيدا عن روسيا) وجوزيف منجل (طبيب في الحرب العالمية الثانية حصل على لقب ملاك الموت يتميز بافكاره عن عظمته) والقاتل متعدد الجرائم تيد بنزي (البقاء في عين عامة الناس) وباريس هليتون (ممثلة تعيش امام الكاميرا ومسرحها العالم وتفتقد للعاطفة) وفنانة الاستعراضات مادونا (حياتها اكبر من تصور عقلها).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى