ثقافة

الفقه المالكي والدستور الفرنسي

شدري معمر علي الفقه المالكي والدستور الفرنسي

يوضح المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه “حضارة العرب”، نقلا عن الكاتب “عائد عميري”: (أن القائد الفرنسي العسكري الشهير نابليون بونابرت عند عودته إلى بلاده فرنسا راجعًا من مصر سنة 1801، أخذ معه كتاب فقهي من مذهب الإمام مالك بن أنس اسمه “شرح الدردير على متن خليل”، ويعتبر الفقه المالكي أول فقه إسلامي رافق الأوروبيين.

هذا الكتاب الفقهي الذي أخذه بونابرت معه، يقول لوبون، إنه بنى عليه القانون الفرنسي الذي كان أحد أهم أسباب نهضة الدولة، خاصة في مادة الأحكام والعقود والالتزامات، ليكون بذلك للفقه الإسلامي خاصة المالكي أثر كبير في التشريع الفرنسي خاصة مدونة الفقه المدني المعروفة بمدونة نابليون).

يقول العلامة ” سيديو”: (والمذهب المالكي هو الذي يستوقف نظرنا على الخصوص لما لنا من الصلات بعرب إفريقيا وعهدت الحكومة الفرنسية إلى الدكتور بيرون في أن يترجم إلى الفرنسية كتاب المختصر في الفقه للخليل بن إسحاق بن يعقوب المتوفى سنة 1422 م ).

وقد وضحت الأستاذة ” فوزية بن حورية ” هذا التأثير في مقال لها فقالت : (لقد درس سلفستر بقرطبة خاصة الفقه المالكي، الا وهو فقه مالك ابن انس الذي استرعى انتباهه وحاز اعجابه حتى استحوذ على كيانه حد السيطرة عليه. فاعتنى به عناية فائقة لها فعالية بلغت الحد الاقصى. وانكب على دراسته دراسة معمقة لسنوات عديدة. ولما عاد الى فرنسا لم يقدم لهم الاسطرلاب وما تعلم هناك من علوم فحسب بل قدم لهم ايضا كنزا ثمينا جدا لا يضاهيه كنز ونورا معرفيا منيرا لدروب مسالك الحياة المظلمة والشائكة والمتشعبة في اوروبا المظلمة، اوروبا العصور الوسطى الا وهو الفقه المالكيـ واصولهـ بما فيها من بيوعات وشراءات وتعويضات ومبيعات وشروط…الخ. انه قانون عجيب ومخيف يعني قانونا كاملا متكاملا، مدونة قانونية متكاملة تضبط كل شروط الحياة بالعدل والانصاف، على خط العدل والصراط المستقيم. هذا روح الاسلام درسه البابا سلفستر الثاني تماما وتفقه في الفقه المالكي جيدا، ولكنه كذب عليهم وقدمه لهم على انه القانون الروماني المبتكرالجديد ولم يفصح عن الحقيقة ويبين لهم جلية الامر ويقل لهم ان هذا القانون ما هو في الاصل الا فقه المسلمين، فقه رجل اسمه الامام مالك ابن انس. نعم كذب عليهم وقدمه اليهم على انه قانون روماني جديد. قائلا لهم هذا اسمه القانون الروماني الجديد وضل يتنامى ويشتغل عليه الى ان انتهى بالقانون المعروف بقانون نابليون).

هذا هو تاريخنا الذي يريد أن يطمسه المستغربون أصحاب الأفكار الميتة والمميتة.


الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى