رأي

المقال السياسي:الشجرة المتجذرة…

حمدي حمودي

الشجيرة تهش وتهتز للنسيم البارد، وتتمايل أغصانها فرحا لقطرات الغيث وإن قلت، وتكاد تخضر لحظة ما تشرع السماء في الغزل من صوفها الأسود حبات المطر الرطبة اللامعة، كما تخرج الفراشة الزاهية من شرنقتها الصوفية.
وتتهامس الأشجار بهرجة وفرحاً، كلما لاح وجه غيث كريم، وإن بان، فلا بد أن تصل رياحه أو تمر من بينها خطى نداه.
وعندما ينحبس المطر وتبخل السماء، تتخلى الشجيرة عن مظاهر البذخ وعلامات الثراء الزائف: ورقها وزهورها وبراعمها الغضة. تسقط من يدها الخائرة الواهنة، كل الثمار كي تنبت من يخلفها ويكثرها وتقتصد في مواردها.
فتبدو شاحبة خشنة تخرج شوكها لكل عابث بها.
تبدو كل مظاهر الشجيرة منسجما مع المرحلة التي تمر بها إنها مراحل الموت أو الحياة.
فلا ورقة خضراء، ولا وردة ملونة ولا غصنا أخضرا، ولا ثمرة يانعة مكتنزة صبوح.
فإن بان لك مظهر بذخ فهو نبات متطفل بغيض يعيش على ألمها وليس من نسيجها أبدا بل هو محتال كالطحلب أو الفطر بلا ساق ولا جذر بل هو الخطر عليها والمرض القاتل.
استراتيجية البقاء للأقوى الذي لا يكون إلا بتكتيكات جديدة تشرع في اتخاذها ف تمد الشجيرة جذيرها في الأرض الرحيمة وتبدأ في مقاومة الموت بالحفر في الأرض وتجذير نفسها
وتمد جذيرها الرقيق بين حبات الرمل تمتص ما تبقى فيها من ندى ورسا وعلق بها من بلل.
فلا بد لأوقات الصبر وأيام الجفاف، أن تنجلي وتمر وإن طالت.
ولا بد للغيث أن يهطل ولا بد يوما من أن تتحول الأرض الجافة الى وديان ممتلئة بالماء وبالحياة.
سنة الله بقاء الحال من المحال.
بقلم حمدي حمودي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى