مجتمع

الصداقة في مجتمعنا صالح مهدي عباس المنديل

الصداقة في مجتمعنا صالح مهدي عباس المنديل

من بعض قابليات العقل البشري هي بناء صور خياليه في العقل الباطن و من هذه مثالاً هو مفهوم الصداقة و بالذات لدى الشعوب العربية. يتمكن العقل من خداعنا ببناء مثل هذه الأوهام وتكون عادة مبنية على قليل من الحقائق و كثير من الأفتراضات و الأوهام و ملأ الفراغات التي يقوم بها الدماغ بدون ان نشعر بشيء حتى تبنى لدينا صورة وهمية في مخيلتنا غالبا ما يكون لا وجود لها في عالم الحقيقة. تقابل سين من الناس وتجده بشوش و مجامل، يستمع جيداً لما تقول و يتعاطف بشكل مناسب تماما لما تقول و كما تتوقع، فيكبر الشخص في عينك، تحبه حقاً و تبدا تفكر به بأعجاب عند غيابه. و هنا يستلم الفكرة الأيجابية عقلك الباطن لكن هناك بعض الفراغات من المعلومات الناقصة حيث يبدأ العقل بملأ تلك الفراغات بصفات ايجابية تتماشى مع ما لدينا من تصورات و انطباعات. وتزاد الحالة سوأ بمرور الزمن و بالذات عندما نبدأ نحدث الآخرين عن صفات ذلك الشخص، تجد نفسك مرغما على ان تزيد من كيل المدح بدون قصد العقل الواعي، انما هو عقلنا الباطن الذي يحاول ان يعرض صورة مقنعة للمستمع.
نجد الأدب و الفلكلور الفني في العالم العربي مليء بالكتابة وبالحديث عن غدر الصديق و انعدام الوفاء لدى الأصدقاء، وكلنا في يوم من ايام حياتنا جربنا غدر الأصدقاء و نكران المعروف، مع ذلك المثل الدارج يقول اذا سلمت من سعيد ما يجيها من بعيد، اي ان الظاهرة معروفة و موثقة و على الرغم من ذلك فان بني الأنسان يعيدون الأخطاء جيل بعد جيل، ليس لأننا لا نتعلم من الدروس بل هي سنة الحياة، الأنسان يتعلم بصورة احسن من اخطاءه. و ها يجب الأشارة الى شيء مهم و هو التعليم، يجب ان نعلم الأجيال انه لا يوجد شيء اسمه صديق بالمعنى الذي نفسره في الثقافة العربية. اثبتت التجارب ان الصديق يسرق و يغش و يقتل و يغدر و ينكر الجميل، ربما ليس لأنه سيء بل العلة فينا حيث مكناه من انفسنا و استطاع بمرور الأيام ان يعرف الكثير عنا من معلومات تخص الطابع و العادات و السلوكيات بل حتى ما نملك و ما لدينا من اسرار، وبالتأكيد من يعرف عنك الكثير هو اخطر بكثير جدا عليك من الغريب.
عندما تركت العراق ورانا اعيش في استراليا الآن وجدت ان مفهوم الصديق ليس له وجود في الثقافة الغربية المبنية على حرية الفرد، الناس لا يدخلون احد في بيوتهم الا لسبب مهم جدًا، لا يتصلون بالهاتف الا لمناقشة امر عملي مهم، لا اقتراض اموال و لا اطلاع على اسرار، لذا مفهوم معاتبة الصديق و النوح بسبب غدر الأصدقاء غير موجود.
بأمكانك ان تفكر بالموضوع وتكن حذرا لكي لا يستغفلك صديق مزيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى