دراسات و تحقيقاتمجتمع

الشخصية الجزائرية

كنت على وشك انهاء كتابة منشور عن ” الأدب الجزائري والعالمية “. حتى تداخلت الأحداث وتكاثرت فقلت ربما اكتب عنها جميعا ولو باختصار غير مخل على شكل ومضات , واترك التفصيل لقابل الأيام , ولن أكون إلا جزائريا يبدوا انه يفهم في كل صغيرة وكبيرة وله رأي مستقل يبديه يحتمل الخطأ قبل الصواب , لكن المؤكد أني أقرا تقريبا كل ما يكتب وأتابع بدقة وأقارن ما يسطره الجميع دون استثناء؟.

هكذا قرأت كل ما توصلت إليه من ردود وتصريحات الروائي محمد مولسهول ( 1955 بالقنادسة بشار ) المدعوا باسم زوجه ياسمينة خضرا (ة)! ومن الغريب جدا ان لا تظهر معه أبدا فضلا عن أن تتحدث وهو التنويري الذي كتب عن ” سنونوات كابل ” و اتهم الإسلاميين بالتحجر! وتحديدا ظُلم المرأة (1) ويزداد الأمر غرابة وأنت تستمع إلى ما يقول ليس طبعا من ناحية النطق وانما حتى في تسلسل الأفكار فتجد التناقض بين الجملة والتي تليها فهو يقول مثلا انه مهتم بأسرته ولا تجمعه علاقة مع احد ثم يفند ذلك بوجود علاقات كثيرة له , ويقع مرة أخرى في تناقض عدم التواصل مع الأدباء الجزائريين لأنه أحسن منهم…ثم لا يجد تفسير لعدد الذين استقبلوه ؟ حيث احتُفي به مثل نجوم الغناء و لاعبي الكرة. حتى هو لم يصدق الجمهور الغفير الذي يلاحقه في كل لقاءاته وندواته، متتبعاً بشغف كل ما يقوله. فتحدث بكبرياء وعجرفة في قاعة المكتبة الوطنية ، وفي تيزي وزو..وكأنما به غرور وان حاول نفي ذلك دون اعتذار ( كما سيفعل المغرب ؟) , هذه التناقضات في جلسة واحدة لبعض الجمل من الغريب جدا ان تجتمع في من ألِف كتابة جمل كثيرة بل فقرات وصفحات وكتب وروايات بانسجام تام من المقدمة إلى الخاتمة دون أي تناقض , طبعا قرأت روياته وكتبت عنها وافرق جيدا بين الكاتب والكتاب والمواقف إلا ما كان منها في لب كتابه وخدمة أجنداته الإيديولوجية المحشية في الرواية حشوا. او منتشرة في كل ما يكتب ” كالمستلب ” الذي لا يحسن الكتابة الا بجلد الذات وسب أبناء جلدته تقربا الى المستدمر زلفا والحنين الى جلاده . ومن أجمل ما يمكن ذكره عن رواياته أنها ” غير مبتذلة ” ولا ” مراهقة جنسية فيها ” . كما انه ذكر في تصريحاته الأديب الرمز مالك حداد بإعجاب وهذا نادر جدا عند زمرة الفرنكوفونين . وفي هذه النقطة شببه كثيرون بالشاب خالد.

ثم انه يمضي بتصريحاته إلى الطفولة أين كان عنده حلم أن يصبح المتنبي لكن معلم اللغة العربية ( الجزائري ) لم يشجعه ، في المقابل معلم الفرنسية ( الفرنسي ) شجعه ؟ الرجل يتحدث عن مدرسة أشبال الثورة (العسكرية) يا دادا وفي وقت بومدين يا خالي , وعلى ذكر مدرسة “أشبال الثورة ” كانت الأخبار تتحدث عن نسبة النجاح في امتحان شهادة البكالوريا لدورة جوان 2022 ، لدى دفعات مدارس أشبال الأمة للطور الثانوي، عسكري 17ر98 بالمائة، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني ؟ في المقابل بلغت نسبة النجاح حسب بيان لوزير التربية الوطنية ، على المستوى الوطني، مدني 75ر58 بالمائة. وكانت هذه الازدواجية في التعليم المدني العسكري قد تم إحياؤها بعد 19 سنة من التخلي عنها ؛ حيث أعيد إنشاؤها سنة 2008 باسم “مدرسة لأشبال الأمة” .بهدف معلن :” تأسيس قطب امتياز لتكوين إطارات المستقبل لفائدة الجيش الوطني الشعبي”. الشاهد ان الروائي الذي تربى في مدرسة أشبال الثورة وجد تشجيعا من مدرس اللغة الفرنسية الفرنسي وصور له مدرس العربية كغول ثبطه عن ان يصبح شاعرا كالمتنبي ليس ذلك فقط بل ان منهج العربية المتبع كان يومها يقارن بين شعر المبتدأ وشوقي . فيرهق المتعلم ويكره اللغة وأهلها ويشكل عقيدة بذلك , وحيث كان والده ضابطًا ممرضًا.فقد التحق مع أخويه الأصغر سنًا منه بمدرسة أشبال الثورة وعمره لا يتجاوز التاسعة ( 09 سنين !). أنهى مجلده الأول من القصص القصيرة في سن الثامنة عشر أثناء وجوده في المدرسة العسكرية،والذي سيظهر بعد أحد عشر عامًا باسم «حورية» في 1984 ، يلتحق بأكاديمية شرشال العسكرية حتى تخرج منها برتبة ملازم عام 1976، ثم التحق بالقوات المحمولة جوا، وخلال فترة عمله في الجيش نشر ثلاث مجموعات قصصية وثلاث روايات موقعة باسمه الحقيقي بين1984-1989 !في أوائل التسعينيات كان متمركزًا على الحدود الجزائرية المغربية وفي ولاية وهران كقائد في القوات الخاصة !!! ، اعتزل! ( لم يتقاعد ) الحياة العسكرية في عام 2000 بعد 36 عاماً من الخدمة وقرر التفرغ للكتابة واستقر لاحقاً مع أسرته في فرنسا؟.في العام التالي 2001 نشر روايته «الكاتب» التي أفصح فيها عن هويته الحقيقية ( وهنا كان يفترض ان يكتب باسم الحقيقي من يومها )….يذكر أن رئيس الجمهورية عينه مديرا للمركز التقافي الجزائري بباريس وأقاله سنة 2014 بعد عامين فكتب مقالا ( يهجوه فيه ؟) . ثم انه ترشح للرئاسيات 2014 ولم ينل شيئا . وكانت صحف تحدثت عن تعيين وزير الثقافة السابقة، خليدة تومي، على رأس المركز الثقافي الجزائري في باريس يومها دون ان يتحقق الخبر في 2014 ؟ تتزامن الكتابة عن الثقافة ومآسي رجالها مع خبر الإفراج المشروط لوزير الثقافة السابقة خليدة تومي بتهم الفساد بتبديد أموال عمومية، ومنح امتيازات غير مستحقّة، وسوء استغلال الوظيفة”,في “التظاهرات الثقافية الكبرى” بعد ثلاث سنوات قضتها في السجن بتُهم تتعلّق بـ”الفساد”. حيث نظمت خلال فترة حكمها (2002 – 2014) عدداً من التظاهُرات الثقافية التي خُصّصت لها موازنات مالية كبيرة؛ أبرزُها “سنة الجزائر في فرنسا” (2003)، و”الجزائر عاصمة للثقافة العربية” (2007)، و”المهرجان الثقافي الأفريقي” الثاني (2009)، و”تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية” 2011.وكانت العقوبة أربع سنوات ( يفترض ان تكتمل في نوفمبر 2023).

هكذا إذا تتزاحم الأحداث وما تكاد تنتهي من موضوع حتى تجد نفسك في موضوع آخر ؟ فذكرت وسائل التواصل الاجتماعي بكل امتعاض ما يحدث في مهرجان تيمقاد في شهر محرم الذي أعلنت وزارة الشؤون الدينية عن بدايته يوم السبت الموافق 30-07-2022م , وذكرت الزكاة دون تحديد النصاب . وشهر محرم وعاشوراء تحديدا في الموروث الجزائري له وقع خاص ومميز جدا فهو على خلاف العالم الاسلامي السني يوم عطلة مدفوعة الاجر ويؤكل فيه القديد ( لخليع تاع العيد ) ..وقد كتبت يوما تحت عنوان : (الجزائري هل هو شيعي الهوى ام علوي بالسلوك أم سلفي بالفطرة أم زهواني عموما ( أم هو كل ذلك )؟ مقالا حاولت فهم هذه الظاهرة وهل من انفصام للشخصية في ذلك؟ :” إِبحث مثلا عن سبب إِحتفاء الجزائري بمحرم والعاشر منه ؟ وبسبب تسمية الخامس عشر من شعبان بقسام لرزاق ؟ سيحيلك البحث مثلا ان الخامس عشر من شعبان هو يوم تعتقد الشيعة الاثنى عشرية انه يوم ولد فيه الامام الثاني عشر .وهي كما ستلاحظ ما يعتقد اهل السنة والجماعة في ” المهدي المنتظر” والنصارى في “المخلص ” بتفاصيل تختلف عند الملل وتتفق في يقينية نزوله والتغيير الأخير. اغرب ما في الأمر ان المؤرخ عندما يريد تفسير ذلك بان الدولة الفاطمية الشيعية كانت هنا في الجزائر منشأ وتطورا وان قبيلة كتامة البربرية التي احتضنتهم حبا وكرامة في آل البيت ولدت ورسخت تلك التقاليد ؟ هذا الطرح يصطدم بان الخلافة الفاطمية او الدولة العبيدية من الشيعة الاسماعيلية ؟ التي لا تعتقد أصلا بوجود الإمام 12؟ واكثر من ذلك فان احتفالاتهم المشهورة لا وجود فيها لليلة النصف من شعبان ؟ والجزائري السني افتراضا اشد احتفالا بعاشوراء وحبا للحسين والأكثر فهما للمظلومية بالفطرة ؟

في هذا المجال أيضا ستلاحظ ان من الظواهر التي تكررت كثيرا هذه السنة تزامن ( متلازمة ) الحفلات الساهرة الساخبة في الأيام المباركة المشهودة , وتواجد ” كثافة للجماهير ” هنا وهناك ؟ وقد يكون نفس الشخص الذي يصلي التراويح يذهب ليروح عن نفسه في الحفل الساهر الذي وان أقيم أمام المسجد فالمبرر الجاهز انه بعد التراويح وان كان في ليلة القدر ” شوية للرويحة وشوية للويحة . ” ( حتى كأنك تسمع شطر بيت شوقي :” أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ” او بيت المتنبي عن الحمى ” التي لا تزوره الا في الظلام ” وزائرتي كأن بها حياء *** فليس تزور إلا في الظلام). ففي الأشهر الحرم التي أمرنا بتعظيمها، والتي يستحب فيها الصوم، كقوله صلى الله عليه وسلم لابن عمر: صم من الحرم واترك. مع الحث على اغتنام الأيام الفاضلة والساعات المباركة،والحث على استباق الخيرات وتحين الفرص، كالدعاء ليلة القدر ,وقيام العشر الأواخر من رمضان ، يوم عرفة, وكل العشر الأوائل من ذي الحجة وفي الشهر محرم وعاشوراء…..تجد قوما آخرين كأن بهم حياء يقيمون حفلات وسهرات وعادة ما تكون أمام المساجد تحديدا ؟ كما حدث في بلدية ماشاء الله بالبويرة ( ولا تستغرب إن وجدت إعلان رسمي من وزارة الثقافة يحكي بصراحة :” بمناسبة العشر الأواخر من رمضان المبارك؟ …وزراة الثقافة تحي حفل فني ساهر بمدينة وهران برعاية المطرب آيت منقلات). وفي العشر الأوائل من ذي الحجة,حيث نظمت ” مصالح ولاية الجزائر” يوم الجمعة ليلا بالملعب الأولمبي 5 جويلية 1962 , حفل فني كبير ضم أجواق و فرق موسيقية ورقصات باليه وعروض فولكلورية وموسيقية في إطار الاحتفال بالذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال ؟ وفي احتفالات اختتام العاب وهران؟ تم استدعاء ” فنانين” دوليين من أصول جزائرية في شهر من الأشهر الحرم بل العشر الأوائل من ذي الحجة وقبل عيد الأضحى والاستقلال…ومنهم من لم يلب الدعوة ( لأنه عالمي ولم تتم دعوته إلا قبل أشهر فقط ؟). وكان لهم استقبال جماهيري منقطع النظير حتى ان بعض المخطوبات طُلقت لتفاجأ الخطيب بوجودها في استقبال الفنان ؟ وكان من بينهم من ردد معه الجمهور قصيدته المشهورة : “اشطح اردح يا بابا اشطح اردح زيد روح ارواح واحد زوج ثلاثة عاود اقلب اقلب “.

وفي بداية شهر محرم كانت استعراضات غير مسبوقة في افتتاح مهرجان تيمقاد ؟بمشاركة اكثر من 3 آلاف عارض وفنان , وكان الاستعراض على الطريقة الرومانية ؟يتم إلغاء الحفل الافتتاحي للمهرجان بسبب خلل فني ( انقطع التيار الكهربائي : وهو في الجزائر العميقة ينقطع يوميا ولم يتم إنهاء مهام احد ؟ ولا حتى استغربوا ). تم إنهاء مهام المحافظ وتمديد المدة مع مجانية الولوج إلى ” الحفلات الساهرة الساخبة”.وكان جنود رومان بلباسهم التقليدي الغريب عن المنطقة؟ يجوبون الاوراس برقص وفلكلور شاوي . وهو ما استهجنه كثيرون وانه من باب الإشادة بالمستعمر ؟ وقد يأتي الوقت الذي تجوب شوارعنا ألبسة الجنود الفرنسيس والحنين الى المعمرين الأقدام السوداء , وفي المقابل اعتبره البعض من الانفتاح على الآخر وتحديدا من الثقافة السياحية المفقودة وهوس الإعجاب بالسياح ” ليبين او مصريين..” ( كما كان يوما الإعجاب بالمهاجرين هوسا وطمعا ؟ الذين صدق فيهم المثل : ” توكلوا عام ما يعشيكش ليلة واحدة “.وأنهم يساهمون عمليا في غلاء المعيشة ؟ ونقل الأمراض ) وحضر فعلا جمهور غفير للحفلات .

في هذه الأجواء بثت الرئاسة الجزائرية عبر الفيسبوك مقتطفات للرئيس من اللقاء الإعلامي الدوري المزمع بثه كاملا (اليوم الأحد 31-07-2022 بدءا من التاسعة والربع مساء (21:15سا)، على القنوات التلفزيونية والإذاعية.). من أهم ما جاء فيه : الزيادات في الأجور ومنحة البطالة لان هناك مداخيل إضافية مع شكر عمال سونطراك ، ملف السيارات لا مشكل مع ايطاليا . إنتاج مشترك مع ايطاليا ، التغيير الحكومي مرتقب ، البيروقراطية، وفي ما يبدوا جوابا عن سؤال ” مستفز ” عن الاحتفالات والتركيز على ” الزردة ” رد الرئيس بسؤال استنكاري : ” أليس لنا الحق في أن نبين اللٌحمة بين الجيش والشعب؟” . الجزائر أولى بلم الشمل. وفي موضوع مستقبل اللغة الإنجليزية في الجزائر أكد انها ستدرس هذه السنة في الابتدائي وهي اللغة الدولية والعالمية ؟ واستطرد قائلا :” إن اللغة الفرنسية هي غنيمة حرب بالنسبة للجزائريين؟”. في توظيف غير منسجم لمقولة “كاتب ياسين” صاحب رواية ” نجمة ” و المثير للجدل حتى بتلك المقولة التي قالها في سياق حب الفرنسية ؟ وضرورة وحتمية الاحتفاظ بها وتدريسها ؟ وان كان ولابد للاستدلال بأحد أعمدة الأدب الجزائري فهو قول مالك حداد :”اللغة الفرنسية منفاي، ولذا قررت أن أصمت” .لم تكن هناك أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد في المقتطفات للجار الجنب ( ولان اللقاء كان مسجلا فمن المحتمل ان يضاف مقطع للرد الضمني ولو دبلوماسيا عن فتح الحدود المشروطة بالاعتذار غير المحقق , والذي يستغرب فعلا سبب عدم تقديمه من المغرب ).

سبق ذلك خبر مهم جدا عن : ” إعطاء وزير الطاقة والمناجم إشارته لبداية استغلال منجم (غار الجبيلات) بتندوف بشراكة جزائرية-صينية.” دون ذكر الرئاسة . وذكر احدهم – عبارةً تراثيةً تُروى عن العلامة سيد المختار بن بلعمش رحمه الله يقول فيها: ((تندوفْ رزقُها يأتي من بعيدْ، والباغي فيها يموتُ بالحديدْ))

في تلك الأثناء كان خطاب ملك المغرب محمد السادس يبث على انه مباشر بمناسبة الاحتفال بعيد العرش ، الذي يصادف حلول العام الهجري الجديد ،وتحدث فيه عن مدونة (قانون) الأسرة وبصفته أمير المومنين فانه لا يحل ما حرم الله. والوضع الاقتصادي وكورونا ثم ردد ان له رغبة لدى الرئاسة الجزائرية أن يضع المغرب والجزائر يدا في يد ليقيم البلدان علاقات طبيعية بين شعبين شقيقين تجمعهما روابط إنسانية ومصير مشترك ونريد للحدود بين المغرب والجزائر أن تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر وأن تعطي المثال للشعوب الأخرى”. ظهر الملك متعبا جدا .

في الختام يبقى السؤال مطروحا هل يمكن للإنسان ان يكون متعدد الاهتمامات في التفكير والسلوك , وهل يمكن الحديث عن مثقف لم يقرأ رواية أو شاعر لا يتذوق الشعر أو إنسان معاصر لا يسمع الأخبار ؟

عزوق موسى محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى