أخبار هبنقة

المرة الأولى من حياتي الزوجية أخاطب فيها زوجتي ولا تعيرني أي اهتمام

شامخ الشندويلي

ذهبت إلى غرفتي وبدلت ثيابي وتمددت على سريري واغمضت عيني !!!
ولم أفتح عينيَّ إلا على صوت المؤذن يؤذن لصلاة العصر، فخرجت من الغرفة متوجها إلى المطبخ فوجدت زوجتي منهمكة في إعداد المائدة…..
جلست إلى المائدة وسألتها ماذا طبخت لنا اليوم ؟
إلا أنها لم ترد !!! فعاودت السؤال مرة ثانية وثالثة فتفاجأت انها لم ترد …. فكانت دهشتي أسبق من غضبي !!!
إذ أنها المرة الأولى من حياتي الزوجية أخاطب فيها زوجتي ولا تعيرني أي اهتمام.
ودخل ابني المطبخ, فطلبت منه إحضار زجاجة ماء من الثلاجة، لكنه هو أيضاً لم يرد على فازداد تعجبي منه ذلك الشاب الدمث الذي يُضرب به المثل في الأدب وحسن الخلق !
فهممت بالخروج من المطبخ فإذ بزوجتي تقول لأبني: اذهب وأيقظ أباك لتناول الغداء ! هنا بلغ مني العجب مبلغه !فقد اتجه إبني إلى غرفتي ليوقظني ,,, فصرخت فيه بعلو صوتي أنا هنا، لكنه يلتفت إليَّ ومضى مسرعاً وتركني غارقاً في ذهولي.
وبعد دقيقة أو يزيد عاد وقد ارتسم الرعب على وجهه / أمى …أبى لايجيب !!! فازدادت دهشتي، ودخلت زوجتي مسرعةً إلى الغرفة وخلفها الأولاد مذعورين فتبعتهم لأجدها تحاول إيقاظ شخص آخر في سريري يشبهني تماماً، وبنفس بيجامتى ..وما إن يئست من إيقاظه حتى بدأت عيناها تغرورقان بالدموع وبدأ أولادي في البكاء والنحيب ومناداة ذلك الرجل الملقى على فراشي والتعلق بثيابه أملا في الرد.
وأنا لا أصدق ما يجري حولي !!! وجاء الجيرام والكل يقول البقاء لله رحمه الله
يا إلهي ما الذي يحدث ؟
ذهب إخوتي للإعداد للجنازة وخرَّ أبي على الكرسي يبكي وأنا في ذهول تام.
جاء المغسل وبدأ في تغسيل ذاك الجسد الملقى على فراشي بمساعدة أبنائي ولفه بالكفن ووضعه في التابوت.
وتوافد الأصدقاء والأحباب إلى البيت والكل يعانق أبي المنهار ويعَزُّون إخوتي وأبنائي ويدعون لي بالرحمة ولهم بالصبر والسلوان.
ثم حملوا التابوت إلى المسجد ليصلُّوا عليه،وخلا المنزل إلا من النساء. فخرجت مسرعاً خلف الجنازة المتجهة إلى المسجد حيث اجتمع الجيران والأصدقاء واصطفوا خلف الإمام ليصلوا علي.
ووسط هذا الزحام الشديد وجدتني أخترق الصفوف بيسر وسهولة دون أن ألمس أحدا.وتوجهت إلى ذلك الصندوق وكشفت الغطاء أنظر إلى ذلك النائم فيه..
وما إن كشفت عن وجهه حتى فتح عينيه ونظر إليَّ وقال: ثم قال لازمتك ما يزيد عن أربعين عاما واليوم أنا وأنت إلى التراب إلى الحساب
ولم أشعر بنفسي إلا وأنا ملقى في التابوت فاقدا السيطرة على كل شئ
ثم سمعتُ أصوات أقدام متجهة إليَّ,
يا ويلتى سيبدأ الحساب !!!
هذا ما كان يقال لي في الدنيا,,,,
لابد أنهما منكر ونكير في طريقهما إليَّ,,,
وبقيت أصرخ في عتمتى : رب ارجعونِ ، رب ارجعونِ لعلى أعمل صالحا فيما تركت !!!
ولازلت على هذه الحال حتي تدفق إلى مسامعي صوت الأذان مع صوت رقيق يهمس في أذني : بابا.. بابا.. الغداء يا بابا….
ففتحت عينيَّ لأجد ابنتي وفلذة كبدي مبتسمة كعادتها في وجهي وهي تقول: ” يلا يا بابا قبل الأكل ما يبرد”
احتضنتها بلهفة وقبلت جبينها وانا اقول لا ياابنتى هذا وفت الصلاة
وقمت لاتوضأ فألحق بجيرانى بالمسجد وأنا أخاطب نفسي فى حزن دفين:
ها يا نفسُ قد عدتي ..فأريني أي صالحٍ ستعملين قبل أن يأتي يوم فيه تُسألين وتطلبين الرجعى فلا يستجاب لكِ ولاترجعين….
سارع بالخيرات بأعمال الصالحات (………. وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
[سورة لقمان 34]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى