ثقافة

المنافس


إيفان تورغنيف
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
.
كان لي رفيق، منافس لي، ليس في الدروس، ولا في الوظيفة، ولا في الحب، ولكن نظراتنا لم تكن تتفق في شيء. وكلما التقينا نشأت بيننا خلافات لا تنتهي.

كنا نتجادل في كل شيء في الفن و في الدين و في العلم و في الحياة الدنيا والآخرة – ولاسيما الأخيرة.

كان رجلاً مؤمناً، و متحمساً.

وذات مرة قال لي:
أنت تسخر من كل شيء، ولكن إذا مت قبلك، سأحضر إليك من الآخرة… وسنرى إن كنت تسخر عند ذاك؟.

وبالفعل، مات قبلي، وهو في ريعان شبابه ، ولكن السنين مرت، ونسيت وعده، و وعيده.

وذات ليلة تمددت على الفراش، و لم أستطع النوم، بل و لم أرد أن أغفو. والغرفة يتقاسمها النور و الظلمة. فأخذت انظر في الغبش الشايب. فجأة خيل إلي أنني أرى منافسي واقفاً بين نافذتين يشرئب برأسه بهدوء من فوق إلى تحت.

لم أرتعب – بل لم أندهش-، ولكنني رفعت جسمي قليلاً، وارتفقت على كوعي، وأخذت افحص ذلك الشخص الذي ظهر على حين غرة.

وهو مستمر في هز رأسه.

وأخيراً قلت:

ماذا تريد؟
أمنتصر أنت أم آسف؟
وهذا أهو تحذير أم تقريع؟
أم تريد أن تفهمني أنك كنت على غير حق؟
أم كلانا على خطأ؟
و بماذا تشعر ؟ عذاب الجحيم؟ أم نعيم الجنة؟ انطق ولو بكلمة.

إلا أن منافسي لم ينبس ببنت شفة بل مضى كالسابق يهز برأسه من فوق إلى تحت بحزن وخضوع.

ثم ضحكت… فاختفى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى