أحوال عربيةأخبار العالم

الفاشية في إسرائيل بين الممارسة والقبض على الحكم؟!

محمد النوباني الفاشية في إسرائيل بين الممارسة والقبض على الحكم؟!


لاحظت أن بعض المثقفين والمحللين السياسيين لا يفرقون لدى حديثهم عن دولة الاحتلال الإسرائيلي بين السلطة الفاشية التي تصادر في مرحلة معينة الحريات العامة وتمنع الحياة البرلمانية وتلغي الاحزاب السياسية وتمنع تداول السلطة عبر الانتخابات وبين الممارسة الفاشية التي تعتمد العنف والإرهاب والحرب وسيلة لتثبيت وتأكيد السيطرة.
ولذلك فقد إعتبروا بأن الحديث عن صعود الفاشية إلى الحكم في إسرائيل على ضوء نتائج الإنتخابات العامة التي جرت مؤخراً في الكيان الإسرائيلي والتي حقق فيها اصحاب شعار الموت للعرب إلى جانب نتنياهو نصرا كبيرا هو تبرأة لمن حكموا إسرائيل قبل هذا الصعود من تهمة الإرهاب والقتل وارتكاب المجازر ضدنا.
وجواباً على هؤلاء نقول بأن إسرائيل دولة احتلال استيطاني كولونيالي تحكمها اديولوجيا عنصرية هي الاديولوجيا الصهيونية التي اعتبرتها الامم المتحدة في قرار صادر لها في ١٠ كانون ثاني عام ١٩٧٥ شكلا من أشكال النازية والفاشية،قبل أن يلغى هذا القرار بضغط امريكي، ولكنها نجحت في تسويق نفسها بدعم امريكي وغربي بأنها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، إلى جانب عالم عربي متخلف تحكمه أنظمة ديكتاتورية مستبدة لا تعرف صندوق الاقتراع حتى عندما يتعلق الأمر بنادي رياضي او بجمعية خيرية. وفي هذا الاطار فلا ضرر من إعادة التأكيد على أن كل التشكيلات والاحزاب السياسية التي وجدت في إسرائيل و كل من تعاقب على حكمها منذ قيامها وحتى اخر انتخابات كان فاشياً في ممارساته السياسية إزاء الفلسطينيين والعرب و يداه ملطخة بالدماء من بن جوريون وحتى لابيد.
ولكن ما جرى أن مجتمع المستوطنين الذي تفاقمت ازماته الداخلية في العقود الاخيرة اولا جراء مقاومة الشعب الفلسطيني التي لم تتوقف للمشروع الصهيوني،رغم حقبة آوسلو المظلمة، وثانيا جراء عجزه عن تجميع كل يهود العالم اقليميا في فلسطين وارتفاع نسبة الهجرة المضادة إلى الخارج نتيجة تلك المقاومة وحالة انعدام الامن التي رافقتها،وثالثا جراء تعمق تناقضاته الداخلية بين غربيين وشرقيين، إشكناز وسفارديم، وفلاشا والإشارة وغيرهم، قرر تسليم قياده ليس للقوى اليمينية والفاشية الأكثر تطرفا وعداء للفلسطينيين والعرب،فكلهم كذلك، بل للقوى الأكثر وضوحاً في رفع شعارات الحركة الصهيونية والتي تؤمن بالفاشية اسلوباً وحيدا للحكم.
وغني عن القول في هذا المجال بأن صعود الفاشية إلى حكم إسرائيل سيعمق تناقضاتها الداخلية، وسيكشفها على حقيقتها امام العالم كدولة احتلال وتميز عنصري “ابارتهايد” لا سيما أن بعض الحركات الفائزة في الانتخابات مصنفة إرهابية حتى في الولايات المتحدة الامريكية، ولكن واهم من يعتقد بأن مثل هذا التطور سيضعف من مستوى التاييد الامريكي والغربي لها.
فهذا التأييد له بمصالح طبقية من جهة وبقرابة دينية بين الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية التي يؤمن اتباعها بأن دعم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتمكين الصهاينة من هدم الاقصى وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه هو ضرورة لعودة المسيح المنتظر وخوضه لمعركة “همرجديون”
وبقية القصة المعروفة.
وهذا ما عبر عنه الرئيس الامريكي المتصين جو بايدن عندما قال لدى استقباله الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ لو لم توجد إسرائيل لكان يتوجب علينا اختراعها.
وكلام بايدن هذا يذكرني بما قاله ذات يوم مؤسس الحركة الصيهونية تيودور هيرتزل حينما قال “لو لم توجد الحركة الصهيونية لاوجدتها بريطانيا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى